الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

... وماذا عن الآتي؟

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

كان الرئيس تقي الدين الصلح يقول لنا حين تشتدّ الأزمات العربيَّة من حولنا إن على لبنان أن يكون صوت الوفاق بين العرب. فأي أزمة في أي بلد عربي لا بدَّ أن تحاول جذبه إليها، فيجلب الدب الى كرمه إذا استجاب.
مَثَلٌ آخر من ذلك العقل المتنوِّر الرؤيوي: إذا أصيبت سوريا بوجع في رأسها، للحال ترتفع حرارة لبنان...
فلبنان اليوم في أكثر من ورطة. وفي أكثر من مأزق، كونه لم يأخذ في الاعتبار "الوضع الخاص" لهذا البلد الصغير، والثماني عشرة طائفة التي تشكّل صيغته وتركيبته، فضلاً عن "دور المصلح" الذي أعطي له باستحقاق من كل العواصم العربيّة.
نبدأ بأزمة الفراغ الرئاسي، لنصل الى الأزمة الأهم: أزمة المصير بالنسبة الى هذا اللبنان الذي أصبح ممنوعاً من انتخاب رئيس للجمهوريَّة، وغير قادر على معرفة "الأسباب الحقيقية" لهذا العقاب، وموعد النهاية، وطريقة بلوغ هذه النهاية.
لن نتوقّف طويلاً عند هذا البند، الذي بات من شبه المؤكد ارتباطه بالخارج، وعَبْر حلفاء هذا الخارج في الداخل.
كذلك لن نغرق في مشكلة الهجرة شبه الجماعيَّة، والمتواصلة تقريباً، والتي لم تعد تقتصر على الطالعة أو النازلة بل باتت شمولية. تقتلع العائلات بشيبها قبل شبابها.
ليس في الأفق اللبناني، بعد عامين من الصبر والانتظار والوعود، ما يدلَّ على متغيَّرات جديَّة واحتمال انفراجات.
فضلاً عن وجود "دويلة" كاملة "بمؤسَّساتها ومرجعيَّتها، ومستقلَّة تماماً وكليّاً بقراراتها وتصرفاتها، وحتى اندماجها في حروب شرسة وخطيرة بأهدافها كما بذيولها...
ثم الخطر "الأخطر"، الذي بدأ يبني مداميكه بصمت وهدوء، والمتمثِّل عمليّاً بوجود ملايين النازحين المنتشرين في مناطق ومدن وقرى عدة، و"اطلالة" مشروع التوطين الذي سرّب على حين غرّة، وبعد صدوره بأكثر من شهر.
مجرّد وجود قرار كهذا، أو اتجاه كهذا، أو نيّة كهذه تصدر رسمياً عن الأمين العام للأمم المتحدة، يجعل الفأر يلعب في أعباب الجميع، بدون استثناء.
وتأكيداً لخطورة هذا التطوّر المفاجئ والمفاجع، أبلغت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرئيس تمام سلام اهتمامها القوي بالتطورات التي تشكّل تهديداً مباشراً لوضع لبنان كبلد صغير، ولوجوده المميَّز في قلب العالم العربي.
أما وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بترو بارولين، فقد صارح سلام بقلق البابا وحرصه على استقرار لبنان، وتمكّنه من انتخاب رئيس للجمهورية، مع تأكيده الرفض التام لأي محاولة توطين من شأنها تهديد صيغة هذا البلد...
حتماً، سيتسع نطاق الاهتمام والكلام بالنسبة الى قصة التوطين والتجنيس، بعد الانتهاء من همروجة الانتخابات البلديَّة.
والأمل ألا يكون الآتي أعظم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم