إلى أين؟ إلى القلب مع جبران وغسان... هنا "النّهار" في سوق الطويلة

"النهار". هذه هي الكلمة. نفتش، نفتش. نمضي في ازقة بيروتية قديمة جدا، بحثا عن مبناها القديم في عيدها (4 آب)، شوقا. نسلك الطرق نفسها التي مشى عليها يوما ما جبران تويني المؤسس، وبعده نجله غسان. لا نضيع، لان دليلنا احد رجالات "النهار" الاقوياء. الاستاذ الياس الديري. النبض قوي، وتعيش الذكريات في ومضات لا يقوى عليها الوقت. الى اين؟ الى القلب، الى مبنى جريدة "النهار" في قلب بيروت، حيث استقرت اعواما طويلة قبل الانتقال. الامكنة الاولى لها دائما رائحة خاصة، وتدعونا اليها. أمس "النهار" تاريخ، كحاضرها ومستقبلها. و"مبناها القديم" الذي شهد عزّها، لا يزال واقفا في وسط العاصمة، في الأسواق، على مرمى حجر من ساحة الشهداء، حيث مكاتبها حاليا. عدنا اليه، وقفنا امامه، "تحت مكتب الاستاذ"، فتشنا عن الدرج، قبل ان ندخل، ونسلم على "الرفاق" وتذكرنا الايام الخوالي. ساعة تفجّر فيها الحنين. وما سمعناه، ليس حكاية وطن فحسب، انما ايضا حكاية جريدة صنعت وطنا.       على خطى جبرانشارع اللنبي العريق. أزقة تضج بالحكايات، محال تجارية تتلاصق، وبيروتيون تائقون الى الحياة. هنا كانت الانطلاقة الاولى لـ"النهار". هنا تأسست مكاتبها اوّلا. يمشي الياس الديري على خطى جبران تويني الجد، يبحث عن آثاره، يدل تارة باصبعه الى ابنية، وتارة اخرى الى ازقة ومتفرعات. موقع المبنى الاول لـ"النهار" هنا، في مكان ما. "لا نعرف بالتحديد، لان الموضوع قديم جدا". لكن الذكريات تنتعش، وتخرج اسرارا من دفاتر عتيقة، وتنفرج الاسارير ضحكات واسماء.  "عندما انطلقت النهار من هنا، كان شارع اللنبي يضم، الى المحال التجارية، "مكاتب لمحامين ومؤسسات مالية، وايضا لصحف جديدة تأسست في تلك الحقبة الزمنية"، يروي. يشدّ الهمة، ويمشي صعودا اكثر، الى العمق، الى القلب. وفي الطريق، "هذه بركة الماء"، وقربها محل "العتنبلي". وتنفتح الشهية على تلك الايام. كانت كراسيه ملتقى رفاق "النهار" وكتابها، "نتسامر هنا، عند بركة الماء، ونشرب الشاي والقهوة والعصير....