الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

نادين نجيم تخرج عن صمتها وتردّ "أخاف منكم على أولادي"

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
نادين نجيم تخرج عن صمتها وتردّ  "أخاف منكم على أولادي"
نادين نجيم تخرج عن صمتها وتردّ "أخاف منكم على أولادي"
A+ A-

نبشوا لها مقابلة قديمة أجرتها منذ سنوات، ليحوّلوا تصريحها قضيّة رأي عام. خطوةٌ فجائية في التوقيت والمقاربة، جعلت من موقف الممثلة اللبنانية #نادين_نجيم حديث اللبنانيين وشغلهم الشاغل. يقولون إنها كرّست التمييز بين الرجل والمرأة وشرّعت لابنها ما لا تقبله لابنتها من حريّة شخصيّة. إحدى المقالات التي استهدفت بطلة مسلسل "لو" عنونت باللغة الانكليزية ما مفاده أن :"نادين نجيم أعادت نساء لبنان 100 عام الى الوراء". واقعياً، ليس من الخطأ أن نتفق مع نظرة نادين نجيم الشخصيّة حول مفاهيم التربية والأسرة وحقوق المرأة، أو أن نتعارض معها. لكن المشكلة تكمن في أن يقابل موقفها بموقفٍ لا يتوخى معايير الأخلاق والأداب العامّة.


وإذا سلّمنا جدلاً أن نجيم اقترفت خطأً في مقاربتها على أساس أنها كرّست تمييزاً بين حقوق ابنها وحقوق ابنتها، أو أنها تهوّرت في "الصراحة الزائدة" أمام الكاميرا، لكن الأسوأ من ذلك يكمن في استهداف شخصها وتضييق خناق المسألة لتصير مواجهةً فرديّة بدل أن تكون حملةً هادفة. خصوصاً أن مقاربة نادين جاءت على صعيدٍ عائلي ضيّق، وليس على نطاق المجتمع. أما الإشكالية التي تطرح نفسها في هذا الإطار فهي التالية: هل فعلاً أن نادين نجيم أعادت اللبنانيات 100 عامٍ الى الوراء؟ وهل نحن نعيش اليوم في إطار مجتمعٍ تحاكي فيه مظاهر عيشنا دول العالم الغربية المتطوّرة؟ أم أننا لا نزال فعلاً متأخرين 100 عام عن معنى الحداثة الذي يتبرّج به البعض كصورةٍ لا أكثر؟ وجرائم العنف الأسري دليلٌ حيّ على ذلك!


إما الحداثة وإما التقليد؟
"أعداء الأخلاق كثر، ليس فقط أعداء النجاح. مع الأسف الفساد يعمّ عقول البشر فيصنّفوني في خانة التخلّف لأنني أريد تربية ابنتي على المبادئ. كل انسان يتكلّم بأصله"، بهذه العبارة اختارت نجيم الردّ على الحملة التي شنّت عليها بعد انقضاء سنوات على المقابلة التي أجرتها مع الإعلامي ميلاد حدشيتي عبر شاشة المستقبل. وتابعت أن "التعليقات المسيئة تأتي من أناس يجعلني مستواها أخاف على أولادي وبخاصة ابنتي. نحن نعيش في غابة وهم يتكلّمون عن الحرية الجنسيّة". لا تخفي ملكة جمال لبنان تذمّرها من مطاردة البعض لشؤونها الشخصيّة: "تركوا مصائب البلد ولحقوا بي". وهم قبل كلّ شيء، نبشوا الأرشيف وحوّلوه الى حالة آنيّة مستعجلة. لماذا اليوم بالذات؟


الباحثة في شؤون الإعلام والتواصل الدكتورة ميرنا بو زيد تصوّر المسألة في خانة علاقات المشاهير الملتبسة مع وسائل الاعلام. ما حصل ليس برأيها عملاً اعلامياً مهنيّاً لأنه لم يأتِ في اطار تحقيق يستعرض مواقف جميع الفنانات حيال موضوع اجتماعي واسع المفترقات. وهي تعتبر أن الجدل خدم الممثلة وزاد من حديث الناس عنها وفعّل شهرتها ولو بالطريقة السلبية. وتضيف أن "المقصود من اعادة احياء المقابلة هو إثارة جدل بطريقة ما لا أكثر، خصوصاً أن الموضوع يتناول فئة من المجتمع التي تناضل للحصول على المساواة وترفض هذا النوع من التصاريح خصوصاً من المشاهير حيث الناس تتأثر بهم عندما تقرأ آراءهم".


"برأيك الى أي مدى اعادة تسليط الضوء على الموضوع من خلال مقالة كتبت باللغة الانكليزية زاد وقعه في النفوس؟". تجيب أن عامل اللغة الانكليزية لا يؤثّر في ضخّ الزخم الاعلامي حيال المسألة، بل كون الممثلة شهيرة جداً في الأوساط العربية وكون الموقف الذي اطلقته جريئاً ومترافقاً مع مطالبة حقوق المرأة بالمساواة الذي يعتبر مطلباً حاضراً مجتمعياً في أذهان الناس وتتولاه جمعيات زادت من فاعلية نشاطها في العامين الأخيرين. وبالتالي، إن الجو العام مهيأ بالكامل قابل للتفاعل مع هذا الموضوع.


تضع بو زيد الموضوع في خانة أن الحقوق واحدة ولا يمكن تقاسمها وهذا ما شكّل جدالاً حول موقف الممثلة الجريء. لكن برأيها، لا شيء يبرّر الخروج عن المعايير الأدبية والأخلاقية في انتقاد موقفها. "كي تتفادى الحملة التي شنّت عليها، كان يمكنها تصوير الموقف من ناحية تأييد مبدأ المحافظة على التقاليد او رفضها بشكلٍ مطلق دون حصر المسألة في نطاق التمييز بين الرجل والمرأة".


بدورها المدربة الاجتماعية الدكتورة لورنس عجاقة تشير الى ان القطبة المخفيّة في انتقاد نجيم تتمثّل في أنها لم تكن من مناصري الحداثة ولا مناصري التقليد في آن، وبالتالي ان موقفها ضائع. تقول: "لو صرّحت أنها مع العلاقات قبل الزواج بالمطلق لاعتبروا أنها مع مفهوم الحداثة الغربية. انتقدوها لأن الطريقة التي تكلمت فيها لا تتوخى المعايير الديبلوماسية. كان يجب أن لا تقول إنها تتيح لابنها ما لا تتيحه لابنتها ما عكس تمييزاً في الشخص لا في المبدأ".


وتنطلق من ردّة فعل #المجتمع_اللبناني لتعقّب على أن الجيل الجديد في لبنان يعولم كلّ مظاهر الحياة لمجرّد تحديثها. لكن من الصعب عولمة العادات والتقاليد لأن ذلك يؤدي الى اضاعة بوصلة المجتمع وتفتت الهويّة خصوصاً اننا نتخلّى عن معايير اجتماعية كنا نتغنى بها. وتتساءل: "يستعرض البعض مسألة التشجيع على خوض تجارب عاطفية حميمة خارج إطار الزواج لمجرّد تسجيل مواقف كلامية. ولكن هل يتقبل المجتمع فعلاً فكرة أن تنجب المرأة وتربي اولادها خارج نطاق المؤسسة الزوجية؟ بالتأكيد الجواب سلبي".


تصوّر عجاقة الحملات المجتمعية المماثلة للحملة على نجيم، والتي تدعو الى التفلت التام من المعايير العائلية المحافظة والسير نحو الانفتاح الجنسي على أنها تؤدي الى هلاك مجتمعي: "هي تحدّ من رغبة الشباب في #الزواج حيث لا يقدم على هذه الخطوة سوى الذين يرغبون في انجاب الاطفال وهذا عامل غير مطمئن للمجتمع اللبناني". برأيها أن تفعيل مبدأ المساواة التام بين الرجل والمرأة غير ممكن لأن كيان المرأة مختلف اساساً عن كيان الرجل. هذا لا يعني ان نكون رجعيين او متعصبين ولكن من منطلق اجتماعي لا يمكن ان نعولم مجتمعنا لأن ثمة اخلاقيات لا يمكن تخطيها. كما ان حصر المجتمع في هذا الإطار يؤدي الى تعتيم الضوء على المشاكل الإجتماعية التي تعانيها مجتمعاتنا.


أياً تكن الأسباب التي دفعت المنتقدين الى اعادة نبش الأرشيف واستغلاله لتحقيق خضّة إعلامية ما، فهي مسألة غير مبرّرة. ما يشكّك في صدقيّة نوايا الحملة، أنها أتت فجائية لتطال شخصاً واحداً لا مجموعة آراء تمشي في مفترقٍ واحد. وكأن القصد، التشهير في نادين نجيم لا أكثر. لكن النجمة اللبنانية أذكى من التعثّر بحجر. هي تتسلّح بأمرين: روعة أدائها التمثيلي، وبريق عيونها اللامع كسفيرٍ للجمال اللبناني عالمياً.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم