الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

حذار فائض الاحباط!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

اذا كان المنافس الحصري للعماد ميشال عون في المعركة الرئاسية النائب سليمان فرنجية لم يجد حرجا في الاعتراف للجنرال قبل ايام من انتخابه شبه المحسوم بانه "صبر ونال"، فان الامر يستدعي وقوفا مبكرا على الواقع المحتمل للمعارضة في العهد العوني العتيد. قبل اكثر من ربع قرن أصيب الشارع المسيحي بما سمي اصطلاحا الاحباط عقب بدء عصر الطائف الذي كان الجنرال اكبر ضحاياه. ولن يشكل انتخاب الجنرال رئيسا نموذجا غريبا من نماذج الإفادة من دروس الواقعية السياسية التي حملته من ضفة الى أخرى والعودة الى رأس الهرم الدستوري في لبنان. هذه الواقعية السياسية كانت محور الخطاب الهجومي العوني لوقت طويل قبل ان يبدأ مسيرة انخراطه المتدرج في "قواعدها". ولكن الامر لا يتصل بسلوكيات الجنرال وحده إذ ان قواعده الشعبية اسوة بقواعد الأحزاب المسيحية الاخرى ذاقت الطعم المر للإحباط المزدوج الذي نشأ عن ظروف ولادة الطائف وما ادت اليه من انفجار الحرب العونية – القواتية. لا نستعيد ذلك الآن على سبيل هواية لا تجيزها حتى معارضة انتخاب الجنرال، وانما فقط لتنبيه قواعد شعبية محبطة وأخصها في الشارع السني انه يتعين عليها ان تعرف كيف تؤطر معارضتها المشروعة للعهد العوني ولو كان أبرز قادته الرئيس سعد الحريري العراب الأساسي لهذا العهد. ثمة خطورة بالغة إن هامت المعارضة على وجهها وتضعضعت تحت وطأة الضربات الحادة المتعاقبة التي اصابت تحالف قوى 14 آذار وفككته بلوغا الى صعود عنوان استراتيجي لانتصار محور خصومها الداخليين والإقليميين. حتى النائب فرنجية نفسه لم يتردد لحظة في الجهر صراحة بان انتخاب عون سيكون "انتصارا لفريقنا السياسي". وهي حقيقة شديدة القسوة على قواعد قوى حزبية ونخب مستقلة متعددة الاتجاهات والطائفة ترفض التسليم بانهيار صراع لمصلحة المحور الآخر لألف علة وسبب. والأسوأ في هذا المقلب ان هذه القواعد ستجد نفسها امام ازدواجية ممزقة بين قيادات منخرطة في العهد وقواعد رافضة له، علما ان إشكالية التآلف بين سيد العهد الآتي وهذا الاصطفاف الغريب لأفرقاء خصوم من حوله ستكون إحدى ابرز المعضلات التي سيتعين عليه مواجهتها من اللحظة الاولى. ولهذا الامر مقاربات لاحقة لا تتسع لها هذه العجالة. الأهم في كل هذا السياق ان ينشأ مفهوم شديد التعالي على الانفعالات التي يبدو الشارع السني تحديدا اكثر من سواه عرضة لها بما يخشى معه استعادة او استنساخ تجربة الاحباط المسيحي سابقا الى حدود مدمرة عبثية. ولن يكون امام المعارضين عموما وفي هذا الشارع خصوصا في مواجهة تطور قسري كهذا الا خيار صياغة معارضة مدنية متطورة وقادرة على فرض تأثيرها بعيدا من التجارب الفاشلة وأخصها تمزيق الذات وتوفير فائض خدمات إضافية لرافعي رايات الشماتة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم