الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

الصرخة ترتفع اليوم... أين الكوتا النسائية من مشاريع القوانين المطروحة؟

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
الصرخة ترتفع اليوم... أين الكوتا النسائية من مشاريع القوانين المطروحة؟
الصرخة ترتفع اليوم... أين الكوتا النسائية من مشاريع القوانين المطروحة؟
A+ A-

تيريزا ماري ماي رئيسة وزراء بريطانيا، فيديريكا مورغيني المسؤولة عن الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أسماء سطعت في عالم السياسة والديبلوماسية، وأثبتت أنَّ وجود المرأة أحدث تغييراً في المناخ السياسي العام. ولكنَّ التراكم التاريخي في العالم العربي وسوء تقدير إمكانات النساء باتا يستلزمان قراراً وإرادةً لكسر الحواجز النفسية والتغيير. المناصفة هي الخيار الأفضل طبعاً ولكننا لن نتأمَّل أكثر من "#كوتا" لم تحصل عليها النساء بعْد علَّنا نسلك المسار الصحيح باتجاه مجلسَي النواب والوزراء، ومن سبل هذا الدعم إيصال الصوت الرافض لماهية التعاطي مع مسألة الكوتا من خلال المشاركة الكثيفة في التحرك المطلبي يوم الأول من شباط في الساعة 11 صباحاً في منطقة رياض الصلح.


 


حضور المرأة في مجلس النواب 3%


عام 1995، نصَّ مؤتمر "بيجينغ" على ضرورة مشاركة المرأة في العمل السياسي لتعزيز الديموقراطية، وفي عام 2017 لا تزال المرأة اللبنانية غائبة عن أي دور فعلي في الحقل السياسي. وبناءً على تقرير الفجوة الجندرية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016 تراجعت مرتبة لبنان في الترتيب العالمي لجهة تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، وفي مجمل مواقع صنع القرار العام حيث احتلّ لبنان المرتبة 143 ما قبل الأخيرة. وتبيَّن أنه بعد مرور 63 سنة من الإقرار الشكلي لحقوق المرأة في المشاركة السياسية، وعلى رغم الإلحاح بطلب اعتماد الكوتا النسائية في الانتخابات العامة وشغرِ المناصب العليا الحكومية في الحقل العام، لم تتعدَّ نسبة حضور المرأة في مجلس النواب الـ3% حتى العام 2016.


والكوتا ليست مطلباً محلياً، فقد اعتمدت 86 دولة أجنبية وعربية مبدأ تخصيص حصة لتمثيل المرأة من باب تصحيح الخلل القائم في البرلمان من بينها دول مثل سويسرا وألمانيا والهند والبرتغال وتونس والمغرب والسودان. وفي هذا الإطار، تشير الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات (LADE#) في اتصال مع "النهار" الى أنَّ "المطالبة بالكوتا تعود  إلى أنَّ تمثيل المرأة لا يشبهها، إذ إنَّ الهيئة الناخبة هي أكثر من النصف أما في البرلمان فثمة 4 نساء فقط. السبب الأساسي يكمنُ في المجتمع الذكوري المحدِّد للأدوار وليس في القانون. ولكن نسعى كمجتمع مدني إلى أن نحفظ حقوق المرأة من خلال القانون وعبر الكوتا". كما ان تحرُّك "التحالف الوطني لدعم المشاركة السياسية للنساء في لبنان" يوم غد يهدف إلى إعلاء الصوت والضغط بالطرق السلمية كافة بعد وعودٍ إيجابية عدَّة تُركت جانباً في النقاشات الجدية بين الأحزاب السياسية".


التمثيل يجب أن لا يقل عن 30%


هذا التهميش الحاصل والمجحف بحق المرأة، أدى إلى إنشاء التحالف الذي يضم أكثر من 150 جمعية من جمعيات المجتمع المدني ومن مؤسسات حقوقية وناشطين وناشطات، قبل تشكيل الحكومة، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وبرعايتها. وهو سعى إلى ضمان وصول النساء اللبنانيات إلى مواقع صنع القرار في المجالس المنتخبة عبر اعتماد كوتا نسائية تضمن حصول النساء على نسبة لا تقل عن 30% كحد أدنى من المقاعد النيابية، ومن المقاعد الحكومية. وقد شارك التحالف في أعمال اللجان النيابية المعنية بوضع قانون الانتخابات النيابية، ونقاش وصياغة أشكال الكوتا وآلياتها، ولكنَّ اقتراحات قوانين الانتخاب التي تعلو منذ فترة تحضيراً للانتخابات النيابية تبدو الكوتا فيها مهمَّشة وأحياناً غائبة تماماً. وذلك يعني أنَّ لبنان الذي أبرم الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وذلك منذ العام 1996، ضرب عرض الحائط المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة".


الدستور أعطاها الحق والطبقة السياسية تحتال عليها


"تُتداول في اللجنة الرباعية المصغرة قوانين انتخاب مفصَّلة على قياس السياسيين في ظل غياب أي تعامل مع موضوع الكوتا على الرغم من التزام رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والوزراء سعد الحريري بهذه المسألة"، بحسب ما تؤكده أستاذة العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية فاديا كيوان في حديث لـ"النهار"، معتبرةً أنَّ "ما من تخاذل نسائي في هذا الصدد بل إن السياسيين يبحثون عن مكاسب أكثر بعيداً من مصالح المجتمع المدني. سنبدأ بتحركات تصاعدية للضغط ولفت نظر الرأي العام اللبناني حول أهمية مشاركة المرأة في الانتخابات النيابية. هذا الرأي العام الذي يتساءل لمَ لبنان هو البلد الوحيد الذي لا يأخذ إجراءات تُسهِّل مشاركة المرأة في اللوائح الانتخابية أولاً قبل الحديث عن المقاعد. لا يعقل أن تُساهم النساء في 30% من نسبة الإنتاج القومي في لبنان، في حين يغيب دورهن في التمثيل الصحيح. الدستور أعطاهن حق المشاركة والطبقة السياسية تحتال عليهنَّ لتعيق مشاركتهنَّ في القرار".


نسأل كيوان عن الأسباب التي تعوق مشاركة المرأة في العمل السياسي؟ فتجيب بأنَّ "ما يعوقها هو الطبقة السياسية المستبدة في السلطة وليس أي مسألة أخرى. إذ إنَّ المشكلة تكمن في الطبقة السياسية المُتفقة على تقاسم الحصص على حساب عامة الشعب. ما من أحزاب في لبنان بل جمعيات أهلية لديها جماعات مناصرة. من هنا ضرورة تحوُّلها إلى أحزاب ديموقراطية تتقدُّم المرأة فيها لتصل إلى المراكز القيادية، وخصوصاً أنَّ هذه الأحزاب تضمُّ في صفوفها عدداً متساوياً من الرجال والنساء من المنتسبين والمناصرين. وتأتي خطوة "التحالف الوطني لدعم المشاركة السياسية للنساء في لبنان" للضغط على هذه الأحزاب التي باتت تستأثر بالسلطة بعيداً من دورها كأداة للديموقراطية".


لا نحمِّل العهد الجديد إرث العهود السابقة


أمام أزمات سابقة مثل الكهرباء والنفايات وغيرها لم نجد تحركاً شعبياً شاملاً أو تغييراً حقيقياً، ما الذي سيتغيّر الآن؟ تجيب كيوان: "إنَّ إطباق الخناق على رقاب الناس سيولِّد حتماً انفجاراً، تواجد الجيش السوري 30 عاماً في لبنان وكنا نقول إن اللبناني اعتاد ذلك، وفي أحد الأيام انفجر الوضع وخرج هذا الجيش من لبنان. فليضغطوا الآن أكثر على المجتمع والمرأة بهذه الطريقة السيئة وسترين كيف ستنفجر الأمور. النار تحت الرماد في مواضيع المجتمع المدني، وكل الحراك الذي حصل جراء المشاكل الحياتية والأداء السيىء للسلطة وتراكم كل هذا الترهل والخطر على سلامة الناس وصحتهم وسمعة البلد، محفور في ذاكرة المجتمع ويراكم الشعور بالغضب مما سيؤدي إلى مزيد من التصلب لدى الناس. ولكننا حالياً في عهد جديد عنوانه: "التغيير وتفعيل الديموقراطية الحقيقية". لذا، يجب ألا نحمِّل هذا العهد إرث العهود السابقة من سوء الأداء والتعاطي السلبي مع القضايا الاجتماعية والحقوقية. نحن نملك إيماناً بوجود انفتاح وتفهم لكيفية التعاطي مع القضايا الحياتية-الاجتماعية وقضايا المرأة وحتماً يمكننا إيصال صوتنا في هذا العهد".


لائحة القوات ستضم أكثر من مرشحة


"يجب على المرأة امتلاك الكفاية اللازمة على الصعيدين العلمي والسياسي"، عنوان عريض تطرحه الأمينة العامة لحزب "القوات اللبنانية" الدكتورة شانتال سركيس في حديث لـ"النهار". وهي تكاد تكون أول امرأة تحتلّ مركزاً قيادياً في حزب لبناني بعيداً من أن تكون ابنة هذا النائب أو زوجة هذا الوزير. وفق سركيس "الكوتا تساعد النساء اللواتي يملكنَ خبرة في المجال السياسي والمنضويات ضمن الأحزاب في الوصول إلى المراكز السياسية أكثر من غيرهن من خارج الطبقة السياسية".


الواقع يوجب، إذاً، أن تكون الأحزاب السياسية منفتحة على وصول المرأة؟ تجيب: "الحزب المنفتح والمُقدِّر للكفايات النسائية لن يجد أي عائق في ذلك. ولكن أولاً يجب أن تثبت المرأة نفسها في العمل الحزبي وصولاً للسياسي".


ولكنَّ الأحزاب السياسية تضم كادرات نسائية متعلمة وكفيّة، فلمَ لا تصل إلى مجلس النواب؟ تعتبر سركيس أنَّ "الأحزاب هي المدخل الأساسي لوصول المرأة، وهناك مطالبات من الجمعيات والمجتمع المدني بكوتا مرحلية على فترة موقتة، لتشجيع وصول النساء إلى المجلس. ولكن نحن، كحزب قوات لبنانية وبغض النظر عما إذا أقرَّ القانون الانتخابي الجديد بكوتا أو بلا كوتا، سيكون لدينا أكثر من مرشحة للانتخابات النيابية وكلامي نابع من موقع مسؤولية".


 


عشية كل انتخابات تعلو الأصوات المطالبة بالكوتا ولكن يوم التوجه إلى صناديق الاقتراع يضيع النقاش، فمَن تمكَّن من تمثيل المرأة في المجالس النيابية هنَّ النائبة ميرنا البستاني، وبهية الحريري، وغنوة جلول، ومهى الأسعد، ونايلة معوض، وستريدا جعجع، وجيلبيرت زوين، ونايلة تويني... أسماءٌ لقلَّتها يمكن تعدادها، وهذا دليل على غياب تمثيل المرأة بشكل ينصف دورها في المجتمع والعمل السياسي. لتبقى الكوتا جزءاً من التفكير في تطوير النظام في لبنان وتحديث قوانين الانتخاب وعصرنة الحياة السياسية.



[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم