الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

ضمانات التزام النأي تحسم خيارات الحريري

المصدر: "النهار"
ضمانات التزام النأي تحسم خيارات الحريري
ضمانات التزام النأي تحسم خيارات الحريري
A+ A-

والواقع أن مقومات التسوية الاولى التي أفضت الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة لم تعد كافية لضمان الاستقرار وتحييد لبنان عن الصراع الاقليمي، ما لم تقترن بأفعال والتزامات مطلوبة من القوى السياسية من دون استثناء، بحيث لا تتحول التسوية الى اعلان فريق انتصاره على فريق آخر. 

وإذا كانت خطوة الاستقالة قد قلبت الطاولة على العام الاول من العهد الرئاسي، مع كل ما انطوى عليه من اغفال او استخفاف بالملفات الخلافية بلغ احيانا ربما حد التنازل عن معادلة حكومة "ربط النزاع" الاولى للعهد، فإن النقاط الخلافية قد وضعت جانبا وخارج إطار النقاش السياسي، ولكن من دون ان يأتي ذلك في إطار سياسة النأي بالنفس.

وفي رأي مصادر سياسية ان عمليات استعراض القوة التي قام بها "حزب الله"، معطوفة على نبرته العالية في وجه المملكة العربية السعودية، أدت إلى بلوغ الاستياء ذروته بحيث جاءت مسألة استقالة الحريري النقطة التي فاض بها الاناء.

وعليه، لا تستبعد المصادر ان تكون مرحلة "تبريد الرؤوس" قد بدأت، لتنطلق معها مرحلة من المشاورات تمهد لحوار يقوم على قاعدة اساسية هي إبعاد لبنان عن لعبة المحاور. وبدا واضحا من الدفع الدولي الذي شهده لبنان في الاسبوعين الماضيين أن الاستقرار الداخلي خط أحمر، وهو السقف الذي يُحظر تجاوزه تحت أي عنوان او شعار.

وفي هذا الاطار، علم أن الاتفاق المسبق الذي جرى بين رئيسي الجمهورية والحكومة بالتفاهم مع رئيس المجلس، والذي أدى الى اعلان الحريري تريثه في الاستقالة، تم نتيجة جهود بذلت على خطين، أحدهما عربي تبلور في قرار وزراء الخارجية العرب ومهّد لعودة الحريري الى ترؤس حكومته من خلال نزع الصفة الارهابية عنها، وإخراج معادلة عدم قيام حكومة يتمثل فيها "حزب الله" من التداول، باعتبار ان مثل هذه المعادلة لا تستقيم.

أما المحور الثاني فكان دوليا، وقادته فرنسا في شكل خاص.

وينتظر ان تتبلور خلال الايام القليلة المقبلة الضمانات المنتظرة من "حزب الله" لتأمين ديمومة الحكومة، وهي ستركز على التزام سياسة النأي بالنفس، وخفض سقف الهجوم على السعودية، بالتزامن مع بدء عمليات الانسحاب التي اعلن عنها الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله من العراق، وفي مرحلة لاحقة من سوريا، بعد أن تتبلور بشكل أوضح معالم التسوية التي بلغتها محادثات قمة سوتشي في هذا الشأن، حيث اطلق الرئيس الروسي صفارة الحل السلمي وانتهاء الحقبة العسكرية. ولهذه الضمانات ان تحسم مسألة الاستقالة وتضع حدا لمهلة التريث التي تردد انها حددت بأسبوعين.

وفي إطار التحرك العربي، تواصلت امس المشاورات من خلال لقاءات الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط في بيروت، حيث التقى الحريري، معلنا بشكل غير مباشر عن احتمال قيام الأخير بزيارة ثانية لمصر، من دون ان يكشف تفاصيل اضافية، ولكن فهم ان ابو الغيط مكلف القيام بدور محدد، بحديثه عن "افكار وإجراءات ستحصل وستكون لخير لبنان".

وكان لابو الغيط لقاء ايضا مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فيما وجه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل قبيل مغادرته الى المكسيك حيث يفتتح السبت المقبل مؤتمر الطاقة الاغترابية لاميركا اللاتينية، رسالة الى ابو الغيط أكد فيها "تمسك لبنان الكامل بروح ميثاق الجامعة ونصه، وخصوصا مادته الثامنة التي تنص على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية". كما أكد رفض لبنان "تهديد أمن الدول العربية الشقيقة وسيادتها، واستعداده للتعاون القضائي مع أي تحقيقات تجريها الأجهزة المختصة في شأن التهديدات أو الأعمال الإرهابية التي تطالها من أي جهة أتت". وشدد على أن "سياسة لبنان قائمة على إبعاده عن نيران الأزمات المحيطة به، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على صون مصلحته العليا واحترام القانون الدولي والاحترام المتبادل للسيادة في علاقاته مع الدول الشقيقة والصديقة"، داعيا "الاخوة والأشقاء العرب الى التمعّن في ما قد يضمره البعض من مخططات لزعزعة الوضع في لبنان بهدف إضعاف قدرته على مقاومة غطرسة الإرهاب وإسرائيل".

وفي حين دانت كتلة "الوفاء للمقاومة" خطاب "التحريض والتزوير الذي استخدمته بعض الدول الخليجية والضغوط التي مارستها في سياق النيل من حزب الله ومقاومته الشجاعة والشريفة (...)"، اعتبرت "أن الدفاع المشروع عن النفس وعن الوطن، لن يستطيع أحد في الدنيا مهما بلغ شأنه أن يطعن فيه أو يسيء إليه". ولفتت الى أن "اسقاط دولة داعش الارهابية في العراق وسوريا وحماية لبنان من وباء مشروعها هو بحق انجاز تاريخي كبير للشهداء والمقاومين والجيوش والانظمة والقوى المنخرطة في محور المقاومة على امتداد الجغرافيا الاقليمية المستهدفة. إننا ننتظر حصول تحولات استراتيجية كبرى في منطقتنا ومحيطها جراء هذا الانجاز".

في المقابل، وفي أول نشاط قيادي له، ترأس الحريري اجتماعا مشتركا لكتلة "المستقبل" والمكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" لإطلاعهما على حيثيات الاستقالة وما رافقها. وقد عبّر المجتمعون عن ارتياحهم "التام لعودته الى موقعه الطبيعي في قيادة المسيرة السياسية والوطنية"، معتبرين "ان تجاوب الرئيس الحريري مع تمني رئيس الجمهورية التريث في تقديم الاستقالة، خطوة حكيمة لأجل المزيد من التشاور حول الأسباب والخلفيات، وإعادة الاعتبار الى مفهوم اعادة النأي بالنفس"، ومؤكدين انه "زمن التيار الأزرق الذي ينتفض مجدداً دفاعاً عن استقرار لبنان وسلامة العيش المشترك بين ابنائه، وتحصيناً لعروبته في وجه المتطاولين عليها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم