الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

الياس سركيس النظيف الكف حافظ على المؤسسات والعملة لكن ضعفه وتردده في حلّ الأزمات أبرز سلبيات عهده

المصدر: "النهار"
Bookmark
الياس سركيس النظيف الكف حافظ على المؤسسات والعملة لكن ضعفه وتردده في حلّ الأزمات أبرز سلبيات عهده
الياس سركيس النظيف الكف حافظ على المؤسسات والعملة لكن ضعفه وتردده في حلّ الأزمات أبرز سلبيات عهده
A+ A-
وهنا شهادات لعهده وعليه: الرئيس شفيق الوزان: "من الصعب القول ان عهد الياس سركيس كان كبقية العهود التي تكون عادة بطبيعة واحدة مستمرة. ان عهده كان ممتلئا بالاحداث التي جعلت البلد في حالات انقسام دائمة، بلغت حدا يهدد الكيان والمجتمع والمصير اللبناني بالذات. الامر البارز الذي استطيع الانطلاق منه هو أننا امام رئيس مؤمن صادق، ليس له من الهوى الشخصي او المطامع ما يجعله يتجاوز المبادىء والاصول. كان رجلاً محبا للوطن ناذرا نفسه لخدمته. عندما تم انتخابه رئيسا، ظن الناس واكثر القوى المتصارعة ان اعادة الاستقرار قد بدأت، وان وفاقا وشيكا لا بد ان يتم من اجل ان يسود السلام الاهلي، وما يتبعه بعد ذلك من اصلاحات على كل صعيد، بما في ذلك السياسية والاعمارية. لكن، وبكل أسف، فان القوى التي كانت تعمل في لبنان او خارجه، اقليميا او دوليا، لم تكن لتترك لبنان في مساره السليم، وقد أمضى الرئيس سركيس السنوات الاولى من عهده وهو يحاول ان يجمع المسؤولين السياسيين في حكومة واحدة، لكن الظروف لم تكن مؤاتية، فسلك الرئيس سركيس طريق المحافظة على الحد الادنى من المصالح اللبنانية لعدم الوصول الى التقسيم. أما الهاجس الثاني لدى سركيس فكان الوضع الاقتصادي وكيفية الحفاظ على قوة الليرة الشرائية وتثبيت سعر صرفها في مقابل العملات الاجنبية. يقول البعض انه كان يدير الازمة ولا يحلها. هذا قول ظالم في رأيي، فادارة الازمة تعني كما لو ان الرئيس سركيس والحكم معه كانا يتقبلان هذه الازمة وهما يحددان مسارها، وهذا ظلم، الجميع في الحكم كان يتصدى لها، لكن منع تفاقمها ليس ادارة لها. وقد بذل سركيس جهدا مميزا لمنع تفاقمها وللجم التحركات المسلحة، اذ كان هناك من له غايات اخرى ليس هنا مجال لاثارتها. وآخر تحرك في هذا المعنى كنت مشاركا فيه مع الرئيس سركيس عندما طالب لبنان باستراتيجية عربية موحدة مبنية على التفكير التالي: اما ان نحارب اسرائيل، فيجب ان يكون ذلك من العرب جميعا، وبالتالي يجب تحديد دور كل بلد عربي، وخصوصا الدول المحيطة باسرائيل. واما ان يكون هناك هدوء شامل ومتابعة للشأن الديبلوماسي والسياسي امام المحافل الدولية والاقليمية. لكن كل ذلك بقي حبرا على ورق. أذكر انه عندما اشتدت معركة انتخاب رئيس للجمهورية، كنت أنا أحد الاشخاص الذين رجوا الرئيس سركيس ان يقبل بالتمديد ولو لسنة واحدة ليهيىء لمجيء رئيس جديد تكون له المواصفات الجامعة للصف. لكنه بلغ من التعب وعدم الرغبة في اي تعديل منعا لخلخلة الدستور، ما جعله يرفض رفضا قاطعا. ولعله كان يدرك انه ليس في قدرته بعدما وصلت الامور الى ما وصلت اليه، استئناف عمل تكون فيه الميليشيات مسيطرة، فكانت فرصته ان يترك. انا افهم الذين أحبوه لقيم كان يؤمن بها، كاخلاصه للبنان، ولقسمه وان يكون وفيا للدستور ولمبادىء وحدة الشعب ووحدة الدولة والشرعية، وفيا لتطلعاته العربية، اذ انه كان يؤمن ايمانا صادقا بضرورة قوة العلاقة اللبنانية - العربية، باعتبار ان لبنان بلد عربي وعضو في جامعة الدول العربية، ولا اشكال في ذلك عند الرئيس سركيس وأكثر من ذلك، كان يؤمن بعلاقة مميزة مع سوريا تفرضها روابط عدة. لقد بذل كل ما استطاع، وعندما حان موعد تسليم المسؤوليات، لعله ارتاح ان ينزل الحمل عنه، ولكنه بقي كمواطن وكرجل يعمل في الشأن العام ويحمل في نفسه همّ هذا الوطن. ومن المؤسف ان يكون هذا العمل قد أثّر في نفسه وفي صحته التي تدهورت نتيجة ما تحمله. فهو من النوع الذي يكبت مشاعر الاسى ويتمتع بالقدرة على التحمل بصمت لا يتحمله آخرون. واذا سألتم بأي مرض توفي الياس سركيس؟ لقد مات من تلف الاعصاب التي حملت فوق طاقتها. أعتقد ان لا أحد يكره الياس سركيس كرها نابعا من شخصيته، ولعل البعض كان يكره سياسته. لا شك ان ما مرّ على لبنان جعل الكثيرين يترحمون عليه وعلى عهده وأعماله. الشعوب لا تكتشف ميزات قادتها الا بعد سنوات من وفاتها او من تركها الحكم. فنقول حمدا لله ان التاريخ هو خير ناطق وخير مخلد، والجميع يقدّر اليوم تضحيات الياس...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم