الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ما قصة الرحلة الغامضة لـ"قارب الجنس"؟

جاد محيدلي
ما قصة الرحلة الغامضة لـ"قارب الجنس"؟
ما قصة الرحلة الغامضة لـ"قارب الجنس"؟
A+ A-

بدأت القصة باختطاف طائرة في تشرين الثاني عام 1972، حين كان عالم نفسي يدعى سانتياغو جينوفز عائداً إلى مكسيكو سيتي بعد حضور مؤتمر حول تاريخ العنف في مونتيري. وفي ذلك الوقت احتجز 5 مسلحين جينوفز إضافة إلى 103 أشخاص رهائن قبل أن يطلق سراحهم في صفقة تبادلية للإفراج عمن قيل إنهم سجناء سياسيون. استوحى العالم من عملية الخطف تجربة تهدف لدراسة السلوك البشري، واعتبر أن فكرة سفر مجموعة من الأشخاص في بحر مضطرب قد تكون مختبراً عظيماً لرصد السلوك البشري. كان الزورق بطول 12 مترا وعرض 7 أمتار وكان فيه مقصورة بطول 4 أمتار وعرض 3.7 أمتار، وكان هناك حيز ليستلقي الركاب على أرضية القارب لكن لم يكن بإمكانهم الوقوف. وكانت دورات المياه في الخارج، وكانت مكشوفة.

أطلق جينوفز على القارب اسم "أكالي ناهواتيل" أو "بيت على سطح الماء" بلغة السكان الأصليين للمكسيك. صعد عشرة أشخاص إلى القارب لقضاء مئة ويوم على سطحه في رحلة من جزر الكناري إلى المكسيك برفقة جينوفز. يشار الى أن ليس للقارب محرك وليس فيه كهرباء ولا توجد له قوارب إسناد. أعلن جينوفز عن التجربة كرحلة استكشاف في عدة مطبوعات في أنحاء العالم بحثاً عن متطوعين. اتصل به المئات، اختار منهم أربعة رجال وست نساء من جنسيات وخلفيات دينية واجتماعية مختلفة وأربعة فقط لم يكونوا متزوجين، واختيروا لخلق توتر ضمن المجموعة، بحسب ما قال جينوفز.

بدأت وسائل الإعلام في البحث عن تلك الرحلة حتى وصل الحد إلى وصفها بأنها "حفل جنس جماعي على قارب الحب". وما لبث قارب "أكالي" أن سمي بـ"قارب الجنس". أما الواقع على متن القارب فقد كان مختلفا تماماً، ولكن كان تحفيز العلاقات الجنسية أحد أهداف التجارب التي أعدها جينوفز. إذ اختار أشخاصاً جذابين جنسياً للتأكد من ارتباط العنف بالجنس. وفي الواقع، انخرط عدة أفراد من المجموعة بنشاطات جنسية، لكنها لم تؤد إلى عداوات وتوتر ملحوظ. والأهداف الحقيقية التي أرادها للدراسة، هي اكتشاف كيفية تحقيق السلام في العالم. ومن أجل تحقيق ذلك اراد جينوفز فهم العدوانية البشرية. لكن، ومع مرور الوقت، المظهر العدواني الوحيد الذي نشأ كان بسبب ظهور سمكة القرش وليس بسبب نزاعات بين أعضاء الفريق، وبهذا تحطمت آمال العالم النفسي حيث اعتبر أنه فشل.

بعد 50 عاماً، اعترف بعض أعضاء الفريق أن فكرة قتل العالم جالت بخاطرهم لأنه بدأ يتصرف كديكتاتور في محاولة منه لحماية تجربته، بل طلب قيادة المركب في مرحلة ما من المراحل. وحين وصل القارب إلى المكسيك عزل الطاقم بمن فيهم جينوفز لمدة أسبوع وخضعوا لفحوص طبية ونفسية. تعرض الأكاديمي للاكتئاب خلال الرحلة وتبرأت جامعته من الرحلة بسبب عنوان "قارب الجنس" الذي خرجت به الصحف، لكنه استمر في مسيرته الأكاديمية حتى وفاته عام 2013. أما بالنسبة للمشاركين، انتهت الرحلة كما بدأت، كمغامرة فقط. بالرغم من الصعوبات لم ينشأ خلاف على متن القارب، بل نشأت صلات بين أعضاء الفريق ما زالت قائمة حتى اليوم. واعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية لاحقاً أن التجربة نجحت في إثبات أن البشر ليسوا جميعهم سيئين كما يعتقد البعض وأن العنف ليس سلوكاً ينطبق على الجميع بل الجنس كان أهم منه، الا أنها اعتبرت أيضاً بأن العالم النفسي فشل في تحليل التجربة لأنه أراد فقط أن يثبت للعالم السلوك العنفي عند البشر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم