الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

لم تكن تتوقع هذا المصير: ألين عاشت كابوساً متنقلا

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
لم تكن تتوقع هذا المصير: ألين عاشت كابوساً متنقلا
لم تكن تتوقع هذا المصير: ألين عاشت كابوساً متنقلا
A+ A-

في نيسان 2014 صدر القانون 293 لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، سنة مرّت على بدء تطبيق القانون، شهدت تسع حالات قتل نساء، بوسائل متنوّعة ولأسباب عدّة. صدر القانون لكنّه لم يحدّ من العنف بأشكاله المتعدّدة. من ماري فاخوري التي ماتت حرقاً، إلى سارة الأمين التي أفرغت 17 رصاصة في جسدها، إلى سلام محمد التي خنقت ودفنت في حديقة منزلها. تعدّدت الأسماء والنتيجة واحدة، أسماء تضاف دورياً إلى سجل ضحايا العنف الزوجي.


هكذا بدأت الحكاية
عام 2013، تزوّجت ألين من الشاب الذي ظنّت أنه فارس أحلامها، وبعد شهر حملت بطفلتها الوحيدة، لم تدرك أن الفرحة التي ملأت قلبها ستتحوّل بؤساً، وتقول لـ"النهار": "تزوّجنا بعد علاقة دامت مدّة سنة، وحملت فوراً، عندئذ بدأت المشكلات. كان يريد مني إجهاض الجنين بحجّة أن أوضاعه لا تسمح له بتربية طفل، لكنني رفضت. لم أستطع التخلي عن جنين يكبر في أحشائي، لم أستطع قتل جزء مني، تشاجرنا وتأزمت الأوضاع بيننا، وبعد شهر سافر إلى أوروبا حيث يعمل وبقيت أنا في لبنان أنتظر ولادة طفلتي".


بعد الولادة تفاقمت الأمور، وكثرت معها تدخلات العائلة، فعانت عنفاً أقسى من الضرب، أهانها، وأذلّها، وحرمها من العيش الكريم: "ظنّنت انه سيتبدّل بعد والدة ابنتنا، ولكنّه بقي لا يتحمّل مسؤولية العائلة التي أراد تأسيسها، ولم يهتمّ بابنته يوماً كما كلّ الأباء. أنا أجنبيّة ولا أملك الجنسيّة اللبنانيّة، لم يسجّل زواجنا إلّا بعدما تشاجرنا وما زال يرفض تسجيلي على قيده. لا تنفكّ والدته تتدخل في حياتنا والتحكّم بقراراته. تسلّلت المشكلات إلى علاقتنا. عاد إلى لبنان بعدما طُرد من عمله. لم يتكبّد عناء استئجار منزل، فسكنا مع أهلي، ورغم ذلك، كان يتطاول على والدتي ووالدي، فسكتا لأني وحيدتهما، إلى أن قرّر منذ شهرين أن ننتقل إلى منزل والديه، هناك بدأ يهدّدني بالقتل والضرب، ثمّ طردني ورماني في الطريق وحرمني من ابنتي".


رحلة الألف ميل
انتظرت ألين أياماً علّه يتصل بها، ولكنّه كان يريد حرق قلبها كما أكّد لها. كانت تحلم بابنتها مرمية أمام المنزل فتستيقظ مساءً لتتفقدها، فلا تلقى إلّا السراب. ظنّت أن الرجل الذي أحبّته وأنجبت منه وحيدتها لن يقسو عليها إلى هذه الدرجة، ولكن الواقع صدمها: "بعد أسبوعين من الانتظار، ومحاولات إقناعه بإعادة ابنتي إليّ من دون فائدة، قرّرت اللجوء إلى القضاء، قدّمت دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة في جونية لحمايتي وحماية ابنتي التي كان يرميها على السرير رغم معاناتها مرضاً في العظم، والتي كان يتأفّف كلّما اشترى لها الحليب، والتي كانت حياتها معرّضة للخطر بسبب السلاح الذي يملأ منزل والديه، وقيادته المتهوّرة، ولا مسؤوليّته. لكن القاضي لم يرَ في كلّ ذلك ما يستوجب حمايتي وحماية ابنتي من رجل يطلق النار على جيرانه إذا تشاجر معهم، يضرب والدته إذا عارضته بأمر، لا يصرف على عائلته ولا يهتمّ بأمرها. ردّ القاضي الدعوى وطلب مني اللجوء إلى المحكمة الروحيّة، علماً أن نساء عدّة حصلن على قرار حماية لهن ولأطفالهن بسبب تعنيف نفسي أو لفظي فقط. وها أنا أركض لاستعادة ابنتي وحقي".


كيف يقوّم الـ293؟
لا يبدو أن القانون 293 قد أفاد ألين كثيراً، أو الأصحّ لا يبدو أن كثيراً من النساء قد يحصلن على بعض من حقوقهن إلّا إذا ما ضربن فعلاً أو قتلن. في لبنان على المرأة أن تموت، وعلى الإنسان أن يذلّ ليثبت أنه صاحب حقّ. فكيف يقوّم القانون 293 بعد سنة من صدوره؟ تقول المسؤولة الإعلاميّة في جمعيّة "كفى"، مايا عمّار، لـ"النهار": "لكلّ قاضٍ تفسيراته واجتهاداته الخاصّة عند إصدار أي قرار، هناك قضاة لا يستندون إلى القانون الجديد وإنّما إلى النظام العامّ، لكن القانون واضحٌ في ما يتعلّق بآليّة تنفيذ قرار الحماية. حتى اليوم صدر أكثر من ستين قرار حماية لصالح نساء معنّفات، فيما ردّت طلبات معدودة على أصابع اليد الواحدة. إنها نسبة مقبولة نظراً لحداثة القانون. المفيد في صدور القانون هو أن النساء بتن يعلمن أن لديهن خيارات، ولكنّه لم يخفّف العنف، لقد سجّلنا تسع حالات قتل نساء خلال سنة".


هناك آليّة وتدابير محدّدة لتنفيذ قرار الحماية، تقول عمّار: "بداية يجب تأكيد أن القانون 293 لا يشمل حضانة الأطفال، إنّما يضمن للمرأة المعنّفة حصولها على قرار حماية وإبعاد المعنّف عن الضحيّة ومنعه من التعرّض لها، إخراج المعنّف من المنزل أو إلزامه بتأمين مسكن موقت للضحية، كما يشمل حماية الأطفال تبعاً لسن الحضانة التي تلحظه الطوائف، وإعادة ممتلكات الضحيّة الشخصيّة وعدم إتلاف ممتلكاتهم المشتركة، تسليفها مبلغاً شهرياً، تكبيده نفقات العلاج الطبي ونفقات الطبيب الشرعي. لكن المؤكّد أن ما يردع المعنفين هو الأحكام المشدّدة التي لم يصدر أيّ منها حتى اليوم".


[email protected]


Twitter: @VIVIANEAKIKI

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم