الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

بوتين لن يغادر السلطة ... بدون الشرط الذي حققه عام 2000

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بوتين لن يغادر السلطة ... بدون الشرط الذي حققه عام 2000
بوتين لن يغادر السلطة ... بدون الشرط الذي حققه عام 2000
A+ A-

يبقى الوصول إلى تفكير بوتين صعباً، حتى بالنسبة للمحيطين به. وهو لا يتوانى أحياناً عن استخدام أسلوب النكات لإيصال رسائل سياسيّة معيّنة. منذ ثمانية أشهر، وخلال محاضرة حضرها عدد كبير من الطلّاب الروس، سئل بوتين عن مشاريعه في مرحلة ما بعد مغادرته السلطة، فأجاب: "لكنّني لم أقرّر بعد ما إذا كنت سأغادر الرئاسة". فاستدعى هذا الجواب ضحكاً وتصفيقاً من الحضور. وأضاف: "فقط عندما أجيب نفسي على هذا السؤال، سأفكّر بخطوتي التالية". ونادراً ما يجيب الرئيس الروسيّ على الأسئلة التي تتعلّق بمدّة البقاء في منصبه الرئاسيّ أو بموعد مغادرته أو حتى بموعد الترشّح لولاية أخرى مفضّلاً استخدام إجابة "لم أقرّر بعد".


البحث عن خلف

بحسب باحثين كثر، لن تكون مغادرة الكرملين بمثابة نزهة للرئيس الروسيّ ولعلّ من بين أهمّ أسباب ذلك، هو عمليّة تهيئة خلف مناسب له. وهذا الأمر عمليّة معقّدة لا تتعلّق بهويّة الخلف فقط. في سنة 2013، طرحت صحيفة "ذا موسكو تايمس" السؤال عمّن سيترأس البلاد اعتباراً من عام 2018. حينها، أجاب مارك غاليوتي، البروفسور المتخصّص في أجهزة المخابرات الروسيّة في جامعة "نيويورك"، بأنّه لو أراد بوتين التنحّي سيعمد إلى تعيين شخصيّة تحظى بحضور شعبيّ مثل وزير الدفاع سيرغي شويغو. ومع ذلك، كان متأكّداً من أنّ بوتين سيتمكّن من الفوز في هذه الانتخابات بمجرّد أن يترشّح إليها. وكما حاول المراقبون استشراف ماذا سيحصل بعد ولاية بوتين الثالثة قبل فترة طويلة على نهايتها، كذلك تحاول تقارير متعدّدة اليوم البحث عن أجوبة مناسبة تستشرف مرحلة ما بعد ولايته الرابعة. ويستدعي هذا النوع من الأسئلة استحضار مجموعة من الملاحظات المرتبطة بمسألة تتبلور حديثاً وتتعلّق بمسار الحكم في الدول الكبرى.


استنساخ تجربة

في الشهر الحاليّ، صوّت أعضاء "الجمعيّة الوطنيّة الشعبيّة" (البرلمان الصينيّ) على إلغاء المادّة التي تحدّد عدد الولايات الرئاسيّة باثنتين. هذا القرار الذي يمنح الرئيس الصينيّ الحاليّ شي #جينبينغ إمكانيّة ترؤّس الصين لمدى الحياة، نال إعجاب الرئيس الأميركيّ دونالد #ترامب الذي وصفه ب "المذهل" مشيراً إلى أنّه "علينا أن نجرّب ذلك يوماً ما"، بحسب شبكة "سي أن أن" الأميركيّة. وإذا كان لرئيس أميركيّ – ولو غير تقليديّ – أن يستحسن هذه التجربة، فكيف سيكون الأمر بالنسبة إلى رئيس روسيّ لم تعرف بلاده آليّة تداول السلطة بالشكل الذي عرفته الولايات المتّحدة من خلاله؟ لن يكون بوتين بعيداً عن "استنساخ" التجربة الصينيّة بعدما تلميحه السنة الماضية إلى أنّه قد لا يغادر الرئاسة. وهنالك عدد من المؤشّرات التي تؤيّد احتمالاً كهذا. فبينما يقول البعض إنّ عمر بوتين سيكون قد بلغ السنّ الثانية والسبعين حينها، وقد لا يسمح له ذلك باستئناف عمله السياسيّ بالاندفاع السابق نفسه، قد يكون من المستحسن التذكير بأنّ ترامب نفسه بدأ مسيرته الرئاسيّة في العمر عينه تقريباً.


صراع على "آخر كسرة" نفوذ

في مسألة الخلافة أيضاً، تحذّر الباحثة السياسيّة الروسيّة إيكاترينا شولمان من "معركة شرسة" ستنشأ حول خلافة بوتين أو حتى حول طريقة اختياره لخلفه. وقالت لصحيفة "آيريش تايمس" إنّه "حين تقرّر الماكينة السياسيّة بأنّ الساعة الأخيرة قد حلّت، ستتصارع المجموعات المتنافسة بنشاط كبير حتى آخر كل كسرة – من المواقع الوزاريّة، الشركات، حقول النفط، الموارد الإعلاميّة والتدفقات الماليّة". هذه الصراعات هي جزء أساسيّ من الأسباب التي ستدفع بوتين إلى الاستمرار في السلطة بعد سنة 2024. وهذا يعني وجود أكثر من عصفور يضربه بوتين بحجرِ استمراره في الرئاسة إلى ما بعد انتهاء ولايته الرابعة. لكن حتى مع افتراض أنّه قد يرغب بالرحيل، فقد يبقى تنفيذ تلك الرغبة أمراً شائكاً.


الشرط الأصعب

إلى جانب تأمين الخلف، يسعى من يغادر المنصب الأعلى في روسيا إلى تأمين موضوع آخر. منذ خمس سنوات، وصف غاليوتّي النخبة في الكرملين بأنّها "قويّة، تهتمّ بمصالحها وبراغماتيّة بشراسة". وأضاف أنّه لو ساءت الأمور، وبدأت النخبة تنظر إلى بوتين كضمان لا كأصول، فمن المحتمل بشكل كامل أن يواجه ثورة "خلف الكواليس" ومطالبة بتنحّيه جانباً "مع ضمان بأنّها ستحميه وتعتني به". ويبدو أنّ طبيعة التوازن داخل مراكز القرار في الكرملين لا تزال هي نفسها اليوم بحسب باحثين آخرين يتخوّفون من أن يواجه الرئيس الروسيّ مجموعة من المشاكل القانونيّة والأمنيّة بسبب اتهامات بالفساد أو بجرائم حرب أو غيرها في ظلّ صراع النخب الذي قد ينشأ. يقول أندريه كوليسنيكوف، محلّل سياسيّ في مركز "كارنيغي"-موسكو في حديث مع مجلّة "بوليتيكو" الأوروبّيّة منذ يومين: "على بوتين أن يضمن أمنه الشخصيّ قبل أن يتخلّى عن السلطة. عليه أن يجد شخصاً يستطيع تأدية الدور نفسه الذي أدّاه هو سنة 2000، حين ضمن أمن (الرئيس الأسبق بوريس) يلتسن". وأضاف: "إذا لم يكن بإمكانه العثور على شخص كهذا، فعندها سيكون خلَف بوتين هو بوتين".























الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم