الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

الراعي في عيد البشارة: لنساعد شعبنا على تجاوز التحديات

المصدر: "الوكالة الوطنية للإعلام"
الراعي في عيد البشارة: لنساعد شعبنا على تجاوز التحديات
الراعي في عيد البشارة: لنساعد شعبنا على تجاوز التحديات
A+ A-

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد البشارة على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة سمير مظلوم، بولس مطر، يوسف بشارة، حنا علوان، حبيب شاميه وعاد ابي كرم، بمشاركة الكاردينال نصر الله صفير، السفير البابوي المونسينيور غابريال كاتشيا، رئيس أساقفة ليون الكاردينال بربارين ولفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والرهبان والراهبات، في حضور الوزير السابق فريد هيكل الخازن، النائب السابق مهى الخوري اسعد، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، قنصل مولدافيا ايلي نصار، مدير عام القصر الجمهوري الدكتور انطوان شقير، عضوي المؤسسة المارونية للانتشار فادي رومانوس وامل ابو زيد، المحافظ السابق نقولا ابو ضاهر، السفير شربل اسطفان وحشد من الفاعليات السياسية والنقابية والعسكرية والاعلامية والديبلوماسية والمؤمنين.


بعد الانجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان "ها أنا أمة الرب" (لو1: 38)، قال فيها: "(...) إني معكم، إخواني السادة المطارنة الحاضرين، نمثل مجمع أساقفة كنيستنا البطريركية المارونية، الذي في مثل هذا اليوم سلمني "عصا الرعاية" من بعد أن انتخبني، بإلهام من الروح القدس، وأعلنني، بلسان رئيسه، "بطريركا، أي أبا الرؤساء على مدينة انطاكيه العظمى وسائر ولاية هذا الكرسي الرسولي، أي أبا الجميع". فأعلنت يومها طاعتي وتكريس ذاتي لهذه الخدمة المقدسة وأجبت: "إنني أطيع، وأقبل جميع الأوامر الرسولية والمجامع المقدسة الملتئمة بالروح القدس، بالبر والعدل والأمانة القويمة بربنا يسوع المسيح". وهي الصيغة المدونة في كتاب الشرطونية للإعلان والجواب. يومها أعلنت شعار خدمتي أمام مجمع أساقفتنا "شركة ومحبة".
وقال: "إنني اليوم أجدد أمامكم جوابي إياه، ملتمسا شفاعة أمنا مريم العذراء، لكي على مثالها أستمر أمينا لثقتكم وللدعوة الإلهية، في كل الظروف الحلوة والصعبة، بل وللسير على خطى الكلمة المتجسد الذي قال يوم دخوله العالم: "ها أنا آت لأصنع إرادتك يا الله" (عبر 10: 7)، ملتزما بذلك رسالة فداء الجنس البشري وخلاص العالم".


وتابع: "لا يوجد بطريرك من دون جسم أسقفي؛ فإننا نشكل معا مجمع كنيستنا البطريركية المارونية المتناغم بالوحدة والمترابط بالمحبة والمتكامل بالشركة فيما بيننا ومع خليفة القديس بطرس الرسول، قداسة البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الجامعة.
وإننا معا نجدد، مع جواب مريم، جوابنا للمسيح، "راعي الرعاة العظيم" (ا بط 5: 4)، الذي دعانا نحن والكهنة معاونينا، من أبرشيين ورهبان، لكي يظل، بواسطتنا، حاضرا وسط المؤمنين، فيما هو جالسٌ إلى يمين الله الآب، يعظ بكلمة الله جميع الأمم، ويمنح أسرار الخلاص للمؤمنين، ويقود شعب العهد الجديد في مسيرته نحو السعادة الخالدة . وهكذا تنال قدسيتها ومسؤوليتها خدمتنا المثلثة: التعليم والتقديس والتدبير".
أضاف: "نحن، مثل أمنا وسيدتنا مريم العذراء، نلنا حظوة ودعوة ورسالة من الله الواحد والثالوث، في المعمودية والكهنوت والأسقفية. وفي الوقت عينه، بالنسبة إلينا نحن الأساقفة أصبح كياننا ثالوثيا على مثال راعي الرعاة يسوع المسيح .
لقد علمنا التقليد القديم في الكنيسة، على لسان القديس أغناطيوس الإنطاكي، من هذا المنطلق، أن الأسقف يمثل صورة الآب الأسقف غير المنظور، وأسقف الجميع. إنه بالتالي يقوم مقام الآب. وبفضل هذا الدور يجب احترامه من الجميع. سلطته أبوية، وبخاصة في تقليد الكنيسة الشرقية. وبات من واجبه أن يهتم بشعب الله الموكول إليه بمحبة أبوية، وأن يقوده على طريق الخلاص مع الكهنة والشمامسة معاونيه. ولذلك يقبل المؤمنون يد الأسقف وكأنها يد أب مملوء حبا ويمنح الحياة".


وتابع: "الأسقف، في الكنيسة الموكولة إليه، علامة حية للرب يسوع، كراع وعريس ومعلم لها وحبر، لكونه يتصرف بشخص المسيح وباسمه. فالمسيح هو أيقونة الآب الأصلية واعتلان حضوره الرحوم بين البشر. الأسقف، بهذه الصفة، مدعو ليتحلى بميزات "الراعي الصالح" وهي المحبة والتضحية والتجرد والتفاني، ومعرفة القطيع والاهتمام بالجميع، وأعمال الرحمة للفقراء، والبحث عن الخراف الضالة من أجل إعادتها إلى حظيرة المسيح الواحدة".
أضاف: "الأسقف امتداد حي لمسحة الروح القدس الذي جعله، في كيانه الداخلي، على مثال المسيح، مكرسا ذاته بكليتها لخدمة الكنيسة وفائدتها. فيبث فيها روح المحبة والأخوة والفرح، وهو بذلك يدرك أنه، على ما يوصي بطرس الرسول: "يرعى رعية الله التي أقيم عليها، لا قسرا بل عن رضى، بحسب مشيئة الله، لا طمعا بمكسب خسيس، بل عن بذل ذات، لا كمسلط على نصيب خاص، بل كمن يكون مثالا للرعية"(1بط5: 2-3).
وقال: "تسطع مريم العذراء الكلية القداسة أمامنا كأيقونة الكنيسة المقدسة، والنجمة الهادية إليها. لقد تحققت فيها، يوم البشارة، بداية الكنيسة، عروسة المسيح السنية، وجعلت مريم قدوة لشعب الله في قبول النعمة الإلهية والتجاوب معها. إنها وراءنا كبداية لكنيسة المسيح، وأمامنا كقدوة للقداسة في الكنيسة المقدسة، تقودنا بيدنا إليها، لكي نرسم ملامح وجه المسيح فينا. هو الذي "أبقى لنا قدوة لنقتفي آثاره في الصبر على العذاب، ونحن فاعلو خير. فهو تألم لأجلنا"(راجع 1بط2: 20-21). ويدعونا، كرعاة، لنأخذ بيد شعبنا نحو هذا الهدف الأسمى".


وتابع: "في هذا السياق يندرج المجمع البطريركي الماروني الذي عقدناه بين سنة 2003 و2006، في محطاته الثلاث: العودة إلى جذور الروحانية المسيحية حسب التقليد الإنطاكي السرياني الماروني؛ تسليط ضوئها على واقعنا الحاضر في النطاق البطريركي والانتشار وفي حياة الأشخاص والمؤسسات من أجل التجديد ببث روحانية الانطلاق فيها؛ رسم خطة المستقبل على مستوى رسالة كنيستنا المارونية في عالم اليوم بمختلف مساحاته وهي التربية والتعليم العام والتقني والعالي، والثقافة، السياسة، الشأن الاجتماعي، القضايا الاقتصادية ، الإعلام، وأرض الوطن".
وقال: "إننا نشكر الله على كل ما جرى من تطبيق لتعليم هذا المجمع وتوصياته في الأبرشيات والرهبانيات والمؤسسات، وفي حياة الأفراد والعائلات والجماعات والمنظمات الرسولية، أكان في لبنان والنطاق البطريركي أم في بلدان الانتشار. ونشكر الله على الدعوات الكهنوتية والرهبانية المتنامية، وعلى مواجهة حاجات شعبنا في المدارس والجامعات والمستشفيات وسائر المراكز والمؤسسات الاجتماعية والإنسانية، التي نمت كلها وتطورت واتسعت وتجددت في الروح والهيكليات والأسلوب".
أضاف: "إن البطريركية تعمل من جهتها على استكمال تطبيق تعليم المجمع البطريركي الماروني وتوصياته على مستوى الدائرة البطريركية وما تتضمن من مجالس ولجان ومكاتب متخصصة، وعلى مستوى المؤسسات البطريركية كالمحاكم، والمدرسة الإكليريكية، والمركز الماروني للتوثيق والأبحاث، والمؤسسة الاجتماعية المارونية، والمؤسسة المارونية للانتشار، والمؤسسة البطريركية العالمية للإنماء الشامل".
وتابع: "وضعنا نظاما خاصا بهذه الدائرة والمؤسسات، يحدد أهدافها وهيكلياتها ومهامها وطرق عملها. ونظمنا مع السادة الأساقفة نوابنا البطريركيين شؤون الأبرشية البطريركية بنياباتها الأربع: الجبه، وأهدن - زغرتا وجونيه، وصربا؛ ووضعنا نظامها الداخلي الذي يتناول سلطة النواب البطريركيين العامين في هذه النيابات، ووظائف الدائرة في كل نيابة؛ ووضعنا نظاما خاصا بتقاعد الكهنة. ثم أعدنا النظر في النظام المالي الذي يختص بالدائرة البطريركية ومكاتبها، والنيابات البطريركية، والمؤسسات البطريركية، والوكالات في كل من روما وباريس ومرسيليا والقدس؛ ووضعنا قانونا خاصا بالموظفين العاملين فيها. هذه كلها تندرج في إطار ما علم المجمع البطريركي الماروني وأوصى في الملف الثاني المختص بتجديد الأشخاص والمؤسسات والهيكليات من أجل خدمة أفضل، وشهادة أنصع".


أضاف: "أما على المستوى الوطني، وتطبيقا لتعليم النص المجمعي التاسع عشر "الكنيسة المارونية والسياسة"، فقد وضعت البطريركية، بالتعاون مع المركز الماروني للتوثيق والأبحاث وثيقتين: الأولى، شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان (سنة 2009) وفيها مبادىء العمل السياسي، والعلاقة بين الكنيسة والسياسة، وخصوصية لبنان، وخطة إنهاضه من أزمته السياسية. والثانية، الوثيقة الوطنية (9 شباط 2014) بأربعة فصول: المكونات الوطنية الأساسية، الهواجس الراهنة، خريطة الطريق إلى المستقبل، وتحديد الأولويات. وقد أريدت هذه الوثيقة لتكون في يد رئيس الجمهورية الجديد الذي كنا ننتظر انتخابه في مثل هذا اليوم من العام الماضي. فكانت خيبة الأمل حتى الآن. وأردناها كبرنامج تحضيري للاحتفال بالمئوية الأولى لإعلان لبنان الكبير في سنة 2020. وستصدر البطريركية بتاريخ اليوم، مع المركز الماروني للتوثيق والأبحاث، وثيقة ثالثة بعنوان: "مذكرة إقتصادية: إقتصاد لمستقبل لبنان"، إنطلاقا من النص المجمعي الحادي والعشرين بموضوع: الكنيسة المارونية والقضايا الاقتصادية". لكنها ستوزع بعد حين".


وتابع: "إن مهمتنا كأساقفة أن نواجه التحديات الراهنة ونساعد شعبنا على تجاوزها، لأن يسوع المسيح يريد خلاص كل إنسان، ودعانا لخدمة هذا الخلاص. إننا نعمل "باسم الكنيسة الخبيرة بالإنسانية والقريبة من أناس عصرنا"، على إعلان المبادىء التي تقود العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إنطلاقا من ثلاث مرجعيات أساسية هي: كرامة الشخص البشري، التضامن والتعاون، العدالة والسلام، وهذه كلها تنبع من الإنجيل. فالأسقف، بحسب اللفظة اليونانية Episcopos، هو السهران على المدينة، وبحسب اللفظة اللاتينية Pontifex، هو الصائر جسرا ممدودا نحو كل إنسان ، بروح "الشركة والمحبة".


وختم الراعي: "ها أنا أمة الرب"(لو1: 38). بهذا الجواب دخلت مريم في عمق تحقيق تصميم الله الخلاصي. ونحن الذين لبينا الدعوة الإلهية، كمسيحيين وأساقفة وكهنة ورهبان وراهبات، إنما التزمنا بأن نكون معاوني الله في تحقيق تصميمه لخلاص البشر. فإلى مريم أم الكنيسة وأمنا، ومثال مسيرة البشرية عبر التاريخ إلى الوطن السماوي، نكل حياتنا، ملتمسين شفاعتها، لكي، باسم يسوع المسيح، نواصل الرسالة الموكولة إلينا، رافعين المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم