الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

عقدة العهد!

علي حماده
A+ A-

لم تتوقف الحملة التي يقودها رئيس الجمهورية ميشال عون مباشرة بعد انتهاء الانتخابات النيابية في السادس من أيار الفائت، لزرع الالغام في وجه تشكيل حكومة ائتلافية تجمع معظم القوى السياسية، وتكون معقولة وتراعي التوازن والاتزان. فقبل يومين من توجه اللبنانيين الى صناديق الاقتراع، صدر اول موقف لعون في مقابلة صحافية تحدث فيها عن "حكومة اكثرية"، في الوقت الذي كانت كل المواقف العلنية لجميع القوى السياسية تعلن انحيازها الى حكومة اتحاد وطني موسعة. وعند تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة الجديدة بناء على استشارات نيابية ملزمة، خرج الاخير ليعلن انه يقبل التكليف على قاعدة العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية (ائتلافية موسعة) بالتفاهم مع رئيس الجمهورية. وأكدت الاستشارات النيابية التي أجراها الحريري لاحقا وجود توجه عارم يدعم فكرة الحكومة التي دعا اليها.  

منذ الايام الاولى كرت سبحة العراقيل التي وضعت في طريق الرئيس المكلف. فقد جرى افتعال ما سمي "عقدة درزية" من خلال قيام تيار الرئيس عون بفبركة كتلة مسيحية ضم اليها النائب طلال أرسلان لتطالب بحقيبة مخصصة للدروز تكون من نصيب العضو غير المسيحي الوحيد في الكتلة المفبركة! ثم وضعت خطوط حمر امام الرئيس المكلف سميت "الحصة الرئاسية" غير القابلة لاي نقاش، والتي تتضمن حقيبة سيادية هي وزارة الدفاع، ونيابة رئاسة الحكومة وعددا من الحقائب تراوح بين اربع وخمس، حرّم على الحريري النقاش فيها باعتبارها من حق رئيس الجمهورية وفقا للاعراف، فيما جرى التضييق بشكل سافر على حق "القوات اللبنانية" في الحصول على تمثيل معقول يتماشى مع حجمها التمثيلي. وفي الاثناء حول الرئيس عون الرئيس المكلف على رئيس "التيار الوطني الحر" ليجعل من الاخير محاوره ونده في حسم ما سمي العقد التي افتعلت وجرت فبركتها، واضعا في الوقت عينه حصته خارج اي نقاش. تبع ذلك افتعال "عقدة" جديدة رميت بوجه الحريري، سميت "العقدة السنية"، طولب من خلالها الحريري بالموافقة على توزير سنيين من اصل ستة ممن اطلقت عليهم تسمية "سنة ٨ آذار"، بمعنى آخر، سنة " حزب الله"! ومنح الحريري امكان مبادلة بين وزير سني لرئيس الجمهورية بمسيحي له، وعندما احتدمت الامور حول الحصص شنت حملة متدرجة صعودا جرى تنسيقها في أروقة بعبدا ضد الحريري، رمت عليه تهمة التباطؤ في التأليف، ثم التأخير فالعرقلة لحساب اجندة خارجية، وصولا الى تعمد عون اهانة الرئيس المكلف بقوله لاحدى الصحف ما معناه ان الحريري يعاني "متلازمة استوكهولم"، في اشارة الى ازمة تشرين الثاني ٢٠١٧! واخيرا، وضع رئيس الجمهورية الامر في اطار فتح معركة رئاسة مبكرة بوجه صهره متصدر السباق منذ الآن، اي في السنة الثانية للولاية!

لقد جرى افتعال سلسلة من العقد والازمات منذ اليوم الاول لانطلاق الحريري في مسار التأليف، اضيف اليها تعامل رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف بنفسية الجمهورية الاولى، وتعامله مع القوى الاخرى كجنبلاط وكأن عون لا يزال يرابط في احد خنادق سوق الغرب، او جعجع كأنه يستكمل "حرب الالغاء"!

بناء على ما تقدم نسأل: أوليست العقدة، عقدة العهد قبل اي شيء آخر؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم