الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ختامها ورد

حياة أبو فاضل
حياة أبو فاضل
A+ A-

رجاء لا تتذكّروا تظاهرات آذار قديم مرّ من زمان كاشفاً سخف أهل السياسة عندنا بألقابهم وألوانهم وشعاراتهم، وبمن التحق بهم من شعب يظلّ أولئك الزعماء يذكّرونهم بمدى تضحياتهم من أجلهم ومن أجل وطن اهترأ وما عاد وطناً بعدما سلبوه حتى روحه. لا تقارنوا بين ما يجري اليوم فوق ساحات بيروت واضعاً نهاية النصف الثاني من عمر لبنان الذي قام من حرب أهلية طويلة بدأت ضد الفلسطيني الذي قبض زعماؤنا ثمن إدخاله جنّة الوطن السعيد أواخر الأربعينات، ثم أدخلوا سوريا لتضع حداً لتلك الحرب المفشكلة، ثم ملأوا الساحات ومؤيديهم فرحاً ومرحاً لمّا خرجت سوريا وهبط علينا ضباب أزرق لا ينجلي، وبدأ الانحدار الذي أوصلنا الى الهاوية.


الى أن قررت أجيالنا الشابة الواعية فكّ الحداد الأربعيني على الوطن المتوارث من آباء الى أبناء الى بؤس وسرقة بلا نهاية داخل نظام إقطاعي، مذهبي مريض... ثم استفاقت الأجيال الجديدة ونفضت عنها الصمت. ومن ساحات بيروت أعلنت أنها تريد وطناً صحيحاً، سليماً، علمانياً، غير مرتهن لمطلق خارج يمتصّ رحيق حياتنا. ورفضت الاستسلام الى القديم بكل مظاهره المرفوضة في زمن لن يرحم من قاد الوطن طويلاً في ظلّ أطماعه وجهله وسخفه مرتهناً لخارج يُملي عليه خطواته مقابل ما سيذلّه، وأجيالنا الجديدة ترفض الذلّ وترفض التستّر على ارتكاب الحكام.
نحن لا نُشبه غيرنا من بلدان الجوار، فلا ربيعنا ربيعها، ولا ثوراتنا ثوراتها. ساحات التغيير التي تضمّنا من كل المذاهب والمعتقدات التي ساهمت في تفتيت الوطن، تخطّاها الشباب بكل حزم الى ما يوحّد. في الساحات حراك ما مرّ لبنان يوماً بما يشبهه: حراك نظيف لا دخل فيه لكل ما خرّب لبنان العتيق. وجميل أن شبابنا يتحمّل ببسالة غموض صدام بين رجال الأمن ومن يهاجمهم في ختام كل لقاء رائع فوق ساحات بيروت الواسعة.
هناك أريج ورد يعبق عند كل انتصار مسالم لأبنائنا الرافضين وطناً مات. وأهل الحكم الخائفون على مناصبهم يريدون أن ينشغل الناس بالحديث عن النهايات، لا عن المحتوى الذي أوجعهم حتى العظم. وهم يكابرون قائلين إنهم لن يسلّموا لبنان الى المجهول، وهم لا يشعرون أن لبنان ينزلق من بين أصابعهم الى صفحات زمن جديد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم