الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

بوتين يحصد في مصر ما زرعه ترامب

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسر خليل
بوتين يحصد في مصر ما زرعه  ترامب
بوتين يحصد في مصر ما زرعه ترامب
A+ A-

  وجاءت زيارة بوتين للقاهرة، آتياً من سوريا، وقبل محطة في تركيا، بعدما قررت الإدارة الأمريكية في آب حرمان مصر من جانب من المساعدات قيمته 95.7 مليون دولار وتعليق تسليم 195 مليون دولار أخرى لعدم إحراز القاهرة أي تقدم في مجالي حقوق الإنسان والأعراف الديموقراطية. 

كذلك، تأتي الزيارة افي خضم توتر أُثاره قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وهي تسبق زيارة لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس للمنطقة في 20 كانون الأول الجاري، شهد جدول لقاءاتها ارتباكا بعد رفض عدد من القيادات السياسية والدينية العربية لقاءه احتجاجاً على قرار ترامب الخاص بالقدس.

ويرى متخصصون أن زيارة بوتين جاءت في وقت مثالي بالنسبة اليه، ليحصد ما زرعه الرئيس

وتعد محطة الضبعة الأولى من نوعها في مصر، وتهدف إلى إنتاج قرابة 4800 ميغاوات من الكهرباء. وهذه الطاقة تولدها 4 وحدات نووية ينتج كل منها 1200 ميغاوات. وتبلغ مساحة المشروع 45 كيلومترا مربعاً، بطول 15 كيلومتراً على ساحل البحر، وبعمق 5 كيلومترات.

وكان الرئيسان وقعا اتفاقا في عام 2015 يقضي بقيام روسيا ببناء محطة للطاقة النووية في منطقة الضبعة، تبلغ تكلفتها 25 مليار دولار، تمول بقرض روسي، تبدأ مصر بتسديده بعد إنشاء المحطة وتشغيلها. ويشمل الاتفاق تزويد المحطة بأحدث التكنولوجيات، التي تتضمن أعلى معايير الأمان النووي. ولا يضع الاتفاق أي شروط سياسية على مصر. وبمقتضاه توفر روسيا حوالي 80% من مكونات المحطة، فيما تشارك مصر بحوالي 20%، كما يشتمل تدريب كوادر مصرية في محطات مماثلة في روسيا.

والتقى السيسي نظيره الروسي 7 مرات منذ توليه السلطة، وزار بوتين مصر في عام 2017. ومع أن السيسي وترامب ظهرا منسجمين مع تولي الأخير الرئاسة، حافظ الرئيس المصري على علاقات قوية للغاية مع بوتين، حتى في ظل أزمة سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ عام 2015، وقرار روسيا وقف رحلاتها الجوية المباشرة مع مصر، وتأثر تدفق السياح الروس الذين كانوا يأتون في الترتيب الأول في مصر . وتوقع كتاب وصحافيون مصريون أن تشهد أزمة السياحة الروسية انفراجة مع زيارة بوتين إلى القاهرة.

بوتين يحصد

 الى ذلك، اعتبر خبراء أن بوتين يحصد في مصر ما زرعه السيسي.

 ويقول عبدالعليم يوسف، الباحث في العلاقات السياسية الدولية لـ"النهار" إن "زيارة الرئيس الروسي جاءت في توقيت تتضرر فيه المصالح الأميركية ويتراجع نفوذ واشنطن بالمنطقة، والموقف الحالي وضع جميع حلفاء أميركا وأصدقائها بالشرق الأوسط في موقف خطر أمام شعوبهم. لم تعد الأمور سياسية، نحن تتحدث عن القدس، وهي مدينة ذات طابع ديني، تمس مشاعر المسلمين والمسيحيين في مصر والمنطقة العربية. وحاليا ليس هناك في المشهد غير روسيا كثاني أكبر قوة عظمى في العالم".

ويرى يوسف أن "قرار ترامب جاء لكسب تأييد اللوبي الصهيوني داخل الكونغرس، حماية لنفسه من العزل. والشارع العربي يغلي بسبب القدس، والرئيس بوتين ذكي ويحاول الاستفادة من ذلك. فبالرغم من أن كل الحكومات بالمنطقة تقريبا حلفاء للولايات المتحدة -باستثناء سوريا- وحتى تركيا حليف أساسي لواشنطن، لكن الرئيس الروسي يعلم أن قرار ترامب سيكون له تبعات سياسية في الشارع العربي، وبوتين يستغل هذا الصدع في العلاقات العربية- الأميركية، لأنه يعلم أنه ليس أمام القادة العرب الا روسيا حالياً، حتى ولو في شكل موقت. يجب أن يظهروا أمام شعوبهم بمظهر حامي الدين ومقدساته في مواجهة إدارة ترامب".

وأضاف الباحث في العلاقات الدولية أن "بوتين يحاول إعادة الدب الروسي إلى المنطقة من خلال هذه الثغرة التي فتحها ترامب. ونحن نذكر أن واشنطن أخرجت موسكو من المنطقة في السابق، ومن دورها كوسيط في عملية السلام مع إسرائيل. وفي هذه اللحظة، أية تسوية للسلام غير مقبولة من الولايات المتحدة، لأنها لم تعد طرفاً محايداً، وعملية السلام تحتاج الى قائد جديد، ويستحيل أن يكون هذا القائد أوروبياً، لأن أوروبا تتبع نفس سياسات واشنطن. وبالتالي فان الوساطة الروسية هي الوحيدة المقبولة من الجانب الإسرائيلي، وكذلك من الطرف العربي والفلسطيني".

وحول زيارة بوتين لمصر يقول الأستاذ الجامعي "إنها مهمة، وخصوصاً أن القاهرة بقيادة السيسي لعبت دورا قويا في المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين في الفترة الماضية. كما أن بوتين رأي صفقات السلاح الضخمة التي عقدتها دول عربية مع إدارة ترامب في بداية عهده، وهو بالتأكيد بحاجة إلى هذا الدعم المادي. وحققت روسيا نجاحات كبيرة في سوريا، وها هي تتجه صوب مصر، وكذلك السعودية سوف تكون بحاجة إلى علاقات قوية مع موسكو، خاصة وأن قرار ترامب قد يؤثر على المستقبل السياسي للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي". ويضيف "إن الرئيس الروسي يريد أن يجني مكاسب سياسية واقتصادية من جولته بالمنطقة، والتوقيت يعطيه فرصة ذهبية لتحقيق ذلك".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم