الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

"ما بدي اتزوج يا بابا"...مشروع قانون ينظم زواج القاصرات ولا يمنعه

المصدر: "النهار"
رين بوموسى
رين بوموسى
A+ A-

تجلس على سريرها الزهري تضم لعبتها وتهدهدها وكأنها ابنتها. تعد الطعام "البلاستيكي" لزوجها "الافتراضي"، قبل ان تخلد للنوم باكراً بسبب "عملها" في احد المدارس. فرحة تلعب الدور جيداً كزوجة وأم ومدرّسة، خلال الفترة التي تخصصها في اليوم للعب "بيت بيوت"! فجأة يدخل والدها "تعي بابا"، وضعت لعبتها جانباً ورافقته لتتعرف على "نصيبها"... قصص كثيرة تروى عن زواج القاصرات في لبنان، لاسيما مع تزايد الظاهرة الذي رافق اللجوء السوري، الحالات كثيرة انما النتيجة واحدة "طفلة" تتزوج فعلياً من ان تلقى جملة "ما بدي اتزوّج يا بابا" صدى عند ولي الامر.


من قصة نور وفاطمة اللتين خطفتا من مقعد الدراسة، الى قصص كثيرة تحصل خلف ستار العائلات والمجتمع. منهن من "أجبرن"، وأخريات "استغللن"، أو "انجرفن".
في ظل الرفض التام والقاطع من قبل الجهات الدينية بالمس في قانون الأحوال الشخصية، يحاول المهتمون البحث عن ثغرات لتغيير الواقع.
فبعد اقرار قانون "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري"، قدم مقرر لجنة حقوق الانسان النائب غسان مخيبر في اليومين الماضيين مشروع قانون لـ"تنظيم زواج القاصرين والقاصرات" الى المجلس النيابي، وذلك بالتعاون مع "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة".
لا يمس مشروع القانون بالمنظومتين التشريعية والدستورية، اذ "يراعي قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في لبنان"، وفق ما شرح مخيبر في حديثه مع "النهار". ويشير الى التركيز في مشروع القانون على الثغرات في القانون ما يسمح بحماية القاصرات، والى ان ابرز الأحكام الموجودة في مشروع القانون تكمن في اشتراطه لعقد زواج القاصر على الأراضي اللبنانية الاستحصال على اذن مسبق صادر عن القاضي المنفرد الناظر في قضايا الأحداث.


القانون
مشروع القانون المطروح مؤلف من تسع مواد، وتشير المادة الثانية التي تعتبر من أساس هذا القانون الى انه "مع مراعاة قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في لبنان، يقتضي لعقد زواج القاصرين على الأراضي اللبنانية الاستحصال على إذن مسبق خاص صادر عن القاضي المنفرد الناظر في قضايا الأحداث المحدّد في القانون رقم ٤٢٢/٢٠٠٢".
في حين ترد في المادة السادسة العقوبة التي تفرض على المتعدي على القانون: "إذا عقد أحد رجال الدين زواج قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره دون أن يُدوّن في العقد رضا من له الولاية على القاصر أو أن يستعاض عنه بإذن القاضي أو دون الاستحصال على الإذن الخاص المعطى من قاضي الأحداث والمنصوص عنه قانوناً، عوقب بغرامة تعادل عشرة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور، وعند التكرار عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وتضاعف الغرامة".
يقول مخيبر ان القانون يشترط موافقة القاضي على الزواج بعد اجراء تحقيق اجتماعي والتحقق من شروط الزواج. وفي ما يتعلق بالكلام عن أن هذا المشروع قد يحد من صلاحيات رجال الدين الممنوحة لهم بموجب قانون الأحوال الشخصية، أكد أن القانون لا يحد من صلاحياتهم كما هي محددة، مشدداً على أن الدولة تلعب دورها الحمائي.
بدأ العمل على القانون منذ نحو السنة، وذلك منذ انطلاق الحملة الوطنية لمكافحة زواج القاصرات في الثامن من آذار وحمايتهن من الزواج المبكر. وتشرح مستشارة تنمية المشاريع في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ريتا شمالي لـ"النهار" انه "أجرينا دراسات قانونية اجتماعية واقتصادية وبعد هذه الدراسات حضرت الهيئة مشروع القانون وذلك بهدف تنظيم زواج القاصرات". وأكدت ضرورة اقرار مشروع القانون بعد دراسته في اللجان النيابية، "فالقانون سيساهم في حماية الفتيات".


الانتقادات طالت مشروع القانون
لاقى مشروع القانون انتقدات كثيرة خصوصاً من جهة منظمة "كفى عنف واستغلال"، التي اعتبرت انه "من غير المقبول أن يكون لأي كان، سواء سلطة قانونية أو شرعية أو أسرية، حق التقرير أو بت حالات الزواج لأي شخص، لا سيما لمن هم أو هن دون السن القانونية..."، سائلة "هل بتنظيم الزواج المبكر تتم حماية القاصرات؟".
في ظل اصرار رجال الدين على حصر موضوع الأحوال الشخصية بيدهم، يبحث المعنيون عن ثغرات قد تفيد في حماية الفتيات من المجتمع الذكوري، من الأب، من الأخ، من رجل الدين... واليوم يضع مشروع القانون المطروح مصير الفتيات القاصرات في يد القاضي الذي سيقرر "أحقية" الزواج، لكن أيضاً من له سلطة الولاية الأسرية عليهم وبغض النظر عن العدل الذي يتمتع به القضاة، ستظل النية في زواج القاصرات موجودة وقد تطبق مثلما هي اليوم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم