الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

"النصرة" تقترب من القضاء على "العسكر المعتدل" في الشمال السوري

المصدر: النهار
محمد نمر
A+ A-

تثبت المعارضة السورية السياسية والعسكرية أنها تحتاج إلى عملية جراحية مستعجلة لاستئصال ورم الاختلاف في ما بينها وزرع فكرة توحيد الصفوف لاسقاط النظام السوري، فما جرى ويجري في ادلب أخيراً بين "جبهة النصرة" و"جبهة ثوار سوريا" (جيش سوري حر) دليل على ضرورة البحث عن مشروع جديد قبل أن تزول القوى العسكرية المعتدلة وبالتالي تقديم الانتصار للنظام السوري على طبق من ذهب.


والجديد في المعارك هناك، تدخل "التحالف الدولي" بضربة ثانية لـ"جبهة النصرة" بعد اولى استهدفت مستودعات أسلحة في اليوم الاول من انطلاق مسيرة "التحالف" في مكافحة الارهاب، ما دفع البعض إلى القول أن الأخير صفع "النصرة" رداً على ما ارتكبته في حق المعارضة المعتدلة "المدللة" لدى أميركا، ما دفع إلى عودة "الغزل" بين تنظيمي "النصرة" و"داعش" عندما لاحظا انهما المستهدفان من الضربات، فما اصل الخلاف بين المعارضة المعتدلة والمتطرفة، وأين مساندة "الجيش الحر" لفصائله؟


أصل الخلاف


"بدأت المشكلة عندما سيطرت "النصرة" على المناطق الحدودية في ريف ادلب الشمالي، لتتطور بعد ذلك المشكلة عندما وجّه التنظيم دعوة إلى "جبهة ثوار سوريا" لتسليم أحد عناصرها، بتهمة قتل أحد شرعيي "النصرة" في جسر الشغور. رفض المتهمان تسليم نفسيهما فقررت الاخيرة حشد قواتها لأخذهما بالقوة"، بحسب ما روى الناشط الاعلامي الميداني في ادلب مراد الأيهم، إلا أن الناشط شهم ادلبي المقرب من "ثوار سوريا" نفى ما ذكره الأيهم، مشيراً إلى أن "في تلك الفترة اتهمت "النصرة" جبهة ثوار سوريا باتهامات عدة، بهدف اشعال الحرب معها، تداركها قائد الجبهة جمال معروف عبر وسطاء، كي لا يُثبت عليه تهمة محاربة الاسلامين".


خلايا نائمة للنصرة اولاً


تطورت الأحداث في جبل الزاوية، قبل يوم من معركة خاضتها "النصرة" مع قوات النظام في مدينة ادلب، وتطورت شرارتها عندما دخلت قوات تابعة إلى "جبهة ثوار سوريا" إلى البلدة من أجل استرداد سلاح كتيبة لجأت إلى البلدة بعدما انشققت مع قائدها عن "ثوار سوريا"، ويقول الناشط أبو سعد الادلبي المقرب من حركة "احرار الشام"، أن "المشكلة بين الطرفين ليست جديدة، فمنذ استيلاء "النصرة" على مقرات "ثوار سوريا" في حارم وسلقين بدأ الخلاف، وتطور عندما هاجمت "ثوار سوريا" البارة مستهدفة في هجموها أحد مقرات "النصرة" ما دفع الاخيرة إلى الرد بعنف، فحشدت قواتها من كل المناطق واستعانت بـ"جند الأقصى" وبدأت هجوما عنيفا على مقرات "ثوار سوريا" في كل مكان". وبرأي شهم ادلبي أن "الأمر كان مدروساً في شكل دقيق جدا، عبر خلايا نائمة مرتبطة مع أحد الأمراء من جبل الزاوية والمتواجد حاليا في الموصل، وهذه الخلايا كانت مستعدة لهذه الاحداث، خصوصاً أن النصرة لم تكن تريد ان تكرر خطأ "داعش" بأن تترك معروف ياخذ احتياطه وتبدأ بالفصائل الصغيرة كما فعلت داعش التي صدمت بمعروف الذي كان له التأثير الاكبر بإنهاء تواجدها في ادلب".


قتل ابن شقيقة معروف


ويوضح شهم أن "المشكلة كانت مع قائد أحد الألوية يدعى ياسر نصوح من قرية البارة وكان ومعه أشخاص مطلوبون لـ"النصرة" في وقت سابق لسوء سمعته ولاثبات جرائم عدة عليه وكان من حجج النصرة لاشعال الحرب مع جمال معروف، و بعد انشقاقه طلبت منه المحكمة واللجنة الامنية في "ثوار سوريا" لاكثر من مرة اعادة السلاح من دون جدوى، فقامت بمحاولة استرداد السلاح بالقوة، بمداهمة منزله في البارة وكان على رأس القوة معروف، فلوحظ أنه كان هناك كمائن من "احرار الشام" و"جبهة النصرة" و"جند الاقصى" بهدف قتل معروف"، ويضيف: "عندما شعر الاخير بالامر ارسل للنصرة احد مرافقيه وهو ابن اخته جميل زيدان، وقال لهم عبر الجهاز اللاسلكي ان "ثوار سوريا" ليست في حرب مع "النصرة" وأن المشكلة مع احد عناصرنا، وكانت النتيجة أن "النصرة" صفّت جميل فوقعت اشتباكات ادت لمقتل مدني".
ويشير شهم إلى أن "مشاركة جند الاقصى مدروسة، فهي تعتبر معروف عدوها الاول"، ويؤكد الأيهم أن "النصرة" تلقت مساندة "جند الاقصى" وفصائل اخرى في المنطقة، وعناصر من "أحرار الشام" و"الصقور". وخلال أيام استطاعت السيطرة على معظم القرى في جبل الزاوية"، ويوضح: "لم تكن سيطرة كاملة بل على مقرات "ثوار سوريا" فقط، فيما لم يتم الاقتراب من مقرات "الجبهة الاسلامية" أو فصائل اخرى من الجيش السوري الحر". وبعدها سيطرت "النصرة" على دير سنبل وهو معقل جمال معروف.


تضحية "حزم"


"لم تبق "ثوار سوريا" وحدها، تدخلت "حركة حزم" لمساندتها، وبحسب الادلبي "قطعت الحركة الطريق على "النصرة" وبحكم أعداد "حزم" القليلة، فشلت في الرد على الهجوم، ما دفع عناصر كثيرة من "كتائب حزم" إلى مبايعة "النصرة" أو فك ارتباطها بالحركة". كما يؤكد الأيهم أن "حركة حزم خسرت مقرها الرئيسي في بلدة خان السبل في ادلب، وأكملت "النصرة" دهم مقرات الحركة"، ويتابع: "كانت في وقت اسبق قد سيطرت "النصرة" على مقر لواء شهداء معرة النعمان التابع لـ"ثوار سوريا" واعتقلت قائد اللواء ابو غازي الشلح والاعلامي جودت ملص".
يشير الادلبي إلى "عروض كثيرة طرحت لوقف اطلاق النار وبعد وساطات كثيرة تم الاتفاق على ذلك ورضوخ جميع الأطراف إلى محمكة شرعية، لكن حدث أمر ما في احدى الليالي الماضية اشعل المعركة من جديد، إذ تم اطلاق النار من جهة مجهولة في اتجاه عناصر من "ثوار سوريا" الذين اتهموا "النصرة" بخرق الهدنة، كما سقطت قذيفتان مجهولتا المصدر أيضاً على احدى بلدات جبل الزاوية التي تتحصن فيها "النصرة،" ما أسفر عن سقوط مدني، فاتهمت الاخيرة بدورها "ثوار سوريا"، وبدأ تراشق الاتهامات بخرق الهدنة، وما زاد من وتيرة الصراع بينهما خروج جمال معروف في اليوم التالي بتسجيل مصوّر يتهم فيه "النصرة" بخرق الهدنة وزعيمها "أبو محمد الجولاني" بأنه خارجي وعميل لإيران، وهو الامر الذي أجج الصراع حتى بلغ ذروته منذ يومين، ليتفاجأ بعد ذلك الجميع بانسحاب جمال معروف وأتباعه من قرية دير سنبل التي حاصرتها النصرة في اتجاه الريف الحموي".


مجازر معروف... معروفة


وبذلك، تكون "النصرة" قد سيطرت على كل مقرات "ثوار سوريا" و"حزم" في جبل الزاوية ومعرّة النعمان وريف سراقب الجنوبي وريف معرة النعمان الشرقي.
يجهل الأيهم نهاية المعارك والامور بالنسبة إليه مفتوحة على كل الاحتمالات، فيما يستبعد الناشط أبو سعد الادلبي انتقال الصراع إلى اماكن اخرى "لأن النصرة قبلت بالمحكمة الشرعية، ناهيك عن أن مكان ثقل جمال معروف قد تمت السيطرة عليه ولم يعد لديه نقطة انطلاق قوية، خصوصاً بعد ضرب شعبيته باكتشاف المجازر في مقراته وشيطنة النصرة له"، لكن شهم ادلبي يذكّر بأن "كل اهالي قرية معروف على علم بالمقابر ويدركون تماماً كيف يتعامل مع جثث ازلام الاسد وداعش، اذ كان يلقيهم في الابار القديمة وجميع ما حصل من تمثيليات كانت مكشوفة لابناء المنطقة".
لا يرى الأيهم أي تأثير لما جرى على المعركة مع النظام، "لأن هناك فصائل عدّة كبيرة موجودة على الجبهات في ريف ادلب منها "فيلق الشام" و"الجبهة الاسلامية" و"الفيلق الخامس" و"هيئة دروع الثورة" وغيرها، والنصرة أيضاً لم تخل مقرات الحراسة، خصوصا في جبل الاربعين".


"ثوار سوريا" تنتظر "الجيش الحر"


تتابع اليوم "النصرة" سيطرتها على بلدات في الريف الجنوبي وبحسب الأيهم اقتربت من "ألوية الانصار بجنوب ادلب وهي الوحيدة المتبقية من "جبهة ثوار سوريا" بقيادة مثقال العبدالله، حيث تدور معارك قاسية بين الطرفين"، مرجحاً امكانية "نهاية جبهة ثوار سوريا في الشمال"، ويعتبر شهم أن "مصير جبهة ثوار سوريا بات مرتبطاً بما اذا كان هناك تحرك جماعي للجيش الحر أم لا، لأن جمال معروف لا يريد أن يضع نفسه في مقدمة المدفع كما فعل في قتال "داعش"، مشدداً على أن "انسحاب جمال معروف جاء للمحافظة على ارواح عناصره الذين حوصروا معه مع قطع طرق الامداد عنه من اخوة المنهج احرار الشام وصقور الشام ، فضلاً عن تخاذل الجيش الحر في مساندته". ويؤكد أنه "لم يتم الاستيلاء على أي سلاح متوسط أو ثقيل لديه والذخائر التي تم الاستيلاء عليها هي ذخائر رشاش طائرة ولا يوجد لدى أي من الفصائل هذا النوع من الرشاش، وخلاصة الامر أن "جبهة النصرة" تقوم بانهاء فصائل الجيش الحر فصيلاً تلو الاخر".


[email protected]
Twitter: @mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم