الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

هل ستشهد أسعار السلع مزيداً من الانهيار؟

المصدر: وكالات
هل ستشهد أسعار السلع مزيداً من الانهيار؟
هل ستشهد أسعار السلع مزيداً من الانهيار؟
A+ A-

ذكر تقرير نشره موقع "بلومبرغ فيو" أنَّ أسعار السلع تتجه لمزيد من الهبوط خلال الفترة المقبلة، بعد الخسائر القاسية التي سجَّلتها في السنوات الماضية. وأشار تحليل "غاري شيلينغ" إلى أنَّ أسعار السلع الرئيسية التي تشمل النفط، الغاز، النحاس وحتى السكر قد تراجعت بنحو 46% منذ بداية عام 2011، ما تسبب في إفلاس عدد من الشركات.


 


تباطؤ الاقتصاد العالمي
ومع حقيقة أنَّ الدول المتقدمة تستهلك النسبة الأكبر من السلع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنَّ النمو الاقتصادي والطلب على المنتجات السلعية لا يزال ضعيفاً في أميركا الشمالية وأوروبا، إذ إنَّ التوسع السريع في الديون، والذي أدّى إلى زيادة سريعة في النمو، أخذ اتجاهاً معاكساً في الفترة الماضية. وسجَّل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة معدّل نمو سنوي بلغ 2.2% منذ تعافي الاقتصاد من الأزمة المالية العالمية في منتصف 2009، وهو ما يمثل نصف النمو المتوقع.
في حين بلغ معدل النمو الاقتصادي السنوي في منطقة الأورو نحو 1.2% فقط، بفعل تراجع التعافي الاقتصادي جراء الأزمة المالية العالمية بسبب الاتجاه الهبوطي الذي شهدته في الفترة بين عامي 2011 إلى 2013. كذلك اقتصر متوسط النمو الاقتصادي في اليابان، ثاني أكبر اقتصاد في آسيا، على معدّل 1% فحسب سنوياً.
ويشير التقرير إلى أنَّ العالم يمر بمرحلة تقليص المديونية منذ 8 سنوات، في حين يعني هذا المعدل أنَّه قد يتجاوز على الأرجح المتوسط التاريخي لهذه المرحلة والبالغ 10 سنوات.


 


ارتفاع إمدادات السلع
في الوقت عينه، تنامت إمدادات كل السلع تقريباً، إذ انضمّت الصين إلى منظمة التجارة العالمية في نهاية عام 2001، لترتفع أسعار السلع الأساسية مع بداية السّنة التالية مباشرة، ومع تحول نشاطات التصنيع من أميركا الشمالية وأوروبا إلى الصين، فإنَّ بكين استحوذت على نسبة كبيرة من الإنتاج العالمي من السلع.
ففي الفترة بين عامي 2000 وحتى 2014، قفزت حصة الصين من الاستهلاك العالمي للنحاس إلى 43% من 12% فحسب، كذلك ارتفع نصيب بكين من استهلاك خام الحديد إلى 43% من 16%، وزاد استهلاك بكين من الألومنيوم من 13% إلى 47%.
وأشار التقرير إلى أنَّه في منتصف الألفية الثالثة، كان ارتفاع الطلب من جانب الصين على السلع الصناعية قد أغرى المنتجين بالخطأ المتكرر في كل دورة اقتصادية، والذي يتمثل في افتراض أنَّ الطلب المتنامي من جانب بكين سوف يستمر إلى أجل غير مسمى.
وقام المنتجون بالعمل على مشاريع ضخمة لإنتاج السلع، شملت مناجم النحاس في أميركا اللاتينية، خام الحديد في البرازيل والفحم في أوستراليا، لتبدأ هذه الطاقة الإنتاجية الكبيرة في الظهور في العام 2011، في الوقت الذي كان جلياً فيه أنَّ التعافي المأمول من الركود الاقتصادي العالمي لن يكون بالسرعة الكافية.


 


ضعف الطلب الصيني
وتزايد الاتجاه الهبوطي على أسعار السلع خلال الأشهر الأخيرة، بعد إدراك المستثمرين أنَّ النمو الاقتصادي في الصين آخذ في التباطؤ، وهو ما لا يُعدُّ خبراً جديداً، إذ إنَّ اقتصاد الصين قائم على التصدير، من خلال استيراد المواد الخام والمعدات واستخدامها في إنتاج السلع المصنعة بغرض التصدير.
ولكن تسبب ضعف الطلب من جانب أميركا الشمالية وأوروبا على الصادرات الصينية في تباطؤ اقتصاد بكين، بالإضافة إلى حقيقة نمو مستوى الديون في الصين، في حين تراوح المعدل الحقيقي والمستثني منه التضخم في الصين بين 3 إلى 4% فحسب، ما يمثل نصف المعدل الرسمي والبالغ 7%، بحسب التحليل. وتعرض المستثمرون ووسائل الإعلام لمفاجأة اعتماد الصين على الغرب، وتباطؤ النمو مع انهيار سوق الأسهم في بكين، إذ سجَّل مؤشر "شنغهاي" المركب تراجعاً بنسبة 40%، على الرغم من الجهود الكبيرة للسلطات لدعم الأسهم، وهو ما تبعه خفض قيمة اليوان.
ومع اتجاه معظم العملات الأخرى إلى التراجع أمام الدولار، فإنَّ قيمة اليوان المرجحة وفقاً للتجارة انخفضت 30% في مقابل مستوياتها في أيار 2011، في حين ترغب الصين في مزيد من التراجع لقيمة عملتها لدعم الصادرات مع تباطؤ الاقتصاد.
وقامت الحكومة الصينية من أجل منع انهيار اليوان، واستيعاب التدفقات الخارجة من البلاد ببيع نحو 400 مليار دولار من احتياطاتها البالغة نحو 4 تريليونات دولار لشراء عملتها المحلية.


 


عوامل أخرى وراء التراجع
وأوضح التحليل أنَّ هناك عوامل أخرى، بالإضافة إلى ارتفاع الفائض في المعروض، مقارنة بالطلب تسببت في تراجع أسعار السلع الأساسية.
وظهر أحد هذه العوامل في حقيقة أنَّ هناك عدداً من شركات التعدين حول العالم قد وصلت إلى مراحل متقدمة في مشاريع كبيرة، ما يجبرها على ضرورة مواصلة العمل بها لإكمالها، إذ إنَّ إغلاق هذه المشاريع سينتج منه خسائر أكبر من بيع السلع بالأسعار المتراجعة الحالية.
وتواصل شركات إنتاج خام الحديد الكبرى مثل "ريو تينتو"، "بي إتش بي بيلتون" و"فالا" إنتاج كميات كبيرة من الخام بالرغم من الهبوط في الأسعار الذي بلغ 70% تقريباً مقارنة بمستوياتها في شباط 2011، مع سعيها إلى إخراج المنتجين الأقل كفاية من السوق.
في حين يتم إنتاج بعض السلع مثل الألومنيوم في البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة، وكندا، بينما تشير بدائيات الأعمال على ضرورة إنهاء العمل في المشاريع في حال تراجع الطلب وانخفاض الأرباح، حيث إن هبوط الإمدادات يعوض الضغوط الهبوطية على الأسعار.
وعلى جانب آخر، تنتج سلع أخرى مثل النحاس في بلدان نامية مثل بيرو، زامبيا وشيلي، إذ إنَّ المنتجين بحاجة إلى عائدات التصدير من أجل خدمة ديونها بالعملة الأجنبية، ما يجبرها على رفع الإنتاج والتصدير مع هبوط الأسعار، في حين أنَّ زيادة صادراتها سيؤدي إلى مزيد من هبوط الأسعار، في دورة هبوطية مستمرة.


 


السكر وأزمة البرازيل
وبالمثل، فإنَّ البرازيل ستضطر إلى زيادة دعمها المالي لمحصول السكر، والذي تراجع سعره بنسبة 67% منذ شباط 2011، بينما أغلق 80 مصنعاً من أصل 300 في المنطقة الجنوبية التي تنتج 90% تقريباً من السكر في البلاد.
ووصلت المخزونات إلى أعلى مستوياتها في 35 عاماً، في الوقت الذي تحاول فيه المطاحن بيع كل ما يمكنها من السكر للحصول على سيولة، وهو ما تسبب في مزيد من التراجع في الأسعار حول العالم.
في الوقت ذاته، تراجعت واردات الصين من السكر بنحو 25% في آب الماضي على أساس سنوي، في حين انخفض الريال البرازيلي بنحو 33% منذ بداية 2015، ما أضاف مزيداً من الضغوط الهبوطية على اقتصاد البرازيل.
وخفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" من تصنيفها الائتماني للبرازيل إلى درجة "غير مرغوب فيها" في أيلول الماضي، إذ أصبحت خدمة الديون بالدولار الأميركي لمنتجي السكر في البرازيل "صعبة للغاية".


 


ماذا عن النفط؟
وحول النفط، فإنَّ التحليل يشير إلى أنَّ السعودية تحاول استخدام الأسعار المنخفضة للخام للضغط على المنتجين الآخرين، ما قد يتجه بسعر النفط إلى مستويات متدنية قد تصل إلى 20 دولاراً للبرميل، على حد وصف التحليل.
ومع استمرار أسعار السوق في تجاوز التكلفة الحدية، فإنَّ الإنتاج سيتواصل في الارتفاع لتعويض العائدات المفقودة، في حين بإمكان بعض المنتجين رفع الإنتاج حتى في حال انخفاض الأسعار أدنى التكاليف الحدية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم