الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

علي جابر هرع إلى مكان الانفجار: لقد أنقذ "الضحيّة"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
علي جابر هرع إلى مكان الانفجار: لقد أنقذ "الضحيّة"
علي جابر هرع إلى مكان الانفجار: لقد أنقذ "الضحيّة"
A+ A-

صورتان، جنباً إلى جنب، وكلّ منهما مثير للاهتمام. الأولى بالالوان لمدير مجموعة "أم بي سي" (MBC) علي جابر، والأخرى بالأبيض والأسود لشاب يحمل، مسرعاً، امرأة أخفت وجهها بيدها من شدة الخوف، بينما بدا الرعب على وجهه. ووراءهما مشهد ينذر بأن امرا مريعا حصل. وقد ارفقت الصورتان بالتعليق الآتي: "هذا الرجل الذي يركض وسط الدمار محاولا انقاذ ضحية في حرب لبنان عام 1984 هو نفسه مدير مجموعة MBC علي جابر".

البوست يعود الى الحياة كل فترة على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتناقله المستخدمون بشيء من الاعجاب بجابر وبشجاعته وانسانيته. ولكن هل الرجل في الصورة القديمة هي فعلا لعلي جابر؟ واذا كانت له، هل التقطت له "خلال حرب لبنان عام 1984"، كما يزعم البوست؟ "النهار" دققت من اجلكم.

التدقيق:

-نعم، إنّه علي جابر بنفسه في الصورة، بالأبيض والاسود. "هذا أنا"، على ما يؤكد لـ"النهار". ويرجع الى أكثر من ثلاثة عقود، مستعيدا احداث ذلك اليوم الذي التُقِطَت له خلاله هذه الصورة. "كان عام 1983، وحصل يومذاك انفجار امام مركز الابحاث الفلسطيني في كراكاس. سيارة مفخخة انفجرت أمام البناية، واشتعلت النيران فيها".

في تلك المرحلة، كان جابر شابا متطوعا في الصليب الاحمر اللبناني. "ركضت الى مكان الانفجار"، على ما يتذكر، و"كنت من اوائل الاشخاص الذين وصلوا الى هناك. وبدأت باسعاف الناس الذين اصيبوا في الانفجار". من مصادفات الامور ان "عائلة من معارفي كانت تسكن هناك. اتذكر انني تسلقت ماسورة الماء، وكانوا لجأوا الى شرفة المطبخ، هرباً من النار التي اشتعلت في الارجاء".

الشجاعة تغلّبت على أيّ خوف في تلك اللحظات الرهيبة، وباشر مهمته الانقاذية. اللقطة تخبر عن الكثير في تلك الساعة. نار ودمار ودماء، قتلى وجرحى، هلع وصراخ الضحايا يمزّق الآذان... ويندفع جابر، ويمسك جيدا بإحداهن، ويحملها بعيدا عن الخطر بعدما اعجزها الانفجار عن الحركة. السيّدة التي تظهر معه في الصورة هي من بيت الخالدي، "أمّ الصديقة منى الخالدي"، على ما يتذكّر. حتى اسم المصوّر لا يزال يذكره. "انه رمزي حيدر. وعرفت ان الصورة نُشِرت يومذاك في مجلة الشراع".

اعوام عدة تمضي. ويُفاجأ جابر أحد الايام "برسالة الكترونية من الخالدي، وقد أرفقتها بالصورة". ثم انتشرت لاحقا على وسائل التواصل الاجتماعي. "نعم، الصورة تذكرني بأمور كثيرة، اولها انني محظوظ جدا ببقائي حيا"، على قوله. صورة قديمة من زمن الحرب اللبنانية، قطعة صغيرة من حياة جابر. ما يقلقه هو انه عندما يشاهد شباب لبنانيون صورا من ايام الحرب، "ينظرون الى تلك المرحلة بشاعرية. وهذه الشاعرية خطيرة. نحن ذقنا طعم الحرب. وما عشناه امر مهول. الحرب مهولة. واشخاص بعمر الورد قُتِلوا خلالها. بالتأكيد، كنت محظوظاً لبقائي حيا".

-اذًا، يضعنا جابر في مكان وزمان محددين. عام 1983، وامام مركز الابحاث الفلسطيني في كراكاس. نستعين بالمصوّر رمزي حيدر وأرشيفه، استكمالا لمهمة التدقيق. كان يومذاك مصورا لدى وكالة "يو بي آي" (UPI)، على ما يذكر. ويتوافق بحثه عن الصورة مع نتائج بحثنا في ارشيف "النهار". 5 شباط 1983. هذا هو التاريخ الذي التُقِطت فيه الصورة.

-"سيارة مفخخة بعبوة من 240 كلغ ت.ن.ت فُجِّرت في رأس بيروت امام المقرّين الموقتين لمكتب المنظمة و"مكتب الاخوة" الليبي 19 قتيلا و136 جريحا وتصدع بنايتين وعشرات الحرائق"، عنونت جريدة "النهار" الاحد 6 شباط 1983.

في تفاصيل ذلك اليوم، وفقا لما تورده "النهار" في عددها الرقم 15202،الصفحة 5، كان "اضخم انفجار بسيارة ملغومة شهدته بيروت الغربية منذ بضعة اشهر. وقد صدعت بنايتين يقع في احدهما مركز الابحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي يشغله مكتب المنظمة...".

ساعة الانفجار: "الثانية والدقيقة الخامسة بعد ظهر السبت" (5 شباط 1983). المكان: "شارع كراكاس- السادات منطقة رأس بيروت". "وتصاعدت النيران من بناية الدكتور نصر، حيث مركز الابحاث، وبناية مكارم وعز الدين المقابلة حيث مكاتب الوكالة الليبية. ودب الذعر في المنطقة... واختلط الحابل بالنابل عندما علا صراخ النسوة والاطفال من الشرفات وداخل المنازل مستغيثين بعدما اندلعت النيران في معظم شقق البنايتين... وضاق المكان بثماني سيارات للاطفاء وبـ10 سيارات للصليب الاحمر وسيارات للدفاع المدني والمقاصدي وبحشد من المسعفين والمنقذين...".

وكان علي جابر واحدا منهم. واللقطة تضعه في ذلك المكان بالضبط، في ذلك التاريخ بالتحديد.

النتيجة: الصورة المتناقلة على وسائل التواصل الاجتماعي هي لعلي جابر، مدير مجموعة "ام بي سي"، بتأكيد منه ومن صاحب الصورة المصوّر رمزي حيدر. صورة من زمن الحرب اللبانية، ويرجع تاريخها، ليس الى عام 1984 كما يزعم البوست، بل الى 5 شباط 1983، يوم وقوع تفجير ضخم امام المقرّين الموقتين لمكتب المنظمة و"مكتب الاخوة" الليبي في كراكاس برأس بيروت.

البوست صحيح اذًا، باستثناء العام المذكور فيه.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم