الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

إقرار صيغة جديدة لقانون الانتخاب في الوقت المتبقي عمل غير مسؤول

المصدر: "النهار"
مكرم عويس- أستاذ جامعي وأمين عام الـLADE سابقاً
إقرار صيغة جديدة لقانون الانتخاب في الوقت المتبقي عمل غير مسؤول
إقرار صيغة جديدة لقانون الانتخاب في الوقت المتبقي عمل غير مسؤول
A+ A-

قد يتفاجأ البعض من موقف مماثل علماً بأنه مرّ على اللبنانيين أكثر من عشر سنوات في انتظار قانون انتخابي يلبّي طموحاتهم، ويفتح الباب أمام مشاركة أوسع ولتطبيق المعايير الدولية التي تزيد من نزاهة وشفافية العملية الانتخابية. فالمقترح هو الإبقاء على قانون الستين لهذه الدورة والمطالبة بإدخال إصلاحات اجرائية مهمة تزيد القانون الحالي شفافية ودقة وتعبّد الطريق أمام قانون أفضل في 2021.


أما أسباب هذا الموقف فهي مبنية على النقاط التالية:


1-إن أي محاولة لإصلاح القانون في الأشهر الستة الأخيرة تبشر بهندسة قانون جديد يخدم الأحزاب الموجودة حالياً في السلطة فقط. لا أحد يشرّع عزوفه عن العمل للسنوات الاربعة المقبلة. (معظم بلدان العالم الديمقراطية التي تحترم ناخبيها لا تقدم على تعديل القانون الانتخابي قبل سنة للحؤول دون تضارب المصالح فكيف إذا جاء التعديل قبل ستة أشهر من الاستحقاق فقط؟).



2- إن أي محاولة لإدخال النظام النسبي كلياً أو جزئياً يتطلب على الأقل ستة أشهر لوضعه قيد التنفيذ، هذا إذا كانت النوايا صافية والموارد البشرية والتقنية والمالية متوفرة. اليوم أصبح هذا مستحيلا ويفتح الباب على تأجيل تقني قد يتخطى الشهرين أو ثلاثة أشهر ما قد يعني تأجيل جديد لسنة كاملة تفاديا لحصول الانتخابات في الأشهر الباردة من السنة. (فالذين يقارنون لبنان بتونس، ينسون أنه لن تخصص مساعدات تقنية أو مالية ضخمة للبنان كما كان الحال بعد الثورة في تونس وأن معظم المؤتمنين على العمليات الانتخابية يجهلون تعقيدات النسبية ويفتقدون الى التدريب على أبسط الادوات المطلوبة لإنجاحها).



3- يتضح لمتابعي العمل الانتخابي عبر السنين أن لا نية لدى القوى السياسية للاتفاق على قانون أفضل. فهي بغالبيتها ضحّت بأهم حق من حقوق المواطن(ة): حق الاقتراع وتقرير المصير. ثلاثة اسابيع قبل الانتخابات في العام 2013 وعدت بأن تكمل عملية الإصلاح ولم تصدق، لا في 2013 ولا في الـ2014... لن نسمح بأن يُغفل عن حقوقنا مرة أخرى ولن نقبل بهذا التعاطي المضلل واللا مسؤول. وكما يقول المثل: "من جَرَّبَ المُجَرَّب كان عَقْلُهُ مُخَرَّب".



4- إن إصلاح النظام الانتخابي وحده لن يسفر عن تغيير حقيقي إذا لم يبدأ من توفير حق المشاركة والمنافسة الحقيقية لكل فئات الشعب. فكم من البلدان ادخلت إصلاحات انتخابية على أنظمتها وابقت على تهميش النساء والشباب والأقليات والحد من المشاركة الفعّالة للقوى السياسية الجديدة. كل خبراء الانتخابات يعرفون هذه الألاعيب جيداً.



فالسؤال الصريح والمباشر الذي يُسأل للأحزاب في السلطة: هل تريدون لبنان أفضل لأولادكم وأولاد أولادكم؟ هل تريدون بلداً يحلو فيه العيش معاً ويحصل كل فرد في المجتمع على حقوقه وتجد كل مكونات البلد مكانتها فيه؟
إذا كان الجواب "نعم" فيجب الانكباب على تبني الإصلاحات الضرورية التالية والتي قد تفيد الجميع وهي تمهّد لإقرار قانون عصري خلال السنتين المقبلتين كي يبقى أمامنا سنتين لتحضير الانتخابات المقبلة في العام 2021:



-الورقة المطبوعة سلفاً (كي يتوقف التدخل السافر بخيارات الناخب(ة))
- إقرار هيئة مستقلة لإدارة كل العمليات الانتخابية تواكب الحداثة وتطوِّر نظامنا (بعيدا عن التدخلات السياسية والتأجيل التعسفي)
- وضع حد لانفاق الأحزاب في الحملات الانتخابية. فالقانون 2008/25 يضع ضوابط على إنفاق المرشحين ولكن أبقى على ثغرة ضخمة استعملت من قبل الاحزاب للدعاية الانتخابية وللسهرات والمهرجانات والنقليات البرية والجوية في 2009.
- إقرار كوتا نسائية عادلة في الترشيح من قبل كل القوى السياسية.
-إزالة كل العقبات أمام مشاركة الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وتطبيق القوانين المرعية.
- تخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة. (هل يعقل أن يتمكن المواطن اللبناني "الراشد" أن يتزوّج، وأن ينجب، وأن يدير شركة، وأن يقتني بيتاً، وأن يحارب ويُقتل ولكنه لا يستطيع أن يقترع لتقرير مستقبله؟)



نعم، هذا يعني أنكم سوف تستفيدون مرة أخيرة من وجودكم في السلطة لكي تؤمّنوا أكبر عدد من المقاعد لأحزابكم. ولكن اقبلوا التحدّي الشريف ولو لمرة واحدة اذا كنتم تؤمنون بالإصلاح. واقطعوا وعداً للمواطنين بأن نقاش القانون المُرتجى سوف يحصل في السنتين المقبلتين بوجود ممثلين مستقلين من القطاعات الأساسية في المجتمع المدني لتأمين الشفافية وحماية المصلحة العامة.
لا ضرورة لإقرار قانون يحفظ مصالح الطبقة الحاكمة فقط، لم ننتظر عشر سنوات لنصل الى هذه النتيجة. فإن كانت أحزابنا تريد أن تَصْدق مع نفسها وتريد حقاً مصلحة لبنان، فلتقم بواجبها وتكفّ عن محاولات إقرار قانون انتخابي جديد خلال الأشهر القليلة المتبقية وتنكبّ على تبنّي الإصلاحات الأساسية التي من دونها ستبقى العملية الديمقراطية ناقصة وحقوق شعبنا مهدورة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم