الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

احذروا هذا الشيخ!!

المصدر: النهار
فاطمة عبدالله
A+ A-

تتخذ التطورات في المراحل الانتقالية منحاها الخاص، فما كان يظهر أنه تفصيل عابر، قد يصبح محط أنظار. تناولت الدراما المصرية قبل ثورة "25 يناير" شخصية رجل الدين، بما لم يستدعِ بالضرورة تأويلات وتحليلات. نذكر في رمضان الفائت كيف عمد بعضهم الى العرض العام مطعماً ببُعد اجتماعي، لئلا يبدو الأمر وكأن الدراما "تتلهى" بما هو ليس أولوية. في رمضان 2013، نجد كم ان الأولويات تتغير، اسوة بنا، حتى باتت الشخصية الدينية في الصفوف الأمامية، فتكفي الإطلالة عليها من أجل صورة ممكنة عن الغريزة والعقل.


أنتَ إن لم تزر مصر شاهدْ مسلسلاتها، وترَ انها قد تقدّم بعضاً من الواقع، وكثيراً من الرغبة بواقع آخر. نكاد نجزم انه لو حدثت "30 يونيو" في توقيت مختلف ولم تباغت انتاجات رمضان التي كانت في معظمها شبه جاهزة، لكنا أمام صورة أكثر "نضوجاً" للكيان الديني. ما قُدِّم بمثابة نقل حرفي للواقع: استغلال الدين من أجل مصالح الدنيا، وجعل آيات القرآن والحديث النبوي وسيلة الى تحقيقها السريع.


مَشاهد من ضمن الأعمال قدّمت رجل الدين بصورة طيبة. أما البقية فاختارت التعرية. نجد كيف يقف رجل الدين حائلاً دون الانفتاح الثقافي والفني، بعدما التجأ الى عمق مجتمع حاضن، فراح يمارس "دعوته" على الملأ. جميعهم في النظرة إياها والنبرة إياها. ونجد كيف أفرزت ثورة "25 يناير" وجوهاً متشابهة تنشر التطرّف والتشدد، وتتدخل في "شروط" العلاقة ما بين المرأة والرجل، والانسان والمجتمع، والمرأة والعمل، والانسان والموسيقى، كما في مسلسلي "على كف عفريت" لخالد الصاوي، و"الداعية" لمحمد العدل.


يرتبط الاهتمام بتركيبة الشخصية وفق الغاية المنشودة من العمل، فإذا بالواقعية تتسبب بـ"تقصير" في اظهار البُعد الفني أو "الابداعي" للمشهد. باستثناء نور الشريف في دور الشيخ المشعوذ في مسلسل "خلف الله"، فإن أغلبية الصور الدينية راوحت ما بين هذه الثلاثية: رجل الدين بمثابة أداة في يد السلطة، يُحلل ويحرّم بناء على الأوامر (مسلسل "الزوجة الثانية" لخير بشارة مثلاً)، أو انه يمثل تياراً سياسياً اسلامياً يريد بتأثير الايمان على الناس وبما أوتي من امتيازات، بتسلم السلطة بعد سقوط نظام الرئيس حسني مبارك (مسلسل "اسم موقت" لصبري عبد المنعم مثلاً)، أم تحوّل الحالة الدينية من تعبّد الى تشدد فإرهاب تمثل بالتخطيط لأعمال انتقامية ضد رجال الأمن من جهة، والمعارضين للمد الاسلاموي من الجهة الثانية، وصولاً الى قتل متظاهرين رفضوا الاعلان الدستوري، أو الاتفاق مع الجماعات المتطرفة مقابل المال ("الداعية"، "على كف عفريت"، و"نيران صديقة").
تتحمّس الدراما لتنفيذ أفكار يتشبّع بها الواقع. هي أولاً "مربحة" وثانياً حية. وإنما شخصية نور الشريف الذي يشفي المرضى باستخدام الرقية، بدت وسط ما هو "عادي"، لافتة. مرّ بعض الوقت على طرح اشكالية طرد الشياطين من الجسد، واستشراف المستقبل. أدرك العمل أي الزوايا من شأنها ان تضيف الى البنية الدرامية ما هو مختلف وواقعي.


لشخصية رجل الدين في الدراما المصرية ملامح مشتركة وأخرى تبتعد قليلاً، شكّل ما تقدّم عرضاً عاماً لها. قلما تبرأ مسلسل الى حد الانكار الكلي للمشهدية الدينية. وإنما في مسلسل "الشكّ" كانت الرسالة مؤلمة: مدرّسة تقصّ شعر تلميذة رفضت ارتداء الحجاب.


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم