الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

الانشغال في الزواريب عنوان "الدراما" اللبنانية

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
الانشغال في الزواريب عنوان "الدراما" اللبنانية
الانشغال في الزواريب عنوان "الدراما" اللبنانية
A+ A-

قد يكون اكثر ما يعبر عن فظاعة او درامية الوضع الذي يعيشه لبنان راهنا مقدار الهامشية التي يغرق فيها وتفويته فرصا لاعادة بعض الحضور الى وجوده ومعناه السياسي داخليا وعلى الصعيد الخارجي في ظل انشغال افرقائه عمدا في زواريب اثارة مسائل اساسية ولكن غير جوهرية من زاوية المصالح الشخصية والحزبية الضيقة في حين تغيب عنهم محاولة معرفة او الاطلاع على ابعاد التطورات الخطيرة المتسارعة في المنطقة. ولولا الزيارة التي قام بها امس الرئيس سعد الحريري الى انقرة مثلا في الوقت الذي بدأت تركيا انخراطها المباشر والعملاني في الحرب على الارض السورية او حتى ربما زيارة النائب سامي الجميل الى موسكو في هذا التوقيت ايضا لبدا ان لبنان يعيش في قارة اخرى ولا علاقة له بما يجري في دول الجوار. فلا ينشغل باستقصاء ما يحصل ولا بمحاولة بحث سياسي جانبي على الاقل وليس اساسيا في انعكاسات كل ذلك علما ان لبنان ليس في منأى عما يدور من حوله كما ان بعض المواقف او المواقع لدول اقليمية شهدت تغييرات جذرية بنسبة 180 درجة عما كانت عليه سابقا او ينشغل بمحاولة اقحام نفسه في اي اتصالات اقليمية في ظل انشغالات دول الجوار في حجز حصة لها في اي تسوية مقبلة بدلا من ان تأتي اي تسوية على حسابها كما يمكن ان يحصل بالنسبة الى لبنان مثلا. وهذا امر كارثي وفق ما يراه سياسيون وديبلوماسيون كثر وكذلك وفق ما يراه رأي عام لا يجد اجوبة على تساؤلاته ازاء القلق الوجودي الذي تثيره تطورات تركت ولا تزال تترك انعكاسات سلبية على لبنان ويزيد منه الامعان في الغرق في المشاكل والصراعات الداخلية من دون الالتفات الى ما يجري وان كان ثمة من يجد اعذارا في واقع انتظار لبنان ومن خلال رهانات افرقائه على نتائج التطورات في المنطقة. فليس هناك من تقدير تظهره غالبية الافرقاء السياسيين لخطورة ما يرسم للمنطقة وفيها ولا يظهرون مقدارا من المسؤولية يوحي بامكان ثقة الناس ان في امكانهم قيادة لبنان في هذه المرحلة او التنازل نسبيا من اجل انقاذ البلد او منع انزلاقه الى ما هو ادهى. واذ تستعيد ازمة التعيينات العسكرية لاسيما منها المتصلة بتعيين قائد جديد للجيش اللبناني مكان العماد جان قهوجي سيناريو التفاصيل نفسها التي عاشها لبنان العام الماضي في مثل هذا الوقت لدى اثارة الموضوع على طاولة مجلس الوزراء فانما تظهر اولا ان معطيات الازمة الداخلية على حالها على غير ما هي المعطيات المتصلة بالوضع الاقليمي الذي يشهد تغييرات متسارعة كان اخرها ما دخل عبر بوابة تركيا ومنها الى التحالفات الاقليمية ومن هذه التحالفات الى سوريا، وثانيا ان تجميد الوضع عند ما هو عليه سيبقى قائما خصوصا في ظل المتغيرات الكبيرة التي ترسم فيها معالم المنطقة من جديد وليس هناك من يمكن ان يولي لبنان اي اهتمام في هذه المرحلة ولا استعداد لان يكون هناك اي ملمح او مؤشر يهز الاستقرار على القاعدة نفسها ما لم يكن اي تغيير ممكن حصوله في ظل توافق داخلي لا يفتعل المزيد من الازمات.


تبعا لذلك لم يتخل احد من الافرقاء عن مقاربته لموضوع التعيينات في قيادة الجيش علما ان الموضوع خاضع ايضا للحسابات المحلية وليس للحسابات الخارجية فحسب. لكن مع اختلاف عنصر اساسي بين واقع هذا الموضوع العام الماضي وواقعه اليوم، فان غياب العامل الشخصي لدى الزعيم العوني الذي قارب الموضوع العام الماضي من زاوية رغبته في تعيين صهره العميد شامل روكز في قيادة الجيش كان يمكن ان يجد من يبحث عن مقاربة توفيقية لولا مقاربة خطيرة بات يراها سياسيون كثر. اذ ليس خافيا ان هناك من يرى ضرورة محاولة تنفيس الاحتقان الذي يثيره التيار العوني على خلفية مطالبته برئاسة الجمهورية من دون النجاح في الوصول اليها في ما يرى كثر خطورة في ان يضمر اقتراح الامور من جانب التيار تحت عنوان الميثاقية استمرارا او سعيا لحصر التسمية للمواقع المسيحية الرئيسية في الدولة في يد التيار الوطني الحر. وهو الامر الذي قد يجهض اي مساع لايجاد جامع مشترك يتفق عليه جميع الافرقاء في حال التسليم جدلا بان هناك استعدادا لتسوية ما من خارج التسوية التي يمكن ان تتضمن بداية انتخاب رئيس للجمهورية.فالباب الذي بات يفتحه التيار العوني على صعيد الميثاقية يفجر مسائل خطيرة لا تقل عن القانون الارثوذكسي الذي طلب اعتماده للانتخابات النيابية من خلال اسباغ طابع طائفي يعتقد كثر ان المواقع الاساسية في الدولة لا يجب ان تخضع لها. الا انه في الوقت نفسه يثير البعض تساؤلات اذا كانت هذه المقاربة للامور تثار من زاوية مصالح شخصية مباشرة موجودة وقائمة ويدور عليها صراع منذ سعى العماد عون الى الرئاسة في العام 1988 او هي تثار من زاوية مواكبة ما يعتقد انه ما قد يرسم للمنطقة على نحو مبكر وسابق لنتائج ما ترسو عليه الاوضاع في كل من سوريا والعراق وان ذلك ربما يجد تشجيعا ما من اجل تشجيع المسيحيين على البقاء في المنطقة بحيث يمكن توظيفه من اجل تسجيل المكاسب التي يتم السعي اليها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم