الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ثقافة طلاب اللبنانية... وجامعة الفقراء!

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

قبل اشهر تحرك طلاب الجامعة الأميركية، وتظاهروا رفضاً لزيادة الأقساط بواقع 6%. يعني ذلك أن الطالب عليه أن يدفع بين 3 و6 آلاف دولار، وفق الاختصاص، زيادة على قسطه السنوي. سأل الطلاب حينها وغالبيتهم من الميسورين، عن مبرر الزيادة، والى اين تذهب وعلى ماذا تصرف؟ لم يسأل أحد من السياسيين عن سبب الزيادة، ولا المنظمات الطالبية الحزبية، والتي استنفرت أخيراً ضد زيادة رسم التسجيل في الجامعة اللبنانية، فتحرك طلاب الجامعة سريعاً، ونزلوا بشعارات شعبوية في الفروع ملتزمين كلمة سر واحدة رفضاً للزيادة أو ما سموه رفع الأقساط! معتبرين أن هناك مؤامرة كبرى ضد الجامعة.


تحرك الطلاب اذاً، بعنوان الدفاع عن جامعة الفقراء، جامعتهم، فهم لا يقبلون زيادة رسم التسجيل السنوي 250 ألف ليرة، فيما المنظمات الطالبية ترفض أي زيادة للرسم، لأنه سيقضي على الجامعة وعلى فرص الفقراء في التعليم. وبغض النظر عن قيمة الزيادة، 100 ألف ليرة أو 250 ألفاً سنوياً، فانها لا تبرر هذا التحرك الذي ينعى الجامعة الوطنية، فالزيادة بالتأكيد لا تهجر الطلاب الى الجامعات الخاصة، لأن قسط اي جامعة هو أضعاف رسم التسجيل السنوي في اللبنانية. هذا يعني أن الطلاب ومعظم القوى السياسية والمنظمات الطالبية ينظرون الى الجامعة كمكان للتنفيعات بالدرجة الأولى.
ان رفع شعار حماية جامعة الفقراء، ليس الا كلاماً شعبوياً يؤدي لاحقاً الى استباحة الجامعة واضعافها، ثم تراجع مستواها الأكاديمي. وانطلاقاً من ذلك ليست الشعارات هي التي تسعف الفقراء في العلم، وهو اليوم متاح للجميع. وبعدما بات شعار ديموقراطية التعليم مشرعاً، لا يمكن دفع الامور الى واقع جديد يؤدي الى تدني المستوى التربوي وتراجع جودته. فالجامعة هي للبنانيين جميعاً، اذا اعتبرنا انها جامعة أكاديمية، لها وظيفة ديموقراطية ودور مجتمعي. ولا يمكن الاستمرار في رفع شعارات تؤدي الى استباحتها، على طريقة تحرك الطلاب أخيراً، فبقدر ما نحافظ على مستواها الأكاديمي، وقدراتها البحثية، نفتح الطريق للفقراء كي يحصّلوا تعليماً نوعياً وليس الحصول على مجرد شهادة. لكن أيضاً الجامعة للطبقة المتوسطة التي تبحث عن تعليم نوعي، ولا بأس اذا كانت أيضاً جامعة للأغنياء، طالما أن وظيفتها أكاديمية منفتحة على التطور وكل جديد في عالم التربية والتعليم والتكنولوجيا.
بتنا نخاف على الجامعة، على رغم الطاقات الموجودة فيها والحريصة على استمرارها واحة للتعليم العالي، من شعارات جوفاء، تستعاد عند كل منعطف، لتدفعها الى وضع متضخم في طلابها وفي كادرها التعليمي، من دون تدقيق أو معايير أكاديمية واضحة وشفافة. وإذا كان من يحمي الجامعة فعلاً هم الطلاب، لكن واقعها الراهن ينذر، اذا استمر النظر اليها ساحة للمنافع والتقاسم والمحاصصة، في ان تتحول الى جامعة فاقدة لمقوماتها الاكاديمية، لا مكان فيها للفقراء الساعين الى العلم، بل مرتع للعابثين!


[email protected] / Twitter: @ ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم