الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

آلام ريتا مع المسيح

المصدر: -"النهار"
نيكول طعمة
A+ A-

قد تعجز الكلمات التي نقرأها في أسبوع آلام السيد المسيح عن وصف حالة إنسانية مثقلة بالعذاب وهي التي أدركت مأساتها مذ فتحت عينيها على الحياة. تعتب على قدرٍ سلب أحلامها وأسكنها سرير الأوجاع رغم صبرها وإيمانها. تسأل: "لماذا سخر مني القدر إلى هذه الدرجة وشاء أن يكون ضدي؟"، إنه أحد الأسئلة الكثيرة التي تراود الشابة ريتا ادوار حجار (38 عاماً) المصابة بشلل دماغي منذ طفولتها، لكنها لم تعرف الإستسلام يوماً، بل تواصل جهادها للإنتصار على إعاقتها عبر إيمانها القوي بالله وعجائبه.


تروي ريتا لـ "النهار" التي زارتها في منزلها في منطقة الدورة، انها ترعرعت في عائلة متواضعة، "رغم إصابتي بالشلل الدماغي تمكنت وأنا صغيرة من السير على قدميّ وإن لمسافات محدودة". أنهت المرحلة الإبتدائية من دراستها في مدرسة "سيدة السلام" في الدورة، "غير أن حالتي الصحية ساءت مع بلوغي العاشرة وبتّ أسيرة الفراش في غرفة صغيرة لعدم وجود مصعد في المبنى الذي نقطن في طبقته الثالثة، وبالكاد أستطيع التنقل داخل المنزل بواسطة "الووكر" للوصول إلى الحمام بسبب ضيق مساحة البيت الذي يتألف من غرفتين فقط".
أكدت إيمانها القوي بالله على رغم دموعها المنهمرة، فكانت صادقة وسط عذابها، قوية رغم ضعفها، متعالية على فقرها والحرمان من العيش الكريم بحدّه الأدنى.
تفاقمت مأساة ريتا أخيراً مع إصابة والدها الذي ناهز السبعين عاماً، بجلطة دماغية قبل ستة أشهر، وخضع لعملية جراحية أجبرته على ترك عمله وملازمة البيت. وتعاني والدتها جورجيت من مشكلات صحية منها السكري، ارتفاع ضغط الدم وضعف في البصر، وجميعهم يحتاجون الى أدوية مزمنة يتوافر بعضها أحيانا ويستحيل تأمين بعضها الآخر، لا سيّما أن العائلة من دون ضمان صحي وليس لديها أي تغطية صحية، باستثناء أن ريتا تحمل بطاقة المعوقين التي لا تفيد منها شيئاً. لا أحد يُصدق أن العائلة بالكاد تسد رمقها في كثير من الأحيان. وتقول: "نتلقى بعض الحصص الغذائية من "كاريتاس" أو من أشخاص خيّرين يلتفتون إلينا في الأعياد ولولاهم لكنا متنا جوعاً"، وثمة صديقات من رعية مار يوسف يزرن ريتا ويسألن عنها.
ضاقت ريتا ذرعاً بالعيش الهامشي في جدران بيت استأجره والدها قبل 40 عاماً، وتقلق باستمرار من أن تُرمى في الشارع بعد رحيل والديها أطال الله عمرهما: "حلمي أن أستقر في مؤسسة إجتماعية تؤمن لي الحد الأدنى من الحياة الكريمة مع شابات مثلي". وذكرت في هذا الإطار أنها سعت إلى دخول بعض المؤسسات التي تُعنى بشؤون ذوي الحاجات الخاصة لكنها فشلت لغياب الإمكانات المادية لديها. وها هي تردد بغصة: "لم أعش طفولتي ولا شبابي، لم أعرف سوى الإذلال والفقر والحرمان"!
تشعر ريتا في اسبوع الآلام أن عذابها طويل وهي لا تزال تصارع مع عذابات المسيح "الذي صلب مرة على الصليب فيما أنا أًصلب كل يوم مرات".
ويسألُ والدها: "كيف يمكن أن يرتاح لي بال بعد أن أفارق وأمها الحياة ونطمئن إلى مصير ريتا بوجود دولة لا تؤمن لذوي الحاجات الخاصة سوى الوعود في تطبيق القوانين التي تنظّم الحاجات الأساسية والخدمات"؟.
"اعتمادي على الرب كبير، وسيأتي الحل يوماً من خلاله"، تقول. إنها صامدة ومثابرة بفضل هذا الإيمان رغم معاناتها اليومية، فهل يتحقق حلمها من خلال جمعية من الجمعيات المتخصصة تنتشلها من نفق مظلم؟ إنها تصلي...



[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم