الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

الأسد حسمها... روسيا ستعيد بناء سوريا!

المصدر: "النهار"
موريس متى
الأسد حسمها... روسيا ستعيد بناء سوريا!
الأسد حسمها... روسيا ستعيد بناء سوريا!
A+ A-

 


دعوة واضحة وصريحة وجهها الرئيس السوري بشار #الأسد الى الشركات الروسيّة للمشاركة في المشاريع الاقتصادية في #سوريا، إذ أكد أن الأولوية ستكون لهذه الشركات للإستثمار في قطاعات النفط والغاز، وإعادة اعمار سوريا في الفترة المقبلة
هذه التصريحات نقلها عضو مجلس الاتحاد الروسي #دميتري سابلين عقب لقائه مع وفد من البرلمانيين الروس، بالرئيس الأسد في دمشق مطلع هذا الاسبوع، ما يرسم الخطوط العريضة والمستقبلية للتحالف الروسي - السوري، وما يبرّر الى حدّ كبير الدعم العسكري المقدم من #موسكو الى نظام الاسد. وبالفعل، وعد الأسد بأن تكون للشركات الروسية الحصة العظمى في الاستثمار داخل البلاد، ليس لأنه يريد ذلك هو شخصياً أو حكومته، بل تلبية لرغبة الشعب السوري التي يجب على القيادة التمسك بها، بحسب التصريحات الروسية
ويبدو ان المراحل الأولى من عملية إعادة اعمار بعض المناطق المتضررة جراء الحرب المستمرة ستبدأ تتبلور قريباً على شكل مشاريع مشتركة سورية - روسية، ويبدو ان نقطة الانطلاق ستكون من مدينة تدمر الاثرية حيث كشف النائب في مجلس النواب الروسي سيرغي غافريلوف، أن إعادة إعمار تدمر ممكنة بمساعدة قطاع الأعمال الروسي، ومن خلال تأسيس شركة على غرار شركة البناء الأولمبية
وقال غافريلوف للصحافيين بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، ان العمليات الأساسية في إعادة البناء يمكن أن تأخذها على عاتقها شركات روسية كبيرة، على غرار شركة البناء الأولمبية (أولمبستروي)، ويمكن إنشاء مثل هذه الشركة". وتعد مدينة تدمر الأثرية السورية واحدة من أغنى وأهم مراكز الحضارة الانسانية القديمة في العالم. وبسبب سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية عليها منذ أيار 2015، جرى تدمير الكثير من معالمها وآثارها التاريخية العريقة. لكن تم تحريرها من قبضة التنظيم يوم 27 آذار الماضي، بمساندة القوات الجوية الروسية
أمام هذا الواقع يبدو أن القرار الواضح والرسمي إتخذ منذ فترة في دمشق لإعطاء أولوية للشركات الروسية في المشاركة في المشاريع الاقتصادية، وبخاصة في البناء والاعمار وإنتاج النفط. وبالفعل، إضافة الى الطموحات الاستراتيجية والسياسية التي تبرر دعم موسكو للنظام السوري، تبقى الاهداف الاقتصادية والاستثمارية من أبرز أسباب هذا الدعم. كذلك قد تبدأ عملية إعداد الاعمار في العديد من المناطق، والشركات الروسية متأهبة للدخول في المناقصات، إضافة الى ما تطمح اليه الشركات النفطية
الاستثمارات الروسية
تتركز الاستثمارات الروسية في سوريا على التنقيب عن النفط والغاز، رغم أن الحرب تسبّبت في عرقلة وتباطؤ خططها للتنقيب عن مزيد من الاحتياطات بالحقول البحرية. ففي عام 2011، وقّعت دمشق اتفاق مع شركة "سويوزنفت غاز" الروسية وهو الأول من نوعه للتنقيب عن النفط والغاز وتطوير منشآت الإنتاج في المياه الإقليمية السورية، في مياه #البحر_الابيض_المتوسط. ويسمح هذا الاتفاق بالتنقيب عن النفط والغاز ضمن مساحة تصل الى 2190 كيلومتراً مربعاً، على أن تتولى الشركة الروسية تغطية كل نفقات المشروع بحسب التقديرات الى ما يقارب 90 مليون دولار. وكان اتحاد صناعة النفط والغاز الروسي قد أشار الى أن شركات الطاقة الروسية تستطيع استئناف تنفيذ التزاماتها التعاقدية في سوريا في حال تلاشت الاخطار التي تواجه الاستثمارات واستقر الوضع في البلاد
وفي سياق غير بعيد، إستثمرت شركة "تاتنيفت" النفطية الروسية نحو 28 مليون دولار في حقول النفط شرق سوريا، لكن هذه المناطق سقطت بعد أشهر في يد تنظيم #داعش . واضطرت الشركة الروسية عام 2011 الى وقف كل أنشطتها في سوريا بعدما تمّ وضع الهيئة العامة للبترول السورية، التي كانت تشارك الشركة الروسية إستثماراتها على قوائم العقوبات الاوروبية. هذا وتبلغ قيمة الالتزامات التعاقدية لشركات النفط والغاز الروسية في سوريا نحو 1.6 مليار دولار. وقدّرت الاحتياطات النفطية التي تمتلكها سوريا في البحر المتوسط بنحو 2.5 ملياري برميل في 2013، وهي تكون بذلك أكبر احتياطات نفطية مؤكدة شرق البحر المتوسط، طبقاً لصحيفة "أويل اند غاز" الأميركية. وتوقعت هيئة المسح الجيولوجي الاميركية في العام 2010 أن تصل احتياطات السواحل السورية إلى ما يقارب 1.7 مليار برميل من النفط وأكثر من 122 تريليون قدم مكعب من الغاز
علاقات تاريخيّة...
تحتضن مدينة طرطوس على الساحل السوري قاعدة بحرية تعود الى العصر السوفياتي تمّ إنشاؤها طبقاً لاتفاق مشترك وقع عام 1971. وكانت موسكو قد بدأت فعلاً في توسعة هذه القاعدة، وهي الوحيدة التي امتلكتها #روسيا في الشرق الأوسط في 2009، لكي تسمح بمرور السفن والناقلات الكبيرة. في منتصف حزيران 2011، أعفت روسيا دمشق من ديون بقيمة 9.8 مليارات دولار من ديونها الاجمالية لمصلحة موسكو والتي بلغت حتى بدايات الازمة نحو 13.4 مليار دولار، لتدخل الحكومتان الروسية والسورية في مفاوضات جديدة لتوسعة القاعدة العسكرية، اضافة الى العمل على رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي وصل الى نحو 1.1 مليار دولار عام 2010.
وقبل اندلاع الحرب في آذار 2011، كشفت غرفة التجارة السورية أن حجم الاستثمارات الروسية في سوريا بلغ نحو 19 مليار دولار، وتتركز بشكل أساسي في الصناعات المتعلقة بالطاقة، فضلاً عن بعض الاستثمارات، التي اتجهت اخيراً إلى قطاع السياحة، وتحديداً في منطقة #الساحل_السوري. وتشير بعض التقديرات الرسمية إلى أن هذه الاستثمارات ارتفعت خلال الأعوام الأربعة الماضية الى نحو مليار دولار إضافية، رغم الأضرار التي لحقت بالعديد من المشاريع الاستثمارية الروسية في المناطق التي خرجت عن سيطرة #النظام_السوري وسقطت امام في يد المجموعات المسلحة أو في يد تنظيم "داعش
المزيد من المليارات
في سياق آخر، وقبل إندلاع الحرب، كانت هناك محادثات رسمية بين موسكو ودمشق لتشييد فندق تصل كلفته 100 مليون دولار في محافظة اللاذقية الساحلية بواسطة شركة روسية. وفي مقابلة صحافية أجريت معه في دمشق، تحدث الملحق التجاري في السفارة الروسية إيغور ماتفيف، في منتصف أيلول المنصرم عن تطلعات روسية كبيرة، من بينها خطط لبناء قرية كاملة في اللاذقية يقيم فيها الخبراء الروس. في وقت تغيب فيه الاستثمارات الروسية عن القطاعات الاخرى، مثل المصارف والعقارات والقطاع الصناعي. وبحسب البيانات السورية الرسمية، وصلت الصادرات الروسية إلى سوريا في 2011، اي في العام الذي إندلعت فيه الازمة، نحو 2.1 ملياري دولار، بما يعادل 13% من إجمالي الواردات الســورية في هذه السنة، والتي بلغت 16.9 مليار دولار، في حين مثل الصادرات الســورية لروسيا نسبة 0.1% من حجم صادراتها عام 2011، والبالغة 13.5 مليار دولار. وتشير الارقام الرسمية أيضاً، الى أن حصة روسيا من المستوردات السورية بلغت ذروتها في العام 2008، لتسجل نحو 13%، ولكنها تراجعت إلى النصف تقريباً في 2009 و2010، وقد تجاوزت في العام 2011 ما نسبته 11%، وهي أقل مما كانت عليه في 2008، كما انخفضت بشكل كبير في 2012 لتبلغ 2.34% فقط.
إعادة الاعمار ضرورة للسلام
في سياق غير بعيد تبقى عملية إعادة الاعمار من الضروريات الاساسية لإعادة السلام الى المناطق السورية، وفي هذا السياق، ذكر تقرير جديد للبنك الدولي أنه بمقدور مؤسسات التنمية اتخاذ إجراءات عاجلة داخل سوريا لتجعل من السلام أمراً ممكن الحدوث. فمع استمرار المعارك، تظل آفاق النمو على المدى القصير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحمل ظلالاً قاتمة، حيث يواصل الوضع الإنساني والاقتصادي تدهوره في البلدان التي تمزقها الحروب. وبحسب ما يشير إليه التقرير، فإن السلام وإعادة الإعمار وجهان لعملة واحدة، ووجود إستراتيجية لإعادة الإعمار لسوريا- أكثر البلدان دماراً بسبب الحرب في المنطقة - سوف يساعد على تعزيز فرص السلام الدائم
ومع دخول سوريا عامها السادس من الحرب الأهلية والذي حصد أرواح 470 ألف إنسان، ودفع نصف السكان إلى اللجوء من منازلهم، وقضى على رؤوس أموال تراوح قيمتها ما بين 70-80 مليار دولار بحلول منتصف 2014. وعلى الصعيد الداخلي للبلاد، ساءت الأوضاع على نحو مأسوي خلال العام الماضي، وبخاصة في مناطق النزاع. وصارت الحاجة ملحة إلى مشروعات تتسم بالمزيد من المرونة والقدرة على التخفيف من الآثار. فنقص الخدمات الأساسية، مثل الصحة والمياه والصرف الصحي والكهرباء والتعليم له عواقب إنسانيّة مدمّرة. ويشير أحدث تقرير للمرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصدرته مجموعة البنك الدولي، إلى أنه في ظل استمرار تأثير الحرب الأهليّة على المجتمع السوري، وبما أن إعادة الإعمار بشكل كامل قد يتأخر إلى حين تحقيق السلام ، فإن مؤسسات التنمية بمقدورها أن تلتزم تقديم مساعدة إستراتيجية شاملة وطموحة لإعادة الإعمار، ويحتمل أن تكون هي في ذاتها دافعاً نحو السلام. ويبين التقرير أن وجود برنامج عمل أكثر جرأة في مجال التنمية من شأنه المساعدة على توفير العون والتهدئة على المدى القصير، والاستقرار على المدى البعيد . ويؤكد التقرير على الحاجة إلى المشاركة على نحو أكثر نشاطا في كل القطاعات في سوريا من خلال عقد الشراكات مع الأطراف غير الحكومية الفاعلة ، والقوية، والمحايدة. وعن طريق تأمين التمويل للمنح والمساعدة الفنية، سيكون بمقدور المنظمات الدولية أن تقدم العون المطلوب للبلاد، وفي الوقت نفسه تكوين المعارف ومشاركتها.


وفي النهاية، المهم يبقى إعادة إعمار ما دمّرته الحرب عبر تبني خطة شاملة موسعة لإعادة الإعمار ما قد يساعد أيضا في معالجة الأسباب الأساسية للحرب الأهلية، ولا سيما التباين الملحوظ بين المناطق، والتوزيع غير العادل للموارد.


 


[email protected]


twitter: @mauricematta


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم