الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

حين يزعل اللبنانيّون من... "أمّهم"!

الياس الديري
الياس الديري
حين يزعل اللبنانيّون من... "أمّهم"!
حين يزعل اللبنانيّون من... "أمّهم"!
A+ A-

مشكلة لبنان الكبرى مصدرها اللبنانيّون أنفسهم. اللبنانيّون إيّاهم الذين يتباهون بالصوت العالي: كل مين أخذ أمنا صار عمّنا.


وكل مَنْ صار مندوباً على لبنانهم، أو وصيّاً عليه، تنافسوا في ما بينهم على إعلان الطاعة له والحصول على رضاه و"الحظوة": ويا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزل.
ولا حاجة إلى تذكير أحد، أو شرح تفاصيل "الوصاية" وأفعال اللبنانيّين العجيبة الغريبة، في سبيل الوصول إلى "لمسة رضا"، أو "كلمة مطمئنة" من خادم الوصي...
التفاصيل في هذا الحقل تحتاج إلى موسوعات، وخصوصاً إذا ما بدأت مع الاحتلال العثماني المعفَّن، ومرَّت بالدول السبع لتحط رحالها في عهدة الانتداب الفرنسي الذي تميَّز بتعامله الحضاري مع اللبنانيِّين وتشييده المدارس والجامعات، ونقل مناخ البلد من تحت مشانق العثماني إلى روح الحرية.
والمشكلة الكبرى، في واقع الحال، هي مع فرنسا التي بقيت تعامل لبنان حتى بعد إعلان الاستقلال "التام" و"الناجز" وانسحابها النهائي "معاملة الام لابنها القاصر" على حدّ تعبير الرئيس كميل شمعون... ممّا جعل اللبنانيّين "يرتبطون" بقضاياهم، وأزماتهم، ومآزقهم بـ"الأم الحنون"...
وإلى هذه الساعة لا يزال الإيقاع هو ذاته: فالقصّة وما فيها أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فقع خطاباً سياسيّاً ملعلعاً قبل يومين، من غير أن يأتي على ذكر لبنان، والفراغ الرئاسي، وإصرار طهران وحلفائها على إبقاء لبنان بلا رئيس جمهوريّة.
فكيف يفعلها هولاند؟ كيف تنسانا الأم الحنون؟ وهل يعقل أن باريس تتخلّى عن بيروت، أو تهديها إلى طهران؟
وليكتمل النقل بالزعرور، ويمتلئ فنجان الفراغ الرئاسي بالشكوك والريبة، أعلنت الممثّلة الشخصيّة للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ "بشرى" تأجيل مؤتمر مجموعة الدعم الدولي للبنان إلى أجلٍ غير واضح. ولأسباب غير مُعلنة.
فبديهي أن يلعب الفأر في أعباب الناس، وخصوصاً مع إصرار الجنرال ميشال عون على مقاطعة وزيريه جلسات مجلس الوزراء للحؤول دون التمديد للجنرال جان قهوجي، ولعودة "هدايا" الزبالة إلى الانتشار الكثيف في معظم الساحات والأوتوسترادات، وحتى داخل الزواريب والأحياء.
والحكومة هي والمجلس في إجازة قد يكسرها المجلس في الخامس من أيلول، وقد يبقى كل شيء على ما هو... إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وما زاد الطين بلَّة أن الرئيس الفرنسي تطرّق الى الملف السوري الإيراني الخليجي، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، من غير أن يتذكّر لبنان ولو من باب رفع العتب.
اللبنانيّون معروفون باتّكاليتهم على الغير في الأمور الوطنية، ومَنْ أحقُّ وأجدر من فرنسا؟
لكن الأم الحنون نسيتهم. وقد تنساهم مراراً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم