الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

سقط العام وانتصر الخاص

بطرس حرب
Bookmark
سقط العام وانتصر الخاص
سقط العام وانتصر الخاص
A+ A-
من طبيعة البشر التغيير مع تطور العلم والاكتشافات الحديثة. وكما أحدثت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر تبديلاً كبيراً في حياة الناس، فإن العصر الإلكتروني الرقمي والاتصالات أحدثت إنقلاباً كاملاً في علاقات الناس. فالكثير الكثير قد تغيّر في مسلكية البشر وثقافتهم ومجتمعهم، ما جعل "الأنا" تتقدم بشكل طاغٍ على "النحن" والمصلحة الخاصة تطيح بشكل شبه كلي المصلحة العامة، وهو ما أسقط الكثير من القيم والمفاهيم التي قامت عليها ثقافات الشعوب في التاريخ.فالثورة الإلكترونية أدت إلى نشوء مراكز التواصل الاجتماعي، ما حوّل البشر، من متفرجين، إلى مشاركين فعليين مؤثرين في سير الحياة العامة والخاصة، وما حرّر المواطن من واقع المُتَلقِّي، وأدخله إلى موقع الفاعل والمتفاعل، وإلى بروز ثقافة التواصل الاجتماعي المباشر وإبداء الرأي والقدرة المباشرة على التأثير على سير الأمور، وهو ما يشكل تطوراً إيجابياً يسمح لكل مواطن أن يكوّن رأيه وقناعاته من دون خضوعه لموروثات وتقاليد قد تعطّل نموه الديموقراطي الحر.إلا أنه بقدر ما لهذا التطور من إيجابيات، فإنه يحمل في طياته مخاطر وسلبيات، يجب العمل على تفاديها خوفاً من سقوط القيم الاجتماعية والأخلاقية والتراثية للمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان. فالثورة الإلكترونية أدّت إلى سقوط ثقافة المطالعة والكتب والصحف وحتى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، كما أدت إلى التأثير على روابط البشر في ما بينهم.ولقد كانت الروابط العائلية الأكثر عرضة للتغيير على كل المستويات، بحيث أصبح لكل إنسان عالمه الخاص المستقل عن عالم والده ووالدته وزوجته وأولاده وأشقائه وأقربائه. ولنا، في ما يعيشه كل واحد منا في محيطه، أكبر دليل على ذلك، حيث يقلّ الحديث والتواصل المباشر في مكان وجودنا، ويحلّ محله تواصل كل فرد مع المحيط الذي يختاره، ومع الناس الذين يختارهم، ومع الثقافات التي ترضي فضوله، ما خلق مجتمعاً جديداً متحرراً من كل القيود والموروثات والثقافات السابقة،...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم