الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

يتامى الجمهورية اللبنانية يعيّدون مَن في عيد الأب؟!

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
يتامى الجمهورية اللبنانية يعيّدون مَن في عيد الأب؟!
يتامى الجمهورية اللبنانية يعيّدون مَن في عيد الأب؟!
A+ A-

قيل إن تاريخ 21 حزيران من كلّ عام، هو عيدٌ للأب. لسنين مديدة، إذاً، أيها الآباء. 

أما بعد، فالأبناء يعيّدون مَن إذا كانوا قد صاروا يتامى؟ وخصوصاً إذا كانوا قد صاروا أبناء يتامى لبنانيين للجمهورية اللبنانية؟

لا أتطاول على أحد. ولا أتعدّى على أحد. ولا أنال من كرامة أحد.

كرامات الجميع محفوظة، لكن كرامة الجمهورية اللبنانية وحدها غير محفوظة. ومعها كرامات أبناء هذه الجمهورية.

الجمهورية، يا حرام على الجمهورية!

إنها فالتة، ملقاة على الطريق، وعلى الأرصفة، أرصفة الداخل والخارج.

هذه الجمهورية يتيمة، ولا أبا لها، ولا سقف يؤويها، بعد انهيار سقف الدستور على الذين يطالبون بالدستور ويحتمون بالدستور.

أما أبناء الجمهورية، هؤلاء الذين لا يريدون أباً لهم سوى هذه الجمهورية بالذات، فإلى أيّ أبٍ يلجأون، إذا كانت جمهوريتهم ملقاة على الطريق، على الأرصفة، لقيطةً بين الجمهوريات، وذليلةً بين الأمم؟!

يهمّني هؤلاء الأبناء تحديداً، وخصوصاً منهم الذين لا يبحثون عن أبّوةٍ مزغولة لهم، غير شرعية، غير قانونية، وغير دستورية، في الطوائف والمذاهب والأمراء والزعماء والأحزاب والتيارات والميليشيات والأسلحة والعشائر وهلم.

هؤلاء الأبناء اليتامى، إلى مَن يلجأون؟

وفي عيد الأب هذا، هؤلاء الأبناء مَن يعيّدون، إذا كانوا لا يعترفون إلاّ بأبوّةٍ واحدة، هي أبوّة الجمهورية اللبنانية، التي جُعِلت تخلّت، قسراً، عن حقّها الشرعي والدستوري والقانوني و... الجيني، وأُجبِرت، واغتُصِبت، وامتُهِنت كرامتها، فأعلنت، تحت وطأة الرذيلة والدعارة والإرهاب والإذلال والنهب والفساد والتناتش والاقتطاع والاستملاك والمصادرة والغلبة، أنها لم تعد تستطيع أن تحافظ على شرف الأبوّة، وأنها لا تريد بعد الآن أن تكون أباً للبنانيين ولا أمّاً لهم؟!

أسوأ ما يمكن أن يمرّ به الأبناء، الأبناء الأوفياء الواقعيون والمعنويون، وأسوأ ما يمكن أن يمرّ به الأب، الأب الواقعي والمعنوي، هو أن لا يعود أحدٌ من هؤلاء الأبناء يحترم هذا الأب، أو يقرّ بأبوّته، ويعلن انتماءه إليه.

هذا الشعور بالنقص حيال الجمهورية، هو ما أشعر به، كمواطن، وكإبنٍ لهذه الجمهورية.

أريد أن لا أعود أشعر بالنقص حيال الجمهورية.

لهذا السبب أريد أن أستعيد الجمهورية. ويجب أن أستعيدها.

أريد ذلك، ويجب، لا أنا كشخص، بل نحن كمواطنين في هذه الجمهورية، وكأبناء لها.

لا أتكلم بلسان نفسي. بل أزعم أني أتكلّم بلسان أبناء الجمهورية.

هؤلاء الأبناء، الذي صُيِّروا لقطاء، ويتامى، بالقوة والغصب، يريدون أباً واحداً لهم، هو الجمهورية. هو دستور هذه الجمهورية.

فأين هو هذا الأب، من أجل أن يعيّدوه، ويكرّموه، ويرفعوا رايته، ويحتموا به، ويعلنوا الولاء له دون سواه؟

هذا الأب – الأمّ، أين هو؟!

خلاصة المسألة، أن الأبناء الذين سُرِق أبوهم – وهو دستور الجمهورية – وأُهين، واغتُصِب، وانتُهِك، هؤلاء الأبناء من واجبهم أن يستعيدوا جمهوريتهم.

هذا واجب. ومسؤولية. وليس كلاماً يقال في المناسبة. كهذه المناسبة، مناسبة عيد الأب، الواقعي والمعنوي.

ما العمل؟

جواب مباشر ومختصر: فلينتظم الأبناء الأوفياء الذين لا يريدون أباً إلاّ هذا الأب، في بنيانٍ اعتراضي، سياسي – وطني - "تحريري"، ينقذ الجمهورية من منظّمي تحويلها إلى ماخور للرذيلة الوطنية.

تفضّلوا أيها الأبناء، وخصوصاً منكم مَن لا يقيم في ماخور وإسطبل، ولا يريد أن يقيم في ماخور أو في إسطبل، واجترحوا بنياناً اعتراضياً، سياسياً – وطنياً - "تحريرياً" كهذا. وانتظِموا فيه.

و... هذا، لكي تتمكّنوا من الوقوف في وجه مغتصبي الجمهورية اللبنانية.

هكذا تكونون أبناء أوفياء لأبٍ واحد، هو الجمهورية اللبنانية.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم