الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

لبنان في مرآة اللبنانيين

هنري زغيب
A+ A-

بعد غد الاثنين: أول ايلول، يأخذنا الى يوم جلس الجنرال غورو على درج قصر الصنوبر (أول أيلول 1920) عن يمينه البطريرك الماروني الياس الحويك، عن يساره مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، وحولهم شخصيات من العائلات الروحية اللبنانية، وألقى خطبة جاء فيها: "باسم الحكومة الفرنسية أعلن لبنان الكبير من النهر الكبير الى أبواب فلسطين وقمم لبنان الشرقية.. إن جنود فرنسا يكفلون استقلالكم، فلا تنسوا أن دم فرنسا الغالي سال لأجل الاستقلال. لتحي فرنسا، ليحي لبنان الكبير".
كانت تلك ثمرة سفر البطريرك الحويك، باسم الطوائف اللبنانية، الى "مؤتمر السلام" في فرساي (عام 1919) يطالب بانتداب فرنسا لحماية لبنان، ولم يكن اللبنانيون نسوا أن الخوري الماروني يوسف الحويك على حبل المشنقة (تموز 1915 مع الاخوين المارونيين فيليب وفريد الخازن) صرخ ثلاثا: "لتحيَ فرنسا".
بعدها "قدمت لنا فرنسا دستور 1926 وأدارته طيلة مدة انتدابها شعبنا ووطننا، ما حفز الجنرال ديغول، في خطابه الشهير (بيروت – 27 تموز 1941) ان يقول في اعتداد: "اللبنانيون لهم في العالم الشعب الوحيد الذي لم يتوقف قلبه عن النبض على ايقاع قلب فرنسا".
أعود قرونا الى الوراء، الى العام 1250، وأراجع رسالة الملك لويس التاسع ("القديس لويس" قائد الحملة الصلييبة السابعة) الى حاكم لبنان يومها يشكره فيها على مساعدة الموارنة اياه، وفيها: "نحن على يقين بأن الامة المارونية جزء من الامة الفرنسية لأن محبتهم الفرنسيين تشبه تماما محبة الفرنسيين في ما بينهم، لذا نرى من العدل ان تتمتعوا بالحماية الفرنسية ذاتها التي يتمتع بها الفرنسيون في فرنسا".
هذا الخنوع الرخو لفرنسا كان في بال قادة لبنانيين وطنيين انتفضوا على سلطة الانتداب ودستورها الذي "قدمته" لنا فوضعوا دستورا لبنانيا رفضته فرنسا واعتقلت (في 11 تشرين الثاني 1943) رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح، وعادل عسيران وكميل شمعون وعبد الحميد كرامي وسليم تقلا، وسجنتهم في قلعة راشيا، فانفجرت في الشعب ثورة غضب على الفرنسيين أدت الى تحرير القادة في 22 تشرين الثاني ليكون هذا حقا "يوم الاستقلال" ولبننة الحكم والخلاص من انتظار قرارات الخارج.
بهذا الاستقلال وحده فلنحتفل، لا باليد التي "أهدتنا" في أول ايلول "لبنان الكبير" بقفاز: ظاهره حرير وباطنه مرير.
فلنكف عن النظر الى وطننا في مرآة الدول.
وليكن الاول من أيلول عبرة فقط، للمحافظة على هذا الـ"لبنان الكبير" كما نراه نحن ونريده، لا كما يخطط له ولنا الآخرون.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم