الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

التمديد الثالث للبرلمان بين الثورة وفراغ الرئاسات الشامل

ايلي الحاج
A+ A-

لا يترك سياسيون احتمالاً للبحث في إجراء الإنتخابات النيابية بانتهاء مدة التمديد الثاني للمجلس في الربيع المقبل ما لم يُنتخب رئيس للجمهورية . سياسيون آخرون يؤكدون أن الإنتخابات حاصلة في موعدها ولا أحد يجرؤ هذه المرة على طلب تمديد ثالث أو الموافقة عليه.


يستند القائلون بالتمديد الثالث للبرلمان في مجالسهم إلى واقع أن الذهاب إلى الإنتخابات النيابية بعد تعذر الإتفاق على قانون جديد يعني إجراءها وفق "قانون الستين" الذي يرفضه المسيحيون بغالبية أحزابهم، لأنه لا يحقق المناصفة وصحة التمثيل اللذين نص عليهما اتفاق الطائف، ويرشح من أجواء اجتماعات معلنة وغير معلنة لهذه الأحزاب أنها تنوي خوض معركة إعلامية وشعبية كبيرة ضد "الستين"، مما يزيد الوضع السياسي تأزيماً تحت شعارات ومطالب خلافية وذات طابع طائفي ليس وقتها.
فوق ذلك هناك أكثر من حزب وتيار وسياسي لا يناسبهم مطلقاً خوض الإنتخابات وفق التحالفات السياسية والظروف الحالية، خصوصاً بعد تجربة الإنتخابات البلدية التي حملت الجميع على إعادة حساباتهم والتعامل مع معطيات جديدة، حتى في مناطق ودوائر كانت معتبرة محسومة الولاء سابقاً وتبيّن أنها أصبحت في أمكنة أخرى، منها طرابلس على سبيل المثال حيث حقق وزير العدل اللواء أشرف ريفي نتائج مفاجئة من خلال دعمه لما يقرره "المجتمع المدني". وهناك من يجزمون أن أقضية الشمال كلها ستقدم نتائج مشابهة في حال جرت الإنتخابات قبل أن يتمكن "تيار المستقبل" من استعادة قواه وأنفاسه بعد ما أصابه نتيجة للأزمة المالية والترددات الشعبية لقرارات غير شعبية في بيئته، لعل آخرها تأييد ترشيح رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية بعد سلسلة طويلة مما يسميها منتقدوه "تنازلات" قدمها أمام "حزب الله" وفريقه. الأمر نفسه ينطبق على "القوات اللبنانية" المهددة بفقدان مقاعد غالية في كتلتها لنواب زحلة والبترون والكورة الذين فازوا بأصوات التحالف مع قوى 14 آذار مجتمعة، وليس أكيداً أن "التيار الوطني الحر" يمكنه تعويض بعضها، حين أن هذا التيار يتكئ على دعم ثابت من جمهور حليفه "حزب الله" لا يستطيع تجييره لحليفه الآخر، لا في زحلة ولا في جبيل ولا في بعبدا أو جزين.
يزيد من يستبعدون حصول الإنتخابات إذا لم يُنتخب رئيس للجمهورية أن موقع رئيس مجلس النواب نبيه بري سيشغر في هذه الحال للمرة الأولى منذ 1992 لأنه لا يُعقل أن يقبل النواب، المسيحيون خصوصاً وغيرهم، بانتخاب رئيس للمجلس وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، فيترأس رئيس السن الجلسات النيابية، وهو في هذه الحال رئيس حزب الأحرار النائب دوري شمعون ( 1931)، يليه النائبان عبد اللطيف الزين وميشال المر (1932) بافتراض أنهم ترشحوا وفازوا في الإنتخابات.
وإذا جرت الإنتخابات النيابية قبل انتخاب الرئيس فستصبح حكومة الرئيس تمام سلام مستقيلة حكماً ويتعذر إجراء الإستشارات الملزمة لتكليف أي شخصية بتشكيل حكومة جديدة لغياب الرئيس، فتصير "حكومة المصلحة الوطنية" حكومة تصريف أعمال، وتتساوى الرئاسات في الفراغ.
بناء على هذا السيناريو "الكارثي" للمؤسسات، يؤكد سياسيون ومتابعون أن التمديد سيفرض نفسه للمرة الثالثة.
لكن أصحاب الرأي الآخر يرتكزون على واقع الرفض الشعبي العارم الذي سيواجه أي مطالبة بالتمديد الثالث، خصوصاً أن "المجتمع المدني" كما المجتمع السياسي معبأ إلى أقصى حد وإن بانفعال مكبوت بفعل أزمات تلف كل الفئات والقطاعات والمناطق، وسط عجز القيمين على إدارة البلاد وإن موقتاً و"بالتي هي" عن التوصل إلى حلول. ستكون الدعوة إلى تمديد ثالث للبرلمان في هذا الجو المحتقن والعامر باتهامات الفساد والعجز والتخبط المؤسساتي أشبه بدعوة إلى ثورة لا أحد يقدر على حصرها إذا اندلعت . لذلك سيذهب الجميع إلى انتخابات مقتنعين أو مرغمين لا فرق. فلا شيء يمكن أن يبرر للناس منعهم من الإقتراع لمحاسبة نوابهم بعدما اقترعوا للبلديات بكل هدوء وانتظام . لا شيء باستثناء أحداث أمنية، وعند ذلك سيمكن الكلام على "تأجيل تقني" لستة أشهر أو سنة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم