الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

قتلوا سميرة وسرقوا مجوهراتها في الشويفات... وهكذا وقعوا في الفخ

المصدر: "النهار"
العميد أنور يحيى-قائد سابق للشرطة القضائية
قتلوا سميرة وسرقوا مجوهراتها في الشويفات... وهكذا وقعوا في الفخ
قتلوا سميرة وسرقوا مجوهراتها في الشويفات... وهكذا وقعوا في الفخ
A+ A-

تعيش سميرة (75 سنة) في شقة تملكها في منطقة الشويفات بعد وفاة زوجها الفلسطيني وسفر أبنائها الى الخليج للعمل. وكانت ابنتها حياة، المتزوجة من لبناني وتقيم في دوحة عرمون، تتردد عليها لتفقدها بين حين وآخر. 

وكانت سميرة نادراً ما تخرج من منزلها، إلا لشراء حاجياتها من تعاونية تبعد عن بيتها مئتي متر. وكانت تخرج مرتدية ثياباً فاخرة وتضع الجواهر في معصميها وحول عنقها.

بتاريخ 28/11/2007، اتصلت حياة هاتفياً بأمها أكثر من مرة من دون نتيجة. أعادت الاتصال في اليوم التالي ولم تنجح، فحضرت إلى منزل والدتها وطرقت الباب فلم يجبها أحد، حاولت فتح الباب بمفتاح تحتفظ به، إلا أنه كان موصداً من الداخل. استعانت بالجيران لخلعه ولما دخلت الشقة ذعرت لمشاهدة أمها ممددة على سريرها وقد فارقت الحياة وأغراض منزلها مبعثرة.

استدعى الجيران رجال الدرك الذين كلفوا الطبيب الشرعي لتحديد ظروف الوفاة، كما استدعوا عناصر الأدلة الجنائية لرفع البصمات وجمع الأدلة من مسرح الجريمة. وتبين أن الجناة الذين سرقوا المنزل قد دخلوه عبر الشرفة. أما الطبيب الشرعي فلاحظ وجود آثار عنف على بطنها وحول رقبتها، وأن الوفاة ناتجة عن توقف القلب.

تحقق عناصر التحري من سرقة مجوهرات وأجهزة كهربائية وغيرها من الشقة. ورفع عناصر الأدلة الجنائية البصمات عن باب الشرفة الذي يحتمل أن يكون الجناة قد دخلوا وخرجوا منه.

واستجوب عناصر مخفر الشويفات بعض الجيران والمشتبه فيهم، ولم يتوصلوا إلى نتيجة. فأحال النائب العام الاستئنافي في بعبدا ملف التحقيق إلى عناصر التحري في مفرزة بعبدا القضائية لكشف ملابسات الجريمة التي أودت بحياة سميرة وسرقة بعض محتويات منزلها.

تركت جريمة قتل سميرة وسرقة منزلها، وهي المعروفة بحسن سمعتها وطيب علاقتها بالجوار منذ عشرين سنة، الخوف والقلق لدى الأهالي الذين شكلوا وفداً لمقابلة محافظ جبل لبنان مطالبين بتكثيف الدوريات لنشر الأمن وسرعة توقيف الجاني وإعدامه.

استدعى العميد أنور يحيى، قائد الشرطة القضائية، رئيس قسم المباحث الإقليمية وآمر مفرزة بعبدا القضائية، وطلب إليهما تكثيف الجهود لإماطة اللثام بسرعة عن هذه الجريمة التي نشرت الخوف بين الأهالي، لاسيما كبار السن.

كلف آمر المفرزة، دورية لمتابعة التحقيقات بإشرافه، وبمقارنة البصمات المرفوعة من منزل الضحية، تبين أنها تطابق بصمات سجين خرج من السجن منذ شهرين تقريباً، بعد تنفيذ محكوميته بجرم سرقة متجر، ويدعى محمد خ. ويقيم في الضاحية الجنوبية ويعمل سائق فان لنقل الركاب.

استُجوب عمر الذي كان يقيم في شقة مقابلة لشقة المغدورة، والذي كان يساعدها في نقل بعض حاجياتها من الخارج، أو تركيب قارورة غاز، أو غيرها من الأعمال. وكان عمر يشاهد الحلى التي كانت ترتديها، أو التي كانت تتركها مبعثرة في بعض أرجاء البيت. وكانت سميرة ترتاح لمساعدته، وتنقده بعض المال مقابل خدماته.

وبالتحقيق معه لم يسأله رجال التحري عن محمد المشتبه فيه، منعاً لهروبه، بل اعتمدوا خطة لاستدراجه إلى خارج الضاحية للتحقيق معه وفقاً لإشارة النيابة العامة الاستئنافية.

حصل العناصر على رقم هاتف محمد، واتصلوا به بحجة نقل أحد الأشخاص مع عائلته من قرب محطة الريشاني على طريق الشويفات إلى طاريا في البقاع، عند الساعة التاسعة من صباح 5/12/2007، مقابل مئة دولار أميركي.

حضر محمد بالفعل، وأوقف الفان قرب المدخل الشمالي للمحطة، حينها انقض عليه العناصر وأوقفوه وضبطوا الفان. وتبين أنه يحمل مسدساً حربياً من نوع "توغاريف" مع عشر طلقات صالحة والمسدس غير مرخص. اقتادوه فوراً الى مفرزة التحري بينما قاد أحد العناصر الفان الذي تبين أنه يحمل لوحة عمومية مزورة.

أخضع محمد للتحقيق وتمت مواجهته بالبصمات التي ضبطت في شقة المغدورة، سميرة،

 وأوقف عمر، وتبين أن العلاقة بينه وبين المتهم محمد وثيقة. وبتيجة التحقيق اعترف عمر بأنه طمع بمجوهرات سميرة التي غالباً ما كان يشاهدها في عدة أماكن من شقتها. فخطط مع محمد وأحد أصدقائه الذي يدعى جميل لدخول الشقة من شرفة منزله المتاخم، ودخل الثلاثة مساء 28 تشرين الثاني عبر باب الشرفة غير محكم الإغلاق الذي كان يعرف عمر وضعه بالتفصيل. وبعد دخولهم استيقظت سميرة في سريرها، وصرخت مذعورة، فأقدم محمد على كم فمها وتقييد رجليها ويديها وضربها بقبضة يديه في أعلى بطنها فسقطت على سريرها دون حراك، فغطوا وجهها وأكملوا تفتيش الشقة وسرقة الغالي منها، ثم نقلوا التلفزيون والفيديو وبعض المجوهرات الى شقة عمر المقابلة، وخرجوا من الباب الرئيسي، ثم دخل عمر مجدداً وأقفل الباب من الداخل وقفز الى شرفة شقته بعدما أطمان إلى أحداً لم يكشفهم.

واعترفوا أن نيتهم لم تكن قتل سميرة بل سرقتها، لكنها كانت تعاني من مرض القلب فلم تحتمل الضربة على بطنها، فتوقف قلبها وماتت.

أوقف جميل في إحدى قرى العرقوب واعترف الثلاثة بتنفيذ عملية السرقة. فاطلع المدعي العام في جبل لبنان على تفاصيل الجريمة ونوه بجدارة التحري لسرعة كشف الجرائم.

حضرت ابنة المغدورة وولداها المسافران الى الخليج واطلعوا على الخطة التي اعتمدتها مفرزة بعبدا القضائية لكشف الجريمة بسرعة، وشهدوا على تمثيل الجريمة في شقة والدتهم بمواكبة العقيد طبيلي وعناصر التحري وبإشراف المحامي العام الاستئنافي القاضي غسان الخوري.

إن ملاحقة المجرمين وكشف الجرائم الهامة من اختصاص الشرطة القضائية المجهزة بخبرات عالية وتقنيات متطورة لكشف الجناة وتوقيفهم بسرعة قبل فرارهم إلى مناطق يصعب منازلتهم فيها..ويتطلب عملها التنسيق مع المجتمع وتزويدها بداتا الاتصالات من قبل إدارات الدولة للتفتيش عن الأدلة الجنائية المطلوبة..وهكهذا نطبق مبادئ الشرطة المجتمعيةcommunity policing مستقبل العمل الأمني في لبنان، فينعم السكان بالأمن والسكينة ركيزة التطور الاقتصادي واستقرار الحياة الاجتماعية، ويقبل المصطافون من شتى الجنسيات، ويبقى لبنان واحة للحرية وكرامة الانسان في ظل نظام ديمقراطي يكفل الحريات العامة. فهل يتاح للشرطة القضائية ممارسة مهامها القانونية واستثمار خبراتها بمكافحة الجريمة على كل الأراضي اللبنانية في ظل تعدد الأجهزة وتنازعها، إضافة إلى ضغوط قوى الأمر الواقع أحياناً؟


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم