الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

هل يقود التحالف السعودي - الأميركي المنطقة الى الأمان أم الى مزيد من الحروب؟

المصدر: "النهار"
سليمان نمر- كاتب سياسي-الرياض
هل يقود التحالف السعودي - الأميركي المنطقة الى الأمان أم الى مزيد من الحروب؟
هل يقود التحالف السعودي - الأميركي المنطقة الى الأمان أم الى مزيد من الحروب؟
A+ A-

سيسجل لولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان أنه هو من استطاع استعادة علاقات التحالف والشراكة الاستراتيجية بين بلاده والولايات المتحدة، ونجح في ايجاد تحوّل في مواقف الرئيس دونالد ترامب "غير الودية" تجاه المملكة والعالم الاسلامي التي كان يعلنها قبل انتخابه وفي الايام الاولى من انتخابه . 

المتابع لتلك التصريحات كان يعتقد أن العلاقات السعودية مع واشنطن في عهد الرئيس ترامب ستكون اسوأ مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق باراك اوباما.

وكان يمكن لهذه التصريحات والمواقف "الترامبية غير الودية" ان تجعل الرياض تفقد الامل من الولايات المتحدة التي هي بأمس الحاجة اليها في معركتها مع المشروع الايراني للهيمنة على العالم العربي.

ولكن ولي ولي العهد السعودي "البراغماتي جداً" كان له رأي آخر يرى ان ترامب "البراغماتي" ورجل الاعمال الذي يفهم لغة "الاعمال " لا بدّ وأن يكتشف ان مصالح ادارته وبلاده تقتضي ان يرتبط بعلاقات شراكة مع السعودية ودول الخليج الأخرى.

لذا عمل الأمير محمد بن سلمان على اجراء سلسلة اتصالات غير مباشرة ومباشرة مع مختلف مستشاري الرئيس.

وبقي وزير الخارجية السعودي عادل الجبير – وهو الاكثر معرفة بالولايات المتحدة وبدهاليز اصحاب النفوذ والقرار في واشنطن – لأسابيع في واشنطن، قبل الانتخابات الاميركية وبعدها، يعمل على بناء شبكة علاقات واتصالات قريبة من الرئيس الاميركي الجديد .

وتوجت هذه الاتصالات بلقاء الرئيس الاميركي الجديد مع ولي ولي العهد السعودي في البيت الابيض في منتصف شهر آذار ( مارس) الماضي، اي بعد نحو شهرين من دخوله البيت الابيض .

وفي هذا اللقاء بدا ان "الود" ربط بين الرجلين، وان "البراغماتية" جمعت بينهما، وادرك الرئيس ترامب ان مصالح بلاده وادارته تتطلب ان تكون السعودية شريكة له، وان يكون هو شريكا للمملكة لادارة ازمات المنطقة وللتصدي للارهاب ولإيران التي فرضت هيمنتها على المنطقة بسبب "تراخي " سياسة ادارة الرئيس السابق اوباما.

ولوحظ انه بعد لقاء الرئيس ترامب مع الأمير محمد بن سلمان في واشنطن أخذت السياسة الاميركية في المنطقة طابع التشدد والحزم تجاه ايران، بل واخذت تتدخل عسكريا وبشكل مباشر في الحروب الدائرة في المنطقة (العراق وسوريا )، وبشكل غير مباشر في الحرب في اليمن.

واخذت الادارة الاميركية الجديدة، وبدفع من البنتاغون، ترى ان ايران لا تقل خطرا عن الارهاب، وهذا ماتريده الرياض.

وجدت العاصمة السعودية، انه بعد اكثر من عامين على تشكيل ما يسمى بـ "التحالف العربي" للحرب في اليمن وقيادتها له، وعلى معركتها مع ايران في سوريا، ان لا نتائج حاسمة في هذه المعارك من دون مشاركة اميركية فعالة ومباشرة .

وهذا كان احد اهم اهدافها في استعادة علاقات الشراكة مع الولايات المتحدة ،حتى ولو دفعت اثمانا لربط المصالح الاميركية بالمصالح السعودية.

ومن هنا يمكن فهم السعي السعودي لعقد قمة "غير مسبوقة " عربية اسلامية للرئيس الاميركي ترامب على ارضها .

ومن هنا ايضاً يمكن فهم تعمد الرئيس الاميركي الجديد ان تكون اول زيارة له الى الخارج الى السعودية ، فهذا يعني ان ترامب اقتنع تماما بأن مصالح بلاده مع المملكة ومع دول مجلس التعاون الخليجي الاخرى وحلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة ، يجب ان تكون هي الاهم .

وجاءت القمم الاميركية الثلاث في الرياض لتحقق للطرفين السعودي والاميركي الكثير من الاهداف السياسية والعسكرية والاقتصادية

فمن هذه الاهداف التي حققتها قمم الرياض الاميركية الثلاث للمملكة العربية السعودية:

1- اكدت قيادة السعودية وريادتها للعالمين العربي والاسلامي، ولقاء الرئيس الاميركي بقادة وممثلي الدول العربية والاسلامية في الرياض وخطابه للعرب والمسلمين هناك جاء اعترافا اميركيا بذلك .

وكان الرئيس الاميركي اوباما قد خاطب العالمين العربي والاسلامي من القاهرة ومن على منبر جامعتها في حزيران/يونيو 2009 .

2- عززت زيارة الرئيس ترامب الشراكة السعودية - الاميركية في إدارة ازمات المنطقة وحروبها، وأكدت على التحالف العسكري والامني بينهما. وهذا مما يعنيه ان واشنطن ستشارك المملكة في التصدي ليس للارهاب المتطرف فقط بل ايضا ستشارك في مواجهة التهديدات الايرانية للمملكة ودول الخليج. وليس هذا فقط من طريق تعزيز تسليح وتدريب الجيش السعودي (حيث وقعت صفقات دفاعية وعسكرية بقيمة تصل الى 110 مليارات دولار )، وانما ايضا من المتوقع ان تشارك قوات عسكرية اميركية في الاعمال العسكرية الهادفة لردع ايران وتدخلاتها ليس في سوريا والعراق، كما يحصل حالياً، ولكن ايضا في اليمن.

3- اشراك الولايات المتحدة بالتحالف او الحلف الذي عملت على تشكيله منذ نحو عامين (على غرار حلف الناتو ) كما جاء في ابيان قمة الرياض العربية الاسلامية - الاميركية، حيث اعلن البيان انه اتّفق على تشكيل هذا الحلف من 34 الف عسكري للتدخل عسكريا لمواجهة الارهاب

4- حصلت السعودية على ما يشبه صك براءة من الرئيس الاميركي ينفي ان يكون قد كان لها علاقة بالارهاب او اي من تنظيماته "الاسلامية " حين تحدث الرئيس ترامب عن ان السعودية كانت ايضا ضحية للارهاب ومشيداً بجهودها في الارهاب وتعاونها مع الولايات المتحدة والدول الاخرى بملاحقة التنظيمات الارهابية. ومن هنا حرصت الرياض على ان تغتنم فرصة زيارة الرئيس ترامب لها ليشاركها افتتاح اهم واكبر مركز في العالم لمتابعة مروّجي الافكار المتطرفة وملاحقة نشاطاتهم الايدولوجية، وحرصت على ان توقع وحليفاتها الخليجيات على مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة لملاحقة عمليات تمويل الجماعات الارهابية.

5- أكدت زيارة الرئيس ترامب للرياض تبني الادارة الاميركية للمواقف السعودية من ايران "واعتبار ايران مصدراً رئيساً للارهاب في المنطقة والعالم "، وهذا يعني ان واشنطن ستعمل على حصار ايران وملاحقة جماعاتها وتنظيماتها في المنطقة والعالم مثل "حزب الله" و "الحوثيين" وغيرهم .

في المقابل حقق الرئيس دونالد ترامب من زيارته للرياض وقممه الثلاث فيها العديد من الاهداف السياسية والامنية والاقتصادية منها :

1- الحصول على اعتراف عربي واسلامي بالدور القيادي للولايات المتحدة في المنطقة وربما في العالم الاسلامي.

2- الحصول على صفقات تسليحية ضخمة ستصل قيمتها الى 110 مليارات دولار، وعقود لصفقات تجارية ومالية واستثمارية هائلة ستزيد قيمتها عن 350 مليار دولار خلال الاعوام العشرة القادمة، وهذه الصفقات الضخمة لا شك في انها ستحقق الازدهار الكبير للاقتصاد الاميركي، مما سيعتبر نجاحا للرئيس ترامب ولادارته التي تواجه مشاكل داخلية .

البعض اعتبر ان السعودية دفعت وستدفع ثمنا باهظا للولايات المتحدة وللرئيس ترامب، "للحصول على الحماية والمشاركة الاميركية في حروب المملكة ضد ايران"، ولكن المحايدين في الرياض يرون ان اي بلد في العالم مستعد لدفع كل ما يملك من اجل حماية امنه واستقراره .

ويؤكد هؤلاء ان التحالف السعودي– الاميركي ونجاح الرياض باشراك الولايات المتحدة سيحسمان الكثير من حروب المنطقة وازماتها، وأولاها الحرب في اليمن.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم