الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

موازنة تُضيّق الخناق على الاقتصاد

مروان اسكندر
مروان اسكندر
موازنة تُضيّق الخناق على الاقتصاد
موازنة تُضيّق الخناق على الاقتصاد
A+ A-

مشروع الموازنة كما هو، وكما بيّنا ارقامه العامة في مقال الاسبوع المنصرم (نفقات 24701 مليار ليرة لبنانية وعجز 7843 مليار ليرة اي عجز بمستوى 32 في المئة من النفقات) هي بالتأكيد موازنة تسهم في تقزيم النشاط الاقتصادي ودفع التضخم الى الارتفاع من جديد.
بحسب التقديرات المطروحة، سيوازي العجز نسبة 9,5 في المئة من الدخل القومي وسيرتفع الدين العام الى نسبة 147 في المئة من الدخل القومي، وكلا الرقمين المؤشرين أبعادهما سلبية.
اننا نؤكد ان غالبية الرسوم المقترحة، سواء البسيطة منها نسبياً، كرسوم اشتراكات الهاتف، والواحد في المئة زيادة على الضريبة على القيمة المضافة، أو رسوم الطوابع الخ، أو رفع الضرائب على ارباح الشركات، وعلى رسوم السفر والمشروبات الروحية والمازوت، وعلى فوائد الوادئع، جميع هذه التوجهات تظهر ان الموازنة في عناصرها ستؤدي مع التطبيق الاعتباطي الى انكماش متوسع بعد الانكماش النسبي خلال السنوات الثلاث المنصرمة والذي انقذتنا من براثنه برامج مصرف لبنان لدعم قروض الاسكان، والبيئة والطاقة البديلة، والدراسات العليا، ومبادرات النشاط في مجالات الابتكار التكنولوجي الخ.
صندوق النقد الدولي في تقريره الاخير الذي اثنى على السياسة النقدية، أشار بوضوح الى اهمال الاصلاح في مجال السياسة المالية وضرورته الملحة. وهذا الانذار يجب ان يدفع الحكومة الى اعادة النظر في سياساتها المالية. ويمكن القول ان أي حكومة تراكم الدين العام على مدى سنوات ولا تنجز مشاريع انمائية وتجهيزية حيوية، هي حكومة فاقدة لحق فرض الضرائب. نعم أدرك ان علم المالية العامة يقول بان الضريبة لا تستوجب تقديم تبرير. لكن الاهمال المتمادي في لبنان للتطوير الاداري واعطاء الموظفين امكان التحكم بمستويات الضرائب كما بالنسبة مثلاً الى الضرائب على العقارات حيث تقدير قيمة العقار لا يخضع إلا لمشيئة الموظف المعني الذي يمارس التقويم انطلاقاً من مدى جشعه والتزامه تقاسم المنافع مع رؤسائه. وبعض الضرائب والرسوم المقترحة اضرارها كبيرة، كزيادة الضريبة على الفوائد التي ستمنع زيادة الودائع، ورسوم المطار التي هي الاعلى في العالم، ورسوم التخابر والانترنت الخ. وهذه مرتفعة الى حد يدفع بعض المؤسسات الى تأسيس مكاتب خارج لبنان لانجاز أعمالها الدولية.
يتحدث وزراء عدة عن ان اقرار الموازنة بأرقامها الحالية ستلحق به اجراءات اصلاحية ادارية تؤدي الى تحسن الموارد من جهة وضبط الهدر والانتفاع الوظيفي الاستنسابي من جهة أخرى.
اننا لا نصدق ان هنالك خطوات اصلاحية ادارية في القريب العاجل وسماعنا لكلام الوزير المكلف مسؤولية محاربة الفساد لا يطمئن. فهو يتحدث في العموميات، ويعتبر ان محاربة الفساد تبدأ بالقوانين والمحاكم، وهذا الكلام لا يمكن تطبيقه، ذلك ان اجراءاتنا القانونية تعني ان اي موظف متهم بالاستفادة عن مناهج غير شرعية، تقتضي محاسبته سنوات في المحاكم، وكثير من القضاة على سبيل المثال لا علم لهم بالمعطيات التقنية والمالية لمحاسبة متهمين، وهذا ما شهدناه بالنسبة الى الانترنت، وعقود الهاتف، وعقود استيراد مشتقات النفط، وبعض عقود انجاز مشاريع عامة.
اذا كان لهذه الحكومة ان تنجح في تحفيز الاقتصاد والحيلولة دون تصاعد الدين العام الى ما لا نهاية، وتحقيق الهدف الاساسي الذي يجب ان يكون الشاغل الاكبر للحكام، أي معدل نمو بمستوى 5 في المئة على الاقل، علينا ان ندعو النواب الى اقرار الخطوات الآتية دون تأخير:
- انجاز معمل لانتاج الكهرباء بطاقة 500 ميغاوات في نهر البارد واحلال الصينيين محل المتعهدين المتوقفين عن العمل التنفيذي لان الصين تملك امكانات الانجاز وامكانات التمويل الطويل المدى، ويمكن انجاز المعمل خلال 18 شهراً اذا كانت هنالك نية للانجاز.
- اضافة الى المعمل الجديد، علينا الاتفاق مع دولة مصدرة للغاز المسيل على انجاز محطة لاستقبال ناقلات الغاز المسيل، ومن ثم تحويله الى لقيم لتغذية محطتي نهر البارد - المحطة القائمة والمحطة الثانية التي يجب انشاؤها - وحينئذٍ بعد أقل من سنتين نستطيع تحقيق وفر في انتاج الكهرباء لا يقل عن 1,5 مليار دولار، ولن يكون علينا انفاق أي دولار لإنجاز معمل الكهرباء، الذي نحصل على قرض طويل وميسر مع اعفاء من اية اعباء خلال السنتين الاوليين، ونبدأ بالتسديد مع تحقيق المردود. وجدير بالذكر ان عجز الكهرباء عام 2016 بلغ 2100 مليار ليرة لبنانية أي 1,4 مليار دولار.
- فضلاً عن مبادرات الكهرباء والغاز، تطوير تشغيل مطار الرئيس رينيه معوض، كما مرفأ طرابلس الذي اصبح مجهزاً على مستوى تقديم الخدمات المطلوبة من شركات النقل البحري ما عدا التجهيز البشري الذي تأخر ويتأخر لاعتبارات مناطقية مخجلة، فليس هنالك من سبب يسمح بتأخير استثمار مرفأ طرابلس لمصلحة مرفأ بيروت، وليس هنالك من ذريعة لتوسيع مطار بيروت مثل تطوير استثمار مطار الرئيس رينيه معوض.
تنشيط مطار الرئيس رينيه معوض ومرفأ طرابلس يمكن رفد تأثيره الايجابي بالإسراع في ترميم مصفاة النفط في طرابلس وتطويرها وتوسيعها، وهنالك شركات لبنانية تعمل في مجالات انتاج النفط في مصافٍ في الخارج، سواء في افريقيا أو أوروبا، ويمكن هذه الشركات الاستثمار في تطوير مصفاة طرابلس بالمشاركة مع القطاع العام الذي لديه منشئات مفيدة حتى تاريخه من الخزانات الى الخط البحري لاستيراد المشتقات، وربما أتى يوم يصبح فيه بالإمكان تشغيل خط نفط العراق فيكون لدينا نوع الخام المناسب للتكرير.
ان جميع الخطوات المعددة يمكن انجازها خلال سنتين على الاكثر، وهنالك نسبة من الانفاق على انجاز محطة الكهرباء، وتوسيع منشئات المصفاة وتطويرها، وانجاز مرفق استقبال الغاز المسيل ستؤتى منافع على صعيد العمالة، ومداخيل للدولة، والاهم من ذلك ان مداخيل مطار رينيه معوض، ومداخيل زيادة نشاط مرفأ طرابلس ستتوافر خلال هذه السنة.
الحصيلة يمكن ان تتمثل في معدل نمو يراوح بين 3 و4 في المئة سنة 2017، ومعدل نمو يوازي 5 في المئة أو يزيد سنة 2019، وحينئذٍ نكون قد استعدنا القدرة على النمو الذي يوسع فرص العمل، ونكون قد تقدمنا في مجال تقويم امكانات النفط والغاز، ونأمل في استقرار السلام في سوريا الامر الذي يتيح لنا فرصاً كبيرة في المجالات الاعماري والمصرفي والتثقيفي والطبي والسياحي.
جميع الانجازات المعددة يمكن تحقيقها شرط ان يقتنع الوزراء والنواب والشعب في غالبيته بان الاصلاح الاداري غير ممكن بالوسائل الحالية- وباب الاصلاح ما سمي البوابة الالكترونية للمعاملات - بمعنى آخر الاصلاح يبدأ ويترسخ حينما لا يحتاج المواطن الى موظف يسهل له معاملاته مقابل ضريبة مخفية ويستطيع القيام بالتزاماته عن سبيل تطبيق برامج الكترونية واضحة. ولينظر اللبنانيون الى ما حققته دبي على هذا الصعيد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم