الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

وثائق امنية عن سيارات مفخخة.. معظمها غير صادق!

عباس صالح
A+ A-

نشرت اليوم "وثيقة اتصال أمنية" على بعض المواقع الالكترونية، وهي عبارة عن نسخة من مذكرة أمنية مرسلة من نائب رئيس الأركان للعمليات في الجيش، ذكر انه جرى تعميمها على سائر الإدارات والأجهزة الأمنية في العاشر من الشهر الجاري، و تتضمن في نصّها تحذيرا من "سيارتين" مفخختين توافرت معلومات تفيد بأنّ إحداها وهي من نوع جيب "سانغ يونغ" فضي سيصار إلى تفجيرها في منطقة الحمراء، بينما السيارة الثانية هي سيارة فان من نوع " تيررا" أبيض يحمل لوحة تسجيل مزورة ومن المحتمل إستعماله بعمل إرهابي في مكان آخر.


"النهار" حاولت تأكيد ما ورد في البرقية المسربة من معلومات أمنية، فلم تنف الجهات المختصة او تؤكد المعلومات، علماً انها على قدر كبير من الخطورة، لا سيما وان ما يروّج في مثل هذه الحالات المماثلة يخلف أجواء من الذعر والخوف والهلع لدى المواطنين الآمنين، قد تصل الى درجة أشبه بالهستيريا العمومية، وخاصة لدى قاطني المناطق التي يرد ذكرها في هذه الوثائق، مما يجعل بعضهم يغادرها الى أمكنة أخرى يظنها أكثر أمنا، وتصل بالبعض الآخر الى التفكير بالهجرة النهائية من بلاد هجرها الامان وباتت مرتعا للاشرار والمجرمين والقتلة.
وبغض النظر عما اذا كان ما ورد في الوثيقة من معلومات "أمنية" صحيحا ام انه من دس أفراد أو عصابات تحترف ترويج الشائعات المغرضة لأكثر من هدف، فإن نشر هذه الوثيقة أعاد تسليط الاضواء من جديد على جدوى نشر هذا النوع من الوثائق التي يجب ان يتم التعامل معها بمنتهى الكتمان، وخاصة انها تمهر بخاتم "سري للغاية"، باعتبار انه لو كانت المصلحة الامنية تقضي في ان يتم تسريبها الى وسائل الاعلام بهدف إشراك المجتمع في الاجراءات الامنية أو حتى الاحترازية، لكان الجهاز الامني المعني بهذا النوع من المعلومات عممها بموجب بيان رسمي صادر عنه.
من هنا ينطلق مصدر أمني رفيع الى القول ان نشر هذا النوع من الوثائق مؤذ للغاية، وهو عمل يوحي بانعدام المسؤولية في أحسن حالاته، سواء لدى العناصر التي تتولى التسريب او لدى المواقع الاعلامية، التي تنشر تلك الوثائق من دون النظر الى التداعيات السلبية التي يمكن ان يتركها مثل هذا النشر على الملف نفسه اولا، وعلى القضية والمعلومة اذا كانت صحيحة، على اعتبار ان نشر مثل هذه الوثائق في الحالات الجدية من شأنه أن يلفت أنظار المجرمين الى أنهم باتوا تحت أعين الاجهزة الامنية والعسكرية والهيئات الاجتماعية وكل شرائح المواطنين، وبالتالي سيضطرون الى ان يبدلوا أهدافهم في اللحظة الاخيرة، وهو ما من شأنه ان يجعل الكارثة أكبر لا سمح الله، في حال وقوعها، وبالتالي سيصرف الانظار حكما عن القتلة الذين سيحيطون أنفسهم بهالة كبيرة من العمل السري، كونهم علموا مسبقا ان خططهم باتت مكشوفة ويتم التداول باهدافهم على الانترنت والشاشات غيرها، عدا عما يمكن ان يتركه ذلك من عمليات إجرامية لإنهاء حياة كل مخبر قد تكون زرعته الاجهزة الامنية في أطر تلك الجماعات الارهابية، وتلك حكاية يطول الكلام حولها وفيها.
كيف يتم تسريب هذا النوع من الوثائق؟ وهل ان الوثائق غير الجدية هي التي يتم "رميها" على وسائل الاعلام، من دون النظر بهذه الدقة الى مآل الامور، ام يتم تسريب الوثائق الجدية وغير الجدية، في هذا الاطار؟ وكيف؟ وعلى أي أسس يتم ذلك؟ يقول المصدر الامني ان "أي معلومة ترد الى أي جهاز أمني، نحن مجبرون على التعاطي معها بالجدية الكاملة، وحتى لو كانت من المعلومات التي لا أساس لها فاننا نعمل على تعميمها، كجزء من واجباتنا، على سبيل الاحتراز وتنبيه الاجهزة الاخرى التي قد تكون تعمل على معلومة أخرى قد تفيد منها من خلال مقاطعتها مع ما لديها او غيره، مع علمنا بأن الكثير من هذه المعلومات لا تتمتع بالمصداقية الكافية، الا اننا مجبرون على ذلك في السياق الطبيعي للتنسيق. وخلال دورة هذه الوثائق قد يصورها بعض العناصر الامنية ويسربها للاعلام بتصرف غير مسؤول، وهكذا يتم نشرها من دون النظر حتى الى تصنيفنا لمصداقيتها".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم