الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

احذروا الأخبار الكاذبة وتأجيج المشاعر.... "هجوم إرهابي خطير في كينيا...147 مسيحيًّا قُتِلوا"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
احذروا الأخبار الكاذبة وتأجيج المشاعر.... "هجوم إرهابي خطير في كينيا...147 مسيحيًّا قُتِلوا"
احذروا الأخبار الكاذبة وتأجيج المشاعر.... "هجوم إرهابي خطير في كينيا...147 مسيحيًّا قُتِلوا"
A+ A-

كينيا. الخبر من هناك. "هجوم ارهابي خطير"، وفقا للزعم المتناقل في الساعات الاخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. وفيه انهم "فتحوا النار على تلاميذ الجامعة المسيحيين، وقتلوا 147 مسيحياً"... و"أين الاعلام العالمي من ذلك الإرهاب؟"، وفقا لتعليقات. صورة بالأبيض والاسود مرفقة بالخبر، تظهر فيها جثث ملقاة أرضاً، تأكيداً للخبر. ولكن ما صحة هذا الخبر والصورة المرفقة به؟ وهل شهدت كينيا في الساعات الماضية هجوما على جامعة قتل فيها طلاب مسيحيون، كما يزعم البوست؟

"النهار" دقّقت من أجلكم

النتيجة: ما يتم تناقله على ان هذا الهجوم وقع في كينيا في الساعات الماضية، ليس صحيحا اطلاقا، اذ انه حصل عام 2015. وكانت حصيلته النهائية، وفقا لارقام رسمية، 148 قتيلا، وليس 147 كما يزعم الخبر، بينهم 142 طالبا، علما ان المهاجمين الذين كانوا من حركة الشباب الصومالية الاسلامية، قتلوا اساسا الطلاب المسيحيين، وفقا لروايات ناجين، واعفوا عن الطلاب المسلمين. بالنسبة الى الصورة المرفقة بالبوست، فقد انتشرت ايضا على نطاق واسع كونها توثّق لهول المجزرة. ولكن السؤال: ما غاية تأجيج المشاعر الدينية لفئة محددة من الناس عبر اعادة احياء خبر وصورة قديمين على انهما حديثا العهد؟

الوقائع: منذ ساعات قليلة، بدأت صفحات وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تتناقل الخبر: "في كينيا فتحوا النار على تلاميذ الجامعة المسيحيين، وقتلوا 147 مسيحياً"، وفقا لبوست يتم التشارك فيه بكثافة. وقد أُرفِق، في صفحات، بصورة بالابيض والاسود، ظهرت فيها، على ما يبدو، عشرات الجثث الملقاة ارضا... والمشاركات والتعليقات كثيرة.

التدقيق:

-بحثا عن مصدر الخبر وهذا العنوان، يتبين انه موقع اخباري مسيحي يعرّف بنفسه انه "يقدم رؤية مسيحيّة للعالم من خلال محتوى عام وديني بعيدا عن التأثيرات الإيديولوجيّة"! الموقع نشر الخبر، مع العنوان ذاته المتناقل في البوستات، في 25 آذار 2019. وقد عمدت صفحات، لبنانية ومصرية ذات اهتمام مسيحي خصوصا، الى ذكر هذا الموقع كمصدر للخبر، مع الرابط الذي يقود الى المقالة.

-نعم، الخبر صحيح. هذا الهجوم الارهابي حصل في كينيا، ولكن في 2 نيسان 2015. ما يجب معرفته عنه هو الآتي:

1-صباح ذلك الخميس (قرابة الساعة 05,30 في التوقيت المحلي)، "اقتحم مسلحون من حركة الشباب الصومالية جامعة غاريسا Garissa شمال شرق كينيا"، وفقا لتقرير نشره موقع "بي بي سي".

2-وفقا لما ذكره ناجون، عمد المسلحون اساسا الى قتل الطلاب المسيحيين، واطلقوا الطلاب المسلمين. وروى نائب رئيس اتحاد طلاب الجامعة كولينز ويتانغولا (التلغراف): "فتح المهاجمون الأبواب وسألوا عما إذا كان الأشخاص الذين كانوا مختبئين في الداخل من المسلمين أم من المسيحيين. "إذا كنت مسيحيًا، أُطلقت عليك النار على الفور. ومع كل رشق، اعتقدت أنني سأموت".

كذلك، روى طلاب ناجون ان المهاجمين بدأو بالسخرية من الطلاب. كذلك، اجبروهم تحت تهديد السلاح، قبل قتلهم، على الاتصال بذويهم ليضغطوا على الحكومة الكينية كي تسحب قواتها من الصومال. وقال طالب يدعى سالياس اوموسا (20 عاما) ان المسلحين ايقظوا الطلاب عندما اقتحموا مهجعهم فجرا،ً وفصلوا المسلمين عن غير المسلمين "تبعاً لملابسهم". واضاف ان المهاجمين راحوا يصيحون: "نحن لا نهاب الموت، ستكون عطلة فصح جميلة بالنسبة الينا"... ثم بدأوا باطلاق النار" ("النهار" نقلا عن وكالة "فرانس برس").

3-قتل الطلاب المسيحيين خصوصا أكدته حركة الشباب الصومالية في تبنيها الهجوم على الجامعة، مشيرة الى إنه جاء ردا على "التدخل الكيني" في الصومال. وقالت إنها "أطلقت المسلمين وقتلت بعض المسيحيين، وتحتجز آخرين منهم رهائن". وصرّح الشيخ عبدالعزيز أبو مصعب، الناطق باسم العمليات العسكرية لحركة الشباب، "بأننا اجرينا عملية فرز وأطلقنا المسلمين." وأضاف: "توجد جثث كثيرة لمسيحيين داخل المبنى. نحتجز أيضا عددا كبيرا من المسيحيين أحياء. ولا يزال القتال مستمرا داخل الكلية" (فرانس 24، أ ف ب، رويترز).

4-المهاجمون و"عددهم أربعة"، "قُتلوا بعدما اقتحمت قوات الأمن البناية التي كان يحتجزون داخلها رهائن لأكثر من 12 ساعة". وسمّت الحكومة الكينية محمد كُنو، المسؤول الكبير في حركة الشباب، بوصفه "العقل المدبر للهجوم" (أعلنت وزارة الداخلية الكينية مقتله في 16 تموز 2015، مع 3 قياديين كبار آخرين في الحركة، في غارة شنتها طائرة من دون طيار في الصومال).

5-وفقا لحصيلة نهائية للهجوم عرضها وزير الداخلية الكيني جوزف نكيسيري يومذاك، وصل عدد القتلى الى 148، وليس 147 كما يزعم الخبر. "142 من القتلى كانوا طلابا. كذلك، "قُتل 3 جنود، 3 رجال شرطة. واصيب 104 أشخاص، حالة بعضهم كانت حرجة".

6-التنديد بالهجوم كان عالميًّا. الامم المتحدة، الولايات المتحدة، بريطانيا، اوستراليا... يومذاك، استنكر البابا فرنسيس بشدة المجزرة، ملاحظاً انه بدا واضحا استهداف المسيحيين "بوحشية غير مبررة".

ماذا عن الصورة التي أُرفِقت بالبوست؟

-لقد التقطت لعشرات جثث طلاب غاريسا الذين اعدمهم مسلحو حركة الشباب يومذاك، وتنتشر على الانترنت. "وقالت وسائل اعلام اجنبية ان الصورة التقطتها الشرطة الكينية، وأظهرت أكثر من 70 جثة ملقاة في ردهة الجامعة. ويبدو أن كلا منها أُصيب برصاصة بالرأس"، وفقا لما ذكرت وكالة "رويترز" (4 نيسان 2015).

ويقود التدقيق ايضا في الصورة الى مواقع اخبارية اجنبية نسبتها الى باريما نانا ياو بوابو 

Barima Nana Yaw Buaubu الذي نشرها على صفحته في "الفايسبوك" في 4 نيسان 2015، الى جانب صورة اخرى لجثث طلاب في الجامعة، اعتمدها موقع "دايلي مايل" في احدى مقالاته عن الهجوم. وقد صوّر لاحقا موقع "بي بي سي" (9 نيسان 2015) المكان الذي التقطت فيه الصورة المهولة. "هذا هي الساحة التي جمع فيها المسلحون ضحاياهم واحتجزوهم تحت تهديد السلاح"، على ما تقول الصحافية كارن الن في تقريرها. انها الساحة ذاتها في الصورة المتناقلة مع البوست.

النتيجة: الخبر عن الهجوم الارهابي قديم، اذ يرجع الى عام 2015. والزعم انه حصل في 25 آذار 2019 زعم كاذب، لا يمت الى الحقيقة بصلة. يومذاك، قتل في الهجوم 148 شخصا، وفقا لحصيلة رسمية، وليس 147 كما يزعم الخبر. وبين القتلى 142 طالبا من المسيحيين على اغلب الظن، لان مسحلي حركة الشباب الصومالية اعفوا يومذاك عن الطلاب المسلمين واطلقوهم، بينما عمدوا الى قتل الطلاب المسيحيين، على ما اعلنت الحركة بنفسها.

بالنسبة الى الصورة المرفقة بالخبر، فانها حقيقية، وتوثّق لهول المجزرة يومذاك.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم