الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

أوباما والاوهام ... بوتين يرسل قوّات أميركيّة الى سوريا

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
أوباما والاوهام ... بوتين يرسل قوّات أميركيّة الى سوريا
أوباما والاوهام ... بوتين يرسل قوّات أميركيّة الى سوريا
A+ A-

لا خطأ في العنوان. الرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين، بفضل سياساته، هو الذي جعل الرئيس الأميركي #باراك_أوباما يتخذ قراراً بإرسال قوّات خاصّة الى الاراضي السوريّة. أو على الأقلّ، هكذا يرى دايفيد روثكوبف المدير التنفيذي لمجلّة "فورين بوليسي" الاميركيّة. روثكوبف يشير الى أنّ السنوات الثلاث الماضية هي التي تؤكّد أنّ تدخّل بوتين العسكري في #سوريا دفع أوباما الى ردّ الفعل هذا. فطوال تلك الفترة، فشل المقرّبون من الرئيس الاميركي في إقناعه باتخاذ خطوات أكثر فاعليّة لإنهاء التدهور الحاصل في سوريا. "لكنّ بوتين، على ما يبدو، يملك نفوذاً في البيت البيضاوي أكثر من هيلاري كلينتون، بوب غايتس، ليون بانيتا ودايفيد بتراوس" يتابع الكاتب فكرته.


أهداف الروس في سوريا كانت حماية الاسد وإبقاءه في منصبه أو إبقاء اليد الطولى له في اختيار خلفه. "هذا كلّ ما في الأمر". أمّا دمار الدولة السوريّة وإرسال اللاجئين الى اوروبّا الذي ينتج عنه ظهور القوميّين داخلها وانتقادهم لسياسة الاتحاد، فسيكون أمراً جيّداً لبوتين بحسب الصحافيّ نفسه.


من الممكن اعتبار التحرّك الأميركيّ الاخير خطوة لإعادة جزء صغير من التوازن فوق الاراضي السوريّة، لا رغبةً في مواجهة الروس لكن دفعاً للدول المعنيّة الى الاتفاق حول إنجاح العمليّة السياسيّة في سوريا. وتجمع الصحف الاميركيّة على أنّ الافراد الذين سيصل عددهم الى حوالي خمسين شخصاً من القوّات الخاصّة سيؤدّون مهامّ استشاريّة للقوّات الكرديّة والمعارضة المعتدلة لقتال تنظيم "#داعش"، حيث سيقتصر دورهم على تقديم "المشورة والعون" الى مقاتلي التنظيم في شمال سوريا. وقالت مصادر لوكالة "رويترز" الأميركيّة إنّ الخطّة تعبّر عن استراتيجيّة أوسع لتقوية المقاتلين السوريّين المعتدلين داخل المعارضة السوريّة. إنّما تبقى العمليّة السياسيّة الهدف الحالي للادارة الاميركيّة من دون أن يكون لديها حتى الآن، تصوّر واضح ومكتمل الاركان عن تلك العمليّة.


لكنّ الخطّة تظهر غير صلبة بحسب ما لمّح اليه الرئيس الجديد لمجلس النوّاب الاميركي بول راين الذي شدّد على وجوب اعتماد استراتيجيّة متكاملة لهزيمة التنظيم الارهابي حتى لا تعاود النتائج السابقة الظهورَ في المنطقة. وتبدو الاعداد القليلة المنوي إرسالها الى سوريا غير معبّرة عن استراتيجيّة جديدة بالمعنى الحرفي للكلمة. لكن لأحد مدراء الاستخبارات السابقين في #البنتاغون رأي مخالف:


أنطوني كوردسمان الباحث في "مركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة" يقول لصحيفة "لوس أنجيليس تايمس" الاميركيّة أنّ الدولة ليست بحاجة الى أعداد كبيرة من تلك القوّات الخاصة حتى تحدث الفرق. مايكل أوهالون، المحلّل العسكريّ في معهد "بروكينغز"، يعتبر الخطوة صغيرة ورمزيّة لكنّها تسلك مساراً صحيحاً .


غير أنّ الاصوات المعترضة سارعت الى انتقاد تلك السياسة بطريقة صريحة وفجّة أحياناً. كريستوفر هارمر، المحلّل في معهد "دراسة الحرب" قال للصحيفة نفسها:"السياسة الاخيرة هي استمرار لسياسة "مدّد وادّعِ" (extend-and-pretend) في إشارة الى ما يصنعه أوباما من تمديد لعدم التدخّل الجاد ثمّ الادّعاء أنّ ما يعمل به سياسة بحدّ ذاتها. وأضاف:"نواصل إضاعة الوقت حول الهوامش".


وبالفعل، تقتضي الاستراتيجيّة وجود أهداف بعيدة المدى وآليّات لتحقيقها مع تحديد الزمن المفترض للتنفيذ والاكلاف المختلفة ... لكنّ أحد المسؤولين الرسميّين في وزارة الدفاع أبلغ الصحيفة أنّ "الهدف الكامل من وراء هذه العمليّة هو النزول على الارض، رؤية ما يحصل، رؤية ما يمكن عمله ثمّ الخروج". وإن صحّ هذا الكلام فسيصبح الحديث عن استراتيجيّة أو حتى سياسة معيّنة مبالغة واضحة، خصوصاً أنّ وزير الدفاع الاميركي آشتون كارتر عبّر عن خشيته من تعرّض هذه القوّات للخطر.
أمّا صحيفة "الغارديان" البريطانيّة، عبر الكاتب دان روبرتس، فانتقدت قرار أوباما بإرسال تلك القوّات لأنّها اعتبرته مناقضاً لما وعد به سابقاً ولمرّات عديدة، حول عدم الدفع بقوّات أميركيّة على الارض. ويبدو أنّ هؤلاء الافراد الذين سيرسلون الى سوريا خلال أسبوع أو أكثر سيبقون هناك حتى وقت طويل بحسب إيمّا أشفورد من معهد "كايتو" الاميركي والتي أبدت استغرابها لأنّ الادارة الاميركيّة ستجرّب ما قد جرّبته سابقاً لكن "بموضة غبّ الطلب".


إذاً إن أوباما عاجز عن إرضاء الجمهوريّين الذين يسعون الى حلّ أميركيّ حاسم. وهو غير قادر، في نفس الوقت وبنفس المستوى، على إرضاء الذين لا يودّون رؤية أيّ جنديّ أميركيّ على الاراضي السوريّة. فحلول الرئيس الاميركي تتراوح بين الامتناع عن التدخّل وصولاً الى الاقرار بشبه تدخّل بعد وقت طويل واستنزاف كبير وخوف من النتائج السلبيّة والاخطار.


روثكوبف يعتبر أنّ على الرؤساء القيادة وعدم انتظار ردّ الفعل. وعليهم أن يأخذوا الخطوة الاولى ويعرضوا المبادرات ثم يقدّموا القوانين ويتحمّلوا المخاطر. ولهذا ينجح بوتين حيث يفشل أوباما لسبب بسيط وهو أنّ الأوّل "قام بأكثر من مجرّد ردّ فعل" وكذلك الجمهوريّة الاسلاميّة في #إيران ومعها الصين أيضاً اللتان تستغلّان الاحجام الاميركي لتحقّقا مصالحهما. أمّا إرسال أميركا لقوّات خاصّة ضئيلة من هنا وسيّارات عسكريّة من هناك وتصاريح من هنالك، فيختصرها روثكوبف بالتالي:


"إنّها خاصّيّة أوباما، وَهْم التحرّك".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم