الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

مدرسة جبران ما أفُلَت

عبدالله ملاعب
مدرسة جبران ما أفُلَت
مدرسة جبران ما أفُلَت
A+ A-

كثيرةٌ هي اللحظات التي ننادي فيها #جبران_تويني لإنقاذنا من مستنقع تركنا فيه وصوته يصدح في بيت جدرانه تكسّرت، نوافذه أُقفلت تاركة سكان البيت ينزفون ويتحسّرون على ثورة كان هو نبضها الحيّ، لكنّنا اليوم لا نجده! كثيرة هي الأحداث التي تنعكس على قلوبنا، نيراناً تقطر من دمنا لشدّة تعجرفها. فنسأل عن قلم جبران، عن كلمة جبران، عن صوت جبران الذي هزّ بصوابيته عرش الرضوخ فنهض للوقوف بصفّ انتفاضة كان هو قلمها الذي نزف حبرًا مشبّعًا بصيحات الحرية، آهات المقهورين، وهتاف الأرز اللبناني الثائر. فأين نحن اليوم من ثورة الحريّة وثورة القلم الحقيقيّة؟  

أستذكر "نهار الشباب" وتأثيرها على الشباب اللبناني الذي كتب فيها. كنت أغار من أقربائي الذين كتبوا بنهار الشباب فتشكلّت عندهم شخصيات حرّة في زمن من الوصاية. وقتذاك، لم يسمح لي معجمي الابتدائي بأن أكتب في "نهار الشباب"، لكنّني كنت ألمس تبدّل الشخصيات من حولي، كنت ألمس مجتمع تدرّس فيه الحرية فيأتي القلم بما تأتي به البندقيّة، تحت قاعدة تتعدّد الطرق والنتيجة واحدة.

كبيرة هي حاجتنا اليوم لقلم جبران وفكره المنتشر بعروقنا، بقلوبنا، بصباحاتنا. وإن سألتم عمن يقف وراء "نا" المتكلم هنا، فأنا أكتب بقلم الشباب اللبناني الأعز على قلب النّهار، كيف لا وهم صباح النهار القادم! جبران بالنسبة لنا كان القدوة الخالدة التي كرّست عطاءاتها للإرتقاء بالشباب اللبناني وإيصال صوته في خضم الغليان السياسي والإقتصادي. كنّا نرى في جبران الضمانة التي لن تتخلى عن الشباب وأحلامهم! كنّا نسترق لحظات الامل ونطوي صفحات الألم بعزيمةٍ كسبناها من روحٍ أعطتنا كل ما لديها وآمنت بأفكارنا مهم أمطرت سماء الكبت.

أما اليوم وفي الذكرى الثانية عشرة لغياب جبران تويني، ننظر من حولنا لعلنا نرى منبراً يلهمنا كما ألهمنا جبران ، لعلنا نرى صوتاً ينادي الشباب كصوت جبران . نرى ونحدّق جيّداً لعلنا نرى ما بإستطاعته تمثيلنا في وطنٍ قُتل فيه الحق و اشتدت فيه حبّات القمع الباطلة . ننظر الى ما بعد الأقلام والمنابر، الخطابات والتصريحات، المواقف والمقابلات، لعلنا نجد من مشى ويمشي على خطى الحق والحرية. فمسلسل الاغتيالات الذي بدأ عام 1977 واختار كمال جنبلاط، لم ينته مع نهاية عام 2005 عند اختياره جبران.

يكاد التشاؤم يقضي علينا، لولا وجود من آمن ذات يوم برسالة الحريّة الأسمى والأصدق فنزلنا جنبًا إلى جنب، الى ساحة الشهداء لوقف السفك بالشهداء الأحياء. ولكن مهلاً، ما زُرع بنفوس المسلمين والمسيحيين الأحرار أنبت بذوراً من الحرية. فجبران بثورتنا لم يمت و"النهار" بوفائنا ستطول وتستمر، زخات السيادة من حبر جبران أخذت من وجداننا مرتعاً أبديًّا، لعلنا يوماً ما نحصد ما يكفي من زخات السيادة فنرتقي بالوطن بسيادة حقيقيةٍ وبثورة متكاملة، تفرح قلب جبران من شرفته، شرفة الحياة والشمس والديموقراطية...


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم