الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

السادات يفاجىء الاميركيين بالغاء المعاهدة مع السوفيات

المصدر: "النهار"
Bookmark
السادات يفاجىء الاميركيين بالغاء المعاهدة مع السوفيات
السادات يفاجىء الاميركيين بالغاء المعاهدة مع السوفيات
A+ A-
يوالي محمد حسنين هيكل رواية الظروف التي ادت بالرئيس المصري انور السادات الى زيارة القدس. ويتوقف عند الصعاب التي واجهها وزير الخارجية الاميركي هنري كيسينجر في العام 1974 في دفع اسرائيل الى التعجيل في توقيع اتفاق سلام مع مصر خلال وجوده في البيت الابيض، ولكن آماله خابت مع الثلاثي اسحق رابين - شمعون بيريس - ييغال آلون الذي اعتبره فريقا سياسيا من الدرجة الثانية. وقد ابلغ رؤساء المجالس اليهودية في واشنطن انه "يجب انقاذ اسرائيل ليس من اعدائها وانما من قادتها الذين يتركون فرصة لا تعوض تفلت منهم". وهم تشددوا في شروطهم للسلام في حين تعهد الرئيس انور السادات في اتفاق فك الارتباط الثاني عقد صلح منفرد مع اسرائيل واخراج الاتحاد السوفياتي من مصر وافريقيا كلها، وقرن ذلك باعلانه في مجلس الشعب في 14 آذار 1976 الغاء معاهدة الصداقة مع الاتحاد السوفياتي الامر الذي فاجأ الاميركيين. لكن الامور ما لبثت ان تبدلت مع فوز جيمي كارتر في انتخابات الرئاسة الاميركية وحلول سايروس فانس مكان هنري كيسينجر في الخارجية. وتنشر "النهار" كتاب هيكل هذا بموجب ترتيب خاص مع "دار الشروق" في القاهرة. 9 الملك الحسن "في ناحيتنا بعد توقيع الاتفاق اخطار..." (رسالة بعث بها رابين الى السادات من طريق الملك الحسن) لم ينجح كيسينجر في محاولته التوصل الى فك ارتباط ثان على الجبهة المصرية اثناء زياراته المتكررة لأسوان في فبراير ومارس (شباط وآذار) 1975. وقد غادر المنطقة حانقا على الاسرائيليين لانهم تشددوا في شروطهم الى درجة لم تترك للرئيس السادات فرصة غير ان يرفض ما عرضوه عليه. واعلن كيسينجر في لندن التي مر بها في طريقه الى واشنطن ان الولايات المتحدة سوف تعيد النظر Reassess في مساعداتها لاسرائيل. وقال رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون الى مائدة غداء في مقر رئيس الوزراء البريطاني رقم 10 داوننغ ستريت، وحضره كل من اسماعيل فهمي ومحمد حسنين هيكل الذي تصادف وجوده في لندن ذلك الوقت في مناسبة صدور كتابه "الطريق الى رمضان" - انه لم ير كيسينجر خلال تعامله الطويل معه بمثل حالة الغضب والاحباط التي رآه عليها بعد عودته هذه المرة من الشرق الاوسط. واضاف ويلسون انه لا يعرف ماذا ستكون عليه السياسة الاميركية في المستقبل، والى اي نتيجة تتوصل عملية اعادة التقويم، لكنه في كل الاحوال يتصور ان الخطوة التالية على طريق التسوية سوف تأخذ وقتا، كما انها تحتاج الى اعصاب. ان كيسينجر في لندن كان بالفعل غاضبا من اسرائيل، وطبقا لرواية جيمس كالاهان (وكان وقتها وزيرا للخارجية البريطانية) فان كيسينجر من مكتبه تحدث مع رابين في القدس، وكان عنيفا معه الى درجة السب تقريبا، وكان بين ما قاله له "انه من سوء الحظ انه ليست في اسرائيل قيادة تاريخية الآن على مستوى بن غوريون او حتى على مستوى مائير، ولو ان ذلك كان الحال لادركت اسرائيل ان السادات يعطيها فرصة تاريخية لتسوية امورها، وانه يجب انتهاز هذه الفرصة". ثم عقب كيسينجر على ذلك بعد انتهاء محادثته التلفونية مع رابين بقوله: "ان السلطة في اسرائيل اليوم في يد ثلاثي رابين - بيريز - آلون، وهؤلاء موظفون من الدرجة الاولى ولكنهم سياسيون من الدرجة الثانية، ثم ان العلاقات الشخصية بينهم معقدة لا تسمح لهم بأي جرأة في اتخاذ مبادرة او اي رؤية. وهم لا يرون انهم يضيعون فرصة نادرة وهي فرصة وجوده - كيسينجر - وزيرا للخارجية مع رئيس ضعيف لكي يأخذوا لاسرائيل كل متطلبات امنها ومستقبلها". وغادر كيسينجر لندن عائدا الى واشنطن، وهناك اجتمع برؤساء المجالس اليهودية وبدأ حديثه معهم بقوله انه عائد من الشرق الاوسط ولديه اعتقاد انه "يجب انقاذ اسرائيل ليس من اعدائها وانما من قادتها الذين يتركون فرصة لا تعوض تفلت منها". لكن الرئيس السادت في القاهرة لم يكن لديه الوقت ولا كانت لديه الاعصاب، لان فشل كيسينجر في اسوان وعجزه عن اقناع رابين بان شيء له قيمة يمكن ان يفتح الطريق امام اتفاق ثان لفك الارتباط على الجبهة المصرية - اصاباه بحالة من القلق احس بها هو اكثر من غيره خصوصا بالنسبة الى القوات المسلحة. ذلك ان اية تفاصيل على الجبهة كان لا يزال ممكنا اخفاؤها عن الرأي العام المصري والعربي بصفة عامة، لكن اخفاءها عن التشكيلات القريبة من الجبهة كانت ضربا من المستحيلات. وكانت القوات المسلحة دائما هي هاجس الرئيس السادات في تلك المرحلة، لشعوره بانه مطالب بتقديم نتائج سياسية لكل ما تحقق من منجزات عسكرية وما بذل من تضحيات انسانية، سواء بالجهد او بالدم. واحس الرئيس السادات بقلقه يتزايد عندما اغتيل الملك فيصل في الرياض يوم 25 مارس اذار 1975، وبذلك فانه فقد اهم حليف له في المنطقة حتى وإن اختلفت سياسات الاثنين في بعض المرات. وقد راح الرئيس السادات ينتظر نتائج عملية اعادة التقويم في واشنطن ولم يجد انها واصلة الى نتيجة. وبعث الى كيسينجر يبدي رغبته في التوجه الى واشنطن لمقابلة الرئيس الجديد جيرالد فورد وليشرح بنفسه للجان الكونغرس واعضائه مدى التعنت الاسرائيلي الذي يمكن ان يعيد الاتحاد السوفياتي مرة اخرى ليكون لاعبا رئيسيا في المنطقة، بعد جهد كبير قام به هو وكيسينجر لعزل الاتحاد السوفياتي وتقليص دوره في الشرق الاوسط. ويبدو ان كيسينجر الذي هدأت اعصابه بعد اسابيع في واشنطن لم يكن متحمسا لمجيء انور السادات الآن الى واشنطن. فقد كانت لكيسينجر خطته السياسية. وكان غضبه من الاسرائيليين انهم تسببوا في فشل مهمة قام بها ووضع فيها هيبته. وكانت كبرياء كيسينجر هي سبب الضيق، ولم يكن السبب ساسيات اسرائيل. وكان قصارى ما امكن التوصل اليه، بعد جهود قام بها مستشار النمسا برونو كرايسكي الذي كان يطرح نفسه دائما كوسيط بين العرب واسرائيل، هو ترتيب اجتماع بين الرئيس السادات والرئيس الاميركي جيرالد فورد يتم في سالزبورغ بالنمسا. كان زعماء الحركة الصهيونية لا يريدون للرئيس السادات ان ييأس كاملا من الخط الذي سار فيه، ثم يبحث لنفسه عن مخرج آخر. وكان كيسينجر يقول لكل من يقابله ان السادات يملك مرونة هائلة في اختيار مواقفه، فهو غير مقيد بتوجهات الرأي العام العربي، وانما يهمه الرأي العام المصري الذي يستطيع التحكم في توجهاته بوسائل الاعلام المحلية. لكن الذي كان كيسينجر يخشى منه، ويلتقي في هذه الخشية مع قيادة الحركة الصهيونية، هو ان السادات قد يقفز الى موقع مختلف. وهكذا في يوم اول يونيو (حزيران) 1975، تم ترتيب هذا اللقاء المقترح في سالزبورغ بين الرئيسين.  ان الرئيس السادات عاد من سالزبورغ وقد ازداد قلقه. فالرئيس الاميركي الذي قابله في سالزبورغ رجل مختلف تماما عن ريتشارد نيكسون حتى في ايام...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم