السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الحكومة في إجازة مفتوحة غير مقيدة بمهل

المصدر: "النهار"
هدى شديد
الحكومة في إجازة مفتوحة غير مقيدة بمهل
الحكومة في إجازة مفتوحة غير مقيدة بمهل
A+ A-

حتى إشعار آخر، كل المعطيات تؤشر إلى أن لا حكومة قريبة. قد يصدق المعنيون أن العقد داخلية، وأن الخارج بغربه وشرقه يريد الإسراع في تأليف حكومة جديدة. الا ان المعروف بأن هذا الخارج عندما يريد فعلاً ولادة حكومة في لبنان إنما يجتمع على قرار واحد يبلّغ الى كل المعنيين في لبنان وخارجه بأن الحكومة الآن وبمن حضر، وبذلك يحضر جميع القوى المعنية الى التسوية الحكومية المفترض انها ستكون بالتنازلات نفسها سواء جاءت اليوم او غداً او بعد حين. ولكن انشغال الخارج بملفات كثيرة، وأبرزها الجبهات الساخنة في الإقليم القريب، يجعله في موقع المنكفئ، فيما لاعبو الداخل يتلهون في الوقت الضائع بتسلّق سقوفهم العالية. 

مرة جديدة دارت محركات التأليف الحكومي دورتها وعادت لتقف عند العقبة نفسها التي تتقاطع عندها كل العقد. اجرى الرئيس المكلف سعد الحريري جولته التي بدأها من عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأكملها في بيت الوسط مع كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع قبل ان يصطدم مجدداً بجدار رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي يتمسّك بالحصول لتياره على ثمانية مقاعد في الحكومة اذا ما أعطيت "القوات" أربعة مقاعد. ويقال إنه تشبّث اكثر بموقفه بعدما هاجمه جنبلاط دون ان يسميه من بيت الوسط، وبعدما أوحى جعجع ان العقدة ليست لديه وانه قدم التنازلات الممكنة.

وفق مطلعين على موقف الرئيس المكلف انه كان ينوي عقد لقاء مع الوزير باسيل أمس السبت ليجوجلا معاً حصيلة ما توصّل اليه في لقاءاته أكان في عين التينة او في بيت الوسط وان يتفقا على بتّ الحصص المسيحية بعدما وعد "القوات" بالمقاعد الأربعة وبعدما قرر إعطاء المردة حقيبة وأخذ مقعد له في مقابل اعطائه رئيس الجمهورية مقعداً سنياً، وبعدما سلّم ايضاً لجنبلاط بأحقيته بالمقاعد الدرزية، تاركاً المخرج المتفق عليه مع جنبلاط حول المقعد الثالث. الا ان الواضح ان عدم انعقاد هذا اللقاء الحاسم مع باسيل أوقف محركات التأليف. والواضح أيضاً ان الوزير باسيل وانطلاقاً مما ينقل عنه، ليس بوارد التسليم لا لجعجع ولا لجنبلاط بمطلبيهما. ولذلك انتظر الرئيس الحريري باسيل ليأتي اليه لاستكمال البحث في الملف الحكومي الا ان اللقاء بقي معلّقاً ليس بانتظار دعوة من الحريري لباسيل الى لقاء بل لإيجاد مادة للقاء جديد بعد لقائهما السابق والذي انتهى بتشدُّد في الموقف من رئيس كتلة "لبنان القوي". وبات معلوماً ليس فقط لباسيل بل لكل المعنيين من القوى السياسية، ان الحريري بطرحه الذي قبل به جعجع وان على مضض، يعطي "القوات" أربع حقائب بينها حقيبتان خدماتيتان اساسيتان، ليس فيها حقيبة سيادية ولا نيابة رئاسة الحكومة التي تمسك بها رئيس الجمهورية.

هل يزور الرئيس المكلف رئيس الجمهورية ميشال عون قبل ان يلتقي الوزير باسيل؟ هذه الاشكالية واجهت الرئيس الحريري الذي توالت زياراته الى القصر الجمهوري من دون ان تضيف له اَي جديد على ما يحمله. ولذلك تأخرت زيارته الاخيرة التي كان أعلن قبل سفره في إجازته الاخيرة بأنه سيحمل فيها الى رئيس الجمهورية بعد عودته وبعد زيارته الرئيس بري في عين التينة تشكيلته الحكومية. ووفق المعلومات، ان الرئيس الحريري ورغم اطلاعه بري على انه سيقوم بجولة لقاءات على كل من جنبلاط وجعجع وباسيل، لم يخف أمامه تشاؤمه من تصلّب المواقف ومن الشروط العالية السقوف التي تفرض في عملية التأليف. وفِي هذا اللقاء، كان الاستنتاج المشترك بأن العقدة ليست خارجية ولا هي شيعية ولا سنية، بل مسيحية - مسيحية ومسيحية - درزية.

وفِي العقدة المسيحية، كل ما تمكنت من فعله بكركي ومعها رئاسة الجمهورية هو التأكيد على صون المصالحة المسيحية التي طوت صفحة الخلافات الدموية بين الشقيقيْن ووقف الحملات الإعلامية والسياسية بين "القوات" و"التيار". اما التفاهم السياسي بينهما فقد انهار كلياً وبات يحتاج مساراً طويلاً من التقييم واعادة بناء وليس مجرد ترميم.

اما اللقاء المطلوب انعقاده بين جعجع وباسيل والذي تنتظر بكركي رداً على طلب انعقاده سواء في ضيافتها او في أي مكان آخر، فهو ايضاً ما زال معلّقاً حتى إشعار آخر. ويشير المواكبون لهذا المسار، الى ان مثل هذا اللقاء ما زال مستبعداً الا اذا طرأ تطوّر إيجابي على المواقف المتباعدة بين الطرفين حكومياً، فبمجرد انعقاده يكون هذا مؤشراً على تسويات تفتح باب التأليف الحكومي المقفل حتى الآن.

في الخلاصة، من رئاسة الجمهورية الى الرئيس المكلف الى رؤساء الكتل المكونة لحكومة الوفاق الوطني كلهم عالقون فوق سطوح مواقفهم وليس من طرف قادر على مدّهم بسلّم الخلاص. والى ان يأتي الإنقاذ الجماعي من مكان ما، الحكومة هي التي تأخذ اليوم اجازة مفتوحة غير مقيّدة لا بمهلة تأليف ولا اعتذار، والسوابق لهذا المأزق قريبة جداً كان آخرها حكومة الرئيس تمام سلام التي احتاجت ولادتها احد عشر شهراً.

[email protected]

Twitter:@HodaChedid

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم