الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

أرقام صادمة تظهر الخلل الحاصل في لبنان

المصدر: "النهار"
يارا عرجة
أرقام صادمة تظهر الخلل الحاصل في لبنان
أرقام صادمة تظهر الخلل الحاصل في لبنان
A+ A-

للمرأة في مجتمعنا صورة نمطية لا تجرؤعلى تخطيها، فهي تصور دائماً بأنها هذا الكائن اللطيف الضعيف الذي يحتاج إلى حماية الرجل، والذي سخر نفسه وجسده لمشيئته. هذه هي الصورة التي ما زالت حتى كتابة هذه السطور، تغلب على النسيج اللبناني، حتى لو تمكنت المرأة من الخروج من قوقعتها والمغامرة في عالم #العمل واقتحام بعض #الوظائف والمراكز "الذكورية". إلاّ أنه على الرغم من هذا التقدم الذي عرفناه في العقود الأخيرة، يبقى هناك وظائف تبدو من المسلّمات وحصرية بالرجال، وهي مناصب الفئة الأولى.



18 امرأة في مناصب الفئة الأولى من أصل 160



اجتاحت المرأة في العقود الماضية قطاع العمل بقوّة، حتى أصبحنا نصادفها في شتّى المجالات والمناصب، إلاّ الأولى منها، حيث يتمّ إصدار القرارات والإدارة المركزية. هذه هي الأرقام التي حصلت عليها "النهار" من الدولية للمعلومات: ديموغرافياً يوازي عدد الإناث (50%) في لبنان عدد الذكور (50%)، إلاّ أنّ نسبة الوفيات لدى الذكور تفوق نسبة الإناث الأمر الذي يتسبب بخلل بسيط في الديموغرافيا اللبنانية. وتبلغ نسبة الالتحاق الجامعي للإناث 54.4% مقابل 45.6% للذكور، وذلك لأنّ المرأة لديها ميل للدرس أكثر بعكس الرجل الذي ينخرط مباشرة في سوق العمل. إلاّ أنّ الموازين تختلف مع الانخراط في سوق العمل، بحيث تبلغ مشاركة المرأة 25% مقابل 75% للرجل. وعلى الرغم من الفرق الشاسع، تعتبر هذه النسبة جيدة مقارنة بالسبعينات حيث كانت نسبة انخراط المرأة في سوق العمل لا تتخطى الـ 13% حينها. ويفيد الاختصاصيون من الدولية للمعلومات، أن ثمة إجحافاً في المجال السياسي، إذ منذ الاستقلال وحتى اليوم، لم يعرف لبنان سوى عشرة نائبات و7 وزيرات فقط. والأخطر من ذلك هي نسبة تبوؤ النساء مناصب الفئة الأولى في الدولة اللبنانية، إذ تحتلّ 18 فقط من أصل 160. حتى إنّ السلك الديبلوماسي لا يضمّ سوى خمس سفيرات من أصل 63 سفيراً. والنقابات أيضاً وقعت ضحية هذا الخلل، فهي لا تعرف النساء إلاّ في المناسبات ولفترات عابرة كنقيبة للصيادلة والمحامين. نقابة الممرضين وحدها التي تحمل على رأسها امرأة. أما على الصعيد الجامعي الذي يضمّ 40 جامعة ليس هناك إلاّ ثلاث نساء يتبوأن مراكز الرئاسة فيها. القطاع المصرفي وحده يشهد تحسناً في المجال الجندري إذ هناك 46% من العاملين النساء، ومن الكوادر 43%، الأمر الذي يدل إلى تحسّن النسبة. ليس ثمة أرقاماً تخص الشركات الخاصة إلاّ أنّه من المعروف أن من يرث هذه الشركات أو يرأسها غالباً ما يكون رجلاً، إلاّ في حال غياب الرجل. حتى المرأة في القضاء، فهي تحتلّ نسبة 36% من القضاة ولا تحتل المناصب الهامة، كمدعٍ عام تمييزي أو رئيس مجلس القضاء الأعلى، مدعٍ مالي، رئيس مجلس شورى الدولة وغيرها. والمرجّح أن ذلك يعزى إلى الدور البيولوجي الذي تضطلع به المرأة والراسخ حتى اليوم في النسيج المجتمعي. فتعتبر المرأة نموذجاً للأمومة والإنجاب لا تبوؤ المناصب واتخاذ القرارات وإصدار الأوامر. هذا الامر يؤدي إلى قلّة الثقة في قدرات المرأة وكفاياتها، فتقتصر عملية توظيفها على بعض المناصب التي لا تتطلّب الكثير من التحليل واتخاذ القرارات، والتي بالتالي لا تؤثر أيضاً على إتمام واجباتها المنزلية، فيكون عليها العودة باكراً للاهتمام بعائلتها، الأمر الذي يفسّر طغيان الطابع الأنثوي على القطاع التعليمي مثلاً. أضف إلى ذلك، عدم توافر التسهيلات في مجتمعنا التي تتيح للمرأة فرصة تبوّؤ المناصب الكبرى من دون التقصير في واجباتها تجاه عائلتها في آن واحد. فتغيب مثلاً دور الحضانة في مراكز العمل التي تسمح لها بالاهتمام بأولادها ومتابعة الأمور الإدارية في الوقت نفسه. فتوافر دور الحضانة في مراكز العمل، يسمح للمرأة بإرضاع طفلها أو إعطائه الأدوية أثناء وقت فراغها خلال دوام العمل. تطغى، إذاً، الثقافة الذكورية على المبادئ في المجتمع، لتتحول المراة هاجساً أمام الرجل، يخشى أن تتفوّق عليه في العمل، وتأثير منصبها في دورها البيولوجي والزوجي، فتتجرّد من أمومتها وأحاسيسها لتخوض المعارك في "عالم الرجال"، مما يهدد نمط العائلة الكلاسيكي ودورة الحياة الطبيعية.


سبب الخلل



يشير الأستاذ في العلوم الاجتماعية في الجامعة الأميركية في بيروت ساري حنفي لـ "النهار"، أنّ هذا النوع من التمييز "لا يقتصر على لبنان فقط إنّما يشمل البلدان العربية أيضاً، وهذا يعود للحياة العملية المزدوجة لدى المرأة والتي تفرض عليها العمل في المنزل كما في الخارج، مما يتعبها ويؤثر على إنتاجيتها في وظيفتها فيجعل من الصعب عليها الصعود بالسلّم الوظيفي. إضافة إلى الأحكام المسبقة التي تشير إلى إمكانات المرأة المحدودة والتشكيك في كفايتها، مما يجعل وجودها إحصائياً أقلّ". ويضيف حنفي:" إنّ آليات التمييز مرتبطة بالأحكام المسبقة، والمجتمع الذي لا يعيد توزيع الأدوار والمراكز بشكل صحيح وسليم ومتكافئ بسبب ثقافته". ويدعو حنفي المرأة "للنضال مع النقابات والمجتمع المدني، وأخيراً من الدولة من خلال ممثيلها النواب الذين عليهم أن يدفعوا باتجاه إصدار قرارات والتأكد من أنها خالية من التمييز "الرجل المناسب في المكان المناسب". كما دعى وزير العمل سجعان قزي في حديث لـ "النهار" إلى "تحسين وضعية المرأة في الوظائف العامة والخاصة والوظائف التنفيذية، والحلّ يكمن في تطوّر المجتمع وفي نضال المرأة" داعياً إيّاها "إلى عدم قبول صدقة من الرجل من خلال اعتلاء مناصب هامة من طريق الوراثة".



نعم، اعتلاء المرأة للمناصب الهامة في لبنان هو مصادفة أو ضربة حظ! بعض النساء يرثن المركز إما من زوجها أو والدها، فيما بعضهن يستغللن أجسادهن وجمالهن ليصرن سلعة في يد الرجل للوصول إلى مبتغاهن المهني. التغيير الحتمي يبدأ برفض المرأة أن تكون سلعة بيد الرجل وتصميمها على التغيير والتقدم والنضال في سبيل إثبات كفايتها وجدارتها.


[email protected]


Twitter: Yara_Arja

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم