الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

المبيدات "المسرطنة" توقفَ استيرادها لكنها موجودة بالأطنان في السوق... هل من وقاية؟

المصدر: النهار
أسرار شبارو
أسرار شبارو
المبيدات "المسرطنة" توقفَ استيرادها لكنها موجودة بالأطنان في السوق... هل من وقاية؟
المبيدات "المسرطنة" توقفَ استيرادها لكنها موجودة بالأطنان في السوق... هل من وقاية؟
A+ A-

قنبلة جديدة فجّرها وزيرا الصحة والزراعة بالاعلان عن أن45 مبيداً زراعياً منها 9 سوائل، تسمى شوائب، مسببة للسرطان وللتشوهات الخلقية وتؤثر على الحوامل، ليتعرف اللبناني الى "منبع" جديد من السموم التي تفتك به يومياً متسللة عبر وجباته، وبعد القمح والسكر والبهارات والدجاج واللحمة انضم الى جدول "الموت البطيء" مبيدات مسرطنة!


منذ زمن طويل ونحن نأكل خضر وفواكه مرشوشة بسمّ قاتل "نتيجة عوامل عدة منها التهريب، وتسجيل شركات ودخول بعض البضائع بطرق ملتوية الى البلد، منها ما هو مسجل رسميا بحسب وزير الزراعة أكرم شهيب. وقد وجه وزير الصحة وائل ابو فاعور أصابع الاتهام إلىالمرجعية التي تنظر الى هذا الملف قائلاً "هذه اللجنة تدعى لجنة المبيدات الزراعية وتضم 6 ممثلين لاصحاب الشركات (اي من يفترض ان يكون مراقباً يقوم بالمراقبة)، إلى جانب مندوبين زراعييين من قبل وزارات البيئة والزراعة والصحة، ولكن عددهم اقل وصوتهم خافت، لأنّ صوت المال أقوى وتتلعثم امامه الألسن والعقول والضمائر. لذا تجب اعادة النظر باللجنة".


مندوبة وزارة الصحة في لجنة المبيدات، رئيسة دائرة الاستيراد والتصدير في وزارة الصحة الدكتورة ميسلون قانصو قالت لـ"النهار": "قدّمت استقالتي من دون ان يقبلها الوزير، لكن الآن أُعلن أنه اذا استمرّت اللجنة، فلن اعاود تكملة نشاطي فيها، فماذا يمنع أن يكون لدينا لجنة علمية".


ليس أمراً مستجداً


"لم يكن لدى وزارة الصحة قبل وصول الوزير ابو فاعور الى الوزراة اي اطلاع على عمل لجنة المبيدات اذ لم نكن ممثلين فيها بطريقة فعالة، ليبدأ اعتراضنا منذ تمثلنا، لكن لم نستطع منع دخول هذه المبيدات فلم يكن صوتنا مؤثراً،فيما أصوات التجار ومعهم بعض ممثلي وزارة الزراعة دائماً ترجح الكفة عكس ما أتمنى، الى أن اتخذ وزير الصحة قراراً نهائياً بالتحرك قبل ان يصير الامر خطيرًا"، قالت قانصو قبل ان تشرح عن اللوائح التي وضعت للمبيدات الخطيرة "اللوائح التي خرجنا بها ليست شيئاًمستجداً في العالم، بل هي مبيدات مصنفة عالميا أنها خطرة". واضافت "وضعنا ثلاث لوائح، الاولى للمبيدات المسرطنة والمؤثرة على الحوامل، أما الثانية فهي اعادة تأكيد على المبيدات التي تم سحبها بقرارات وزارية سابقة واللائحة الثالثة هي لائحة الشوائب التي سيتم فحصها ابتداء من لحظة صدور القرار".


الثغرة الأساسية


أحد اعضاء اللجنة من وزارة الزراعة الذي استغرب في اتصال مع "النهار" الحملة التي تشن عليها، أكد أن اللجنة "تابعة لوزراة الزراعة ومبنية على المرسوم رقم 5039 وقانون 6/ 68، هناك نظام تسجيل للادوية الزراعية، وكل ما يتم استيراده ضمن المواد المسجلة ومنها ما يستخدم في اوروبا". وأضاف متسائلاً "لا أعلم لماذا تشنّ الحملة على اللجنة في هذا التوقيت بالذات رغم أن كل ما نقوم به قانوني". وعن الحديث ان من المبيدات المصنفة خطرة ما يتم استخدامه في اوروبا، ردت قانصو"نعم لكنها مقيدة الاستعمال تحت سلطة وزارة الزراعة ومن يستخدمها ليس المزارع، بل المختص الذي يحمل شهادة من وزارة الزراعة، وليس بالطريقة العشوائية كما في لبنان".


الثغرة في لبنان بحسب قانصو هي "عدم وجود آلية لفحص المحصول الزراعي قبل وصوله الى المستهلك. المزارع يرش المبيد ويعرض منتجاته في السوق من دون معرفة معدل رواسب المبيدات فيها، واذا ما كان ضمن المعدلات المسموح بها، لذلك ولتكملة الخطوة التي قام بها سارع ابو فاعور الى تشكيل لجنة مشتركة بين وزارتي الصحة والزراعة لوضع الآلية اللازمة لمراقبة المحصول المحلي قبل طرحه في السوق".


رعب في غير محله!


العميد المشارك في كلية العلوم الزراعية والغذائية الدكتور نبيل نمر أكد لـ"النهار" أنه "لا يوجد شيء اسمه مواد مسرطنة في المبيد، بل مواد يحتويها تشجع تركيبتها خلايا بعض الناس الى ان تتحوّل سرطانية، الأمر يتوقف على كمية المبيد الموجودة على الثمر وجسم الانسان والمهلة المحددة المذكورة على العلبة". وأضاف "منذ عشرالسنوات وهذه المواد تستخدم، فلو كان الامر كما يقولون لما بقي لبناني بلا مرض السرطان". وعن الحديث عن 45 صنفا مسرطنا أجاب: "لنأخذ مثلاً deltamethrin هو موجود في عبوة البايغون الذي نرشه للقضاء على الحشرات، هل يعني ان من رش بايغون سيصاب بالسرطان؟ بالتأكيد كلا".


وانتقد نمر لائحة وزارة الزراعة قائلا "من الخطأ عرض اللائحة أمام الناس وتخويفهم بعبارة مواد مسرطنة، من هذه المبيدات المذكورة ما يتم استخدامه الى الآن في أوروبا ومنها ما تم ايقافه واستبداله بمواد بيولوجية لاهداف معينة وليس فقط بسبب السرطان، وقد اطلع المزارعون على أنه حتى سنة 2020 سيتم الاستغناء عن المواد الكيميائية لأن هناك حشرات باتت مقاومة لها، لذلك يفضلون تجربة ادوية بيولوجية، من دون ذكر أن الأدوية الكيميائية لديها أضرار كما نسارع نحن في لبنان الى ذكر سيئات الأمر".


تأثير أكيد ومشروط


لكن السجل الوطني لمرضى السرطان الذي تمّ تحديثه المرة الاخيرة عام 2005 يشير الى ارتفاع نسبة المصابين بهذا المرض في لبنان، حيث يوجد 205 مصابين بين كل 10 الاف، بينما في الدول العربية تبدأ من 185 بين كل 10 الاف، فهل سبب هذا الارتفاع هو المواد "المسرطنة" في المبيدات التي تدخل الى جسمنا منذ عشرات السنوات؟ عن ذلك اجاب طبيب الدم والاورام فادي فرحات قائلاً ل"النهار": "المبيدات المسرطنة ككل الأدوية الكيميائية من الممكن ان تلعب دوراً في ازدياد نسبة السرطان عند البشر، ومضارها تتوقف على الكمية والنوعية التي تدخل الى جسم الانسان، فهناك مبيدات سيئة ومنها ما هو أقل سوء، واذا كانت مسرطنة فستؤثر على صحة الانسان وتساعد على ظهور السرطان بعد فترة من الزمن سواء سرطان الثدي او الرئتين او المثانة اوالجهاز الهضمي".


وعن امكانية التخفيف من المواد "المسرطنة" من خلال غسيلها او اي طريقة أخرى علّق فرحات "لا مجال لذلك، فاذا كان الزرع مشبعاً بها من الصعب ازالتها سواء بغسلها او غليها". أما متى يمكن ان تظهر هذه التأثيرات السلبية فأجاب "القضية تراكمية تحتاج الى سنوات بين 10 الى 20 سنة"، شارحاً ان "السرطان لا يقف على عامل واحد كالمواد المسرطنة في المبيدات، هناك عوامل عدّة لها علاقة بجسم الانسان وبنمط حياته، اي اذا كان الشخص يأكل هذه المواد ونمط حياته صحي، يمارس رياضة وينام باكراً وهو بطبعه سعيد فإن تأثير هذه المواد أقل من تأثيرها على الانسان الذي يدخن ويشرب كحول ويستغرق في التعصيب والاكتئاب ".


حقيقة أم همروجة؟


وعما اذا كان سيتم سحب هذه المبيدات من الاسواق اجابت قانصو"الآن أوقف استيرادها، لكن عملية سحب ما هو موجود منها في الاسواق لا يتم بين ليلة وضحاها، فهناك اطنان من المبيدات دخلت إلى لبنان عبر السنوات، سنعطي مهلة سنة للتجار للانتهاء منها وبعدها عليه ان يعاود تصديرها الى بلد المنشأ". وعن امكانية دخول مبيدات غير شرعية اجابت: "لا استطيع نفي ذلك، الحدود مفتوحة، لكن طلبنا تعميم لائحة المواد المحظورة على الجمارك لمنع دخولها، لكن يمكن القول ان القرار يسد كل الثغرات وهو بحاجة للتطبيق على الارض بمساعدة الجمارك".


ويبقى السؤال هل فات الاوان على صحتنا بعد أن تناولنا من مزروعات رشت بهذه المبيدات ردت قانصو "نحن نعمل للمستقبل، للاجيال الآتية، في كل عائلة هناك حالتان الى ثلاثة مصابة بالسرطان، لماذا نسكت من اجل مصالح خاصة وملايين تجنى"، لكن الى متى ستبقى الهمّة مرتفعة؟ وهل ستستكمل الخطوة الاولى التي بدأت في مشوار الالف ميل بباقي الخطوات؟ أم كما اعتدنا ان تنتهي "الرحلة" بعد الانطلاق "بأمتار"؟! والسؤال الاهم اي ضريبة صحية اضافية سيدفعها اللبنانيون نتيجة عدم تحرك حاسم لسحب جميع المبيدات المسرطنة من السوق والاكتفاء بوقف استيرادها؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم