الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

"البوانتاج الرئاسي" بعد مفاجأة الحريري !

ريـمون شاكر
"البوانتاج الرئاسي" بعد مفاجأة الحريري !
"البوانتاج الرئاسي" بعد مفاجأة الحريري !
A+ A-

فـي 18 كانون الثانـي 2016، أعلن الدكتور سـميـر جعجع تبنّـي "القوات اللبنانية" ترشيح رئيس "تكتل التغييـر والإصلاح" النائب العماد ميشال عون إلى رئاسة الـجمهورية. هذه الـخطوة إعتبـرها البعض قراراً جريئاً وخطوة مباركة فـي توحيد الصف الـمسيحي، وأدرجها البعض الآخر فـي إطار ردّ على الرئيس سعد الــحريري، ومن خلفه السعودية لتبنّيهما ترشيح النائب سليمان فرنـجية. وفـي 29 كانون الثانـي 2016، قطع الأميـن العام لـ"حزب الله" كل الشكوك، وأعلن موقف حزبه من الـملف الرئاسي: "ملتزمون تأيــيد العماد ميشال عون، ولا تراجع عن هذا الإلتـزام إلاّ فـي حالة واحدة، أن يُعلن عون إنسحابه من السباق الرئاسي".
ماذا غيـّر خيار "حزب الله" فـي حسابات الـمعركة الرئاسية؟ وماذا غيّـر تبنّـي "القوات اللبنانية" ترشيح العماد ميشال عون؟ هل زادت فعلاً حظوظ الـجنـرال بعدما حظي بتأيــيد رأسَي الـحربة فـي 8 و14 آذار؟ وهل تغيـّـر "البوانتاج" الرئاسي بعد هذين التأيــيدين؟
على الصعيد الشعبـي زادت نسبة الـمسيحيـيـن الـمؤيديـن للعماد عون بـحوالـى 30 فـي الـمئة، بعد إنضمام "القوات" الى تأيـيده، وخسر حوالـى 10 فـي الـمئة من الـمسيحييـن الـمؤيدين للنائب فرنـجيه ولـخطه السياسي. أمّا نيابياً، فقد ربـح 8 أصوات، كتلة "القوات اللبنانية"، وخسر 3 أصوات، كتلة نواب "الـمردة". ومنذ كانون الثانـي 2016 وحتـى 25 أيلول 2016، أي قبل يوم من تاريخ إجتماع بنشعي بيـن الرئيس سعد الـحريري والنائب سليمان فرنـجية، لـم تغيّـر أي ّكتلة موقفها، وبقيت الأصوات النيابية موزّعة على الشكل الآتي:
48 صوتاً للعماد عون: كتلة الإصلاح والتغييـر 23، كتلة الوفاء للمقاومة 13، كتلة القوات اللبنانية 8، كتلة الـحزب السوري القومي 2، وكتلة حزب البعث 2.
71 صوتاً للنائب فرنـجية: كتلة نواب الـمردة 3، كتلة الـمستقبل 34، كتلة اللقاء الديـموقراطي والـحزب الإشتـراكي 11، النواب الـمسيحيون الـمستقلّون فـي 14 آذار وعددهم 6، والنواب طلال إرسلان، نـجيب ميقاتـي، أحـمد كرامي، ومـحمد الصفدي 4، وكتلة التنمية والتـحرير 13.
9 أصوات متـردّدة: كتلة حزب الكتائب 5، والنواب: ميشال الـمر، نايلة توينـي، نقولا فتوش وعماد الـحوت 4.
فـي 26 أيلول 2016، فاجأ الرئيس الـحريري الـجميع. توجّه إلى بنشعي وأبلغ النائب فرنـجية أنه لـم يعد يستطيع الإنتظار، إن كان على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الوطنـي، والبلد يتجه بوتيـرة سريعة نـحو الـخراب والإنـهيار، وأمام الأفق الـمسدود رئاسياً وحكومياً واقتصادياً، يـجد نفسه مرغماً على تبنّـي ترشيح عون لرئاسة الـجمهورية من أجل إنـهاء الشغور الرئاسي، وما أكّد التوجّه الـجديد للحريري، هو عدم تطرّق بيان "تيار الـمستقبل" إلى إستـمرار دعم النائب فرنـجية، الأمر الذي عزّز الشكوك فـي وجود تغيّـر فـي موقف التيار الأزرق، واعتُبـر مؤشّراً على جنوح الـحريري إلى تبنّـي ترشيح عون. أما الذي ثـبّـت هذا التوجّه هو ما قاله فرنـجية بعد بضع ساعات من اللقاء: "إذا إتفق الـحريري مع عون وسـمّاه لرئاسة الـجمهورية، فسيحصد نفس النتيجة حينما سـمّى الرئيس أميـن الـجميل عون رئيساً للحكومة عام 1988".
إذا صمد هذا الـخيار "الـحريري" الـمُفاجئ ولـم يصطدم بعراقيل داخلية كبيـرة، وتدخلات خارجية ضاغطة، وخصوصاً سعودية، وبقيت باقـي الكتل على مواقفها السابقة، يُصبح "البوانتاج الرئاسي" على الشكل الآتي:
82 صوتاً للعماد عون، 37 صوتاً للنائب فرنـجيه، و9 أصوات متردّدة (؟).
بعد هذه التطورات الـمتسارعة، هل يتوجّه جـميع النواب إلى الـمجلس فـي 31 تشرين الأول راضخيـن لإرادة الشعب والدستور والـميثاق والواجب، وتأخذ اللعبة الديـموقراطية مـجراها الطبيعي؟ أم ستنبت شروط وعراقيل جديدة تـمنع إجراء الإنتخابات الرئاسية؟
إن الكلام على سلة تفاهـمات تسبق إنتخاب الرئيس وتشمل قانون الإنتخاب، وتأليف الـحكومة، والـمناصب الـحساسة فـي الدولة وغيـرها، ليست معبـراً للحلّ الـمتكامل، كما يُروّج البعض، بل معبـراً للأزمات والـمشكلات والنزاعات التـي لا تنتهي، فقانون الإنتخاب وحده إحتاج إلى أكثر من أربع سنوات من النقاش وعشرات الإجتماعات من دون التوصّل إلى أيّ نتيجة، فكيف بالـحري باقي السلة؟ فإذا كان الـمطلوب وضْع العصي فـي دواليب الـحل، فليس أسهل من إضافة موضوعات أخرى شائكة على السلة، مثل سلاح "حزب الله" والتدخّل العسكري فـي سوريا وغيـرها من القضايا التـي لا حلّ لـها فـي الـمدى الـمنظور. معه حق البطريرك الراعي عندما يقول: "إنّ السلة التـي يتكلمون عنها تعرّي رئيس الـجمهورية من صلاحياته ومَن يقبل بـها يكون بلا كرامة".
أما بالنسبة الى نصاب جلسات إنتخاب الرئيس الذي إعتمدته اللجان النيابية، والذي حدّد الثلثيـن فـي كل الدورات (بغيـر وجه حق) فإنّ العماد عون يـحتاج إلى أربعة نواب فقط لتأميـن النصاب، وهذا الأمر ليس بالـمستحيل، إذا صفت النيات، وخصوصاً أنّ الكتل الـمعارضة (حتـى الآن) لـم تقاطع جلسات الإنتخاب السابقة واعتبـرت أنّ الـمقاطعة خيانة، فهل تبقى هذه الكتل على مواقفها، أم للضرورة أحكام؟ هناك خشية عند بعض العونييـن أن ترمي مـحاولة الـحريري الـجديدة إلى الـمماطلة والتسويف من أجل تبـرئة الذمة تـجاه عون بتـحميل مسؤولية إجهاض فرصة إنتخابه للثنائي الشيعي، وهناك خوف أيضاً من أن تقضي اللعبة بتأميـن النصاب من أجل إنتخاب النائب سليمان فرنـجية أو مرشّح ثالث، ما دام إنتخاب الرئيس يتمّ بطريقة سرية. كل الإحتمالات "واردة"، خصوصاً أنّ بري وجنبلاط لا يبدوان فـي موقع إيـجابـي حيال الخيار الـجديد للـحريري.
السؤال الذي يقلق اللبنانييـن ولـم يـجدوا له جواباً : ماذا إذا فشل الـحريري فـي مسعاه الأخيـر لأسباب داخلية أو خارجية، هل يبقى الوطن معلّقاً على صليب الفراغ والشلل والإهتـراء؟ وإلى متـى؟
أيها القادة والزعماء، الوطن يناديكم، فلا تصمّوا آذانكم، والشعب يستصرخكم أن ترحـموه، فلا تظلموه.


باحث وكاتب سياسي

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم