الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

كيف نما اليمين المتطرف في نيوزيلندا؟

المصدر: "ذا كونفرسايشن"
"النهار"
A+ A-

سبونلي يرى أنّها على حق استناداً إلى استطلاعات رأي كتلك التي تجريها مؤسسة "آيجا نيوزيلاند" سنوياً، حيث تميل المواقف إلى إظهار أنّ غالبيّة النيوزيلنديين تفضّل التنوّع وترى الهجرة، تحديداً القادمة من آسيا، كمؤمّنة لمنافع متعددة للبلاد. لكنّ السياسات المتطرّفة، بما فيها القوميّة المتطرّفة والمتسيّدة البيضاء التي هي في جوهر الاعتداء الأخير على المسلمين، كانت جزءاً من المجتمع النيوزيلندي لفترة طويلة من الزمن.

بين ما سمعه وبين ما عايشه


أكمل سبونلي بحثاً في المملكة المتحدة حول "الجبهة الوطنية" و "الحزب القوميّ البريطانيّ" أواخر السبعينات. وحين عاد إلى نيوزيلندا، قيل له صراحة أن لا مجموعات مشابهة فيها. لكن لم يستغرق الأمر طويلاً حتى اكتشف عكس ذلك تماماً. خلال ثمانينات القرن الماضي، بحث سبونلي في أكثر من 70 مجموعة محلّيّة ناسبت تعريف الجناح اليمينيّ المتطرف. المدينة التي ضمت العديد من هذه المجموعات كانت كرايست تشيرش.

شملت هذه المنظمات رجالاً حليقي الرؤوس، نازيين جدداً وقوميين متطرفين. كان البعض تقليدياً في عقائده مع دعم قوي لمناهضة السامية واعتقاد بتسيد "العرق البريطاني". وحمل البعض الآخر حجج القومية الماورية (الماوريون هم السكان الأصليّون في البلاد وقد أتوا من الجزر البولينيزيّة منذ حوالي ألف سنة). ويجادل هذا البعض لمصلحة الانفصال من أجل الحفاظ على "نقاء العرق الأبيض".


عنف وتحوّلات

نعم كان هنالك عنف. سنة 1989، أطلق حليق رأس النار على واين موتز، أحد المارة الأبرياء في كرايست تشيرش، ثمّ مشى إلى مركز للشرطة وأطلق النار على نفسه. وأظهرت صور عن الإنترنت أنّ أصدقاء له كانوا يؤدّون التحيّة النازية. في حادثين منفصلين، تم قتل رحّال كوري ومثليّ لأسباب أيديولوجيّة.

تغيّرت الأمور. التسعينات أمّنت الإنترنت ثمّ وسائل التواصل الاجتماعي. وحوّلت هجمات 11 أيلول الإرهابية التركيز من معاداة السامية إلى الإسلاموفوبيا (رهاب الإسلام). الهزّات الأرضية (بين سنتي 2010 و 2011) وإعادة الإعمار في أعقابها غيّرت الديموغرافيا الإثنية لكرايست تشيرش وجعلتها أكثر تنوّعاً وأكثر إيجابيّة حيال التنوّع. من المفارق كيف استهدف الاعتداء الإرهابي هذه المدينة علماً أنّ التطرفّ اليمينيّ كان موجوداً فيها خلال فترة سابقة من تاريخها.


ميلٌ في غير محلّه

هنالك ميل لدى النيوزيلنديّين بعدم التفكير كثيراً حول وجود المجموعات العنصريّة والتسيّديّة البيضاء، حتى يحصل حادث علنيّ مثل تدنيس مقابر يهودية كما حصل سنة 2012 أو إطلاق مسيرة تتألف بمعظمها من رجال يرتدون قمصاناً سوداء يشدّدون على "حقهم بأن يكونوا بِيضاً". ربما قد يكون النيوزيلنديّون مرتاحين بالتفكير، كما قالت رئيسة الوزراء، بأنّ هؤلاء ليسوا جزءاً من الدولة.

حين شكّل البروفسور نفسه جزءاً من مشروع هادف إلى البحث في خطاب الكراهية السنة الماضية، نظر إلى بعض ما كان النيوزيلنديّون يقولونه على الشبكة العنكبوتية. لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لاكتشاف تعليقات كارِهة ومناهضة للمسلمين. سيكون من الخطأ تصنيف وجهات النظر والتعليقات هذه على أنها واسعة النطاق، لكنّ نيوزيلندا لم تكن معفاة من رهاب الإسلام بالتأكيد. في كثير من الأحيان، ظهر ذلك ميدانياً كما حصل في هجوم على امرأة مسلمة في موقف للسيارات داخل مدينة هانتلي شمال البلاد في شباط 2017.


لإنهاء السذاجة

لقد أصبح ذلك جلياً أكثر سنة 2018. أطلق ستيفان مولينو، ناشط كنديّ على "يوتيوب"، نقاشاً عاماً مع لورين ساوثرن حول حقه بحرية التعبير في نيوزيلندا. بدا أنّ الكثير من التعليقات العامة تغاضت أو تجاوزت وجهات نظره المتطرفة حول ما يعتقد أنّه خطر يفرضه الإسلام. في ذلك الوقت، برزت احتجاجات علنيّة في بريطانيا (نيوزيلندا جزء من دول الكومنولث) ترفع لافتات تحذّر من وصول الشريعة وأخرى تطالب ب "تحرير طومي" في إشارة إلى الناشط طومي روبنسون، مؤسّسة "رابطة الدفاع الإنكليزيّة" اليمينيّة المتطرّفة، والذي حُكم عليه بالسجن قبل إطلاق سراحه عقب الاستئناف، بسبب ازدرائه بالمحكمة من خلال استهداف المسلمين أمامها. (مولينيو استضاف روبنسون في برامج حواريّة عبر منصّته).



هناك الكثير من الأدلة على وجهات نظر إسلاموفوبيّة محلّيّة خصوصاً على الإنترنت. اليوم، كما في السابق، ثمة الكثير من الأفراد والمجموعات الذين يحملون أفكاراً تسيّديّة. يميلون إلى التهديد باستخدام العنف، لكن قلّما تصرّفوا بناء على هذه الأفكار. هنالك أيضاً سذاجة بين النيوزيلنديين، من ضمنهم الإعلام، حول الحاجة إلى التسامح مع غير المتسامحين. ليس بالضرورة ثمة سبب مباشر بين وجود الإسلاموفوبيا وما حدث في كرايست تشيرش. لكن على هذا الاعتداء أن ينهي سذاجة النيوزيلنديّين الجماعيّة.

وأكّد سبونلي ختاماً أنّه بغضّ النظر عن حجمها، تشكل هذه المجتمعات المتطرفة دوماً تهديداً للرفاه النيوزيلانديّ الجماعيّ، مشيراً إلى الحاجة للتشديد والعمل دوماً على تعزيز التماسك الاجتماعيّ والاحترام المتبادل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم