الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

دمار شامل في مستشفى الوردية ووعد بالنهوض من تحت الركام

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
دمار شامل في مستشفى الوردية ووعد بالنهوض من تحت الركام
دمار شامل في مستشفى الوردية ووعد بالنهوض من تحت الركام
A+ A-

لا تشبه الليلة التي شهد فيها اللبنانيون انفجار مرفأ بيروت أياً من الأحداث التي مرت عليهم سابقاً، على الرغم من صعوبة الكثير منها. وبالنسبة إلى القيّمات على مستشفى الوردية المقابل لمرفأ بيروت والذي تضرر بالكامل وتوقف العمل فيه، تخبر الدموع ما قد تعجز الكلمات عن التعبير عنه وتنقل لوعة ما حصل في تلك الليلة التي فقدن فيها فرداً من العائلة في القسم التمريضي.تتذكر رئيسة المستشفى الأخت نيقولا العقيقي تلك الليلة وهي لا تزال تحت أثر الصدمة لمرارة اللحظات التي عاشها كل من كان موجوداً في المستشفى. تتألم لما لحق بالمستشفى من أضرار شاملة ما منع الاستمرار في استقبال المرضى والعمل. في الوقت نفسه، تشكر سيدة الوردية التي أنقذت كل هذه الأرواح التي كانت موجوة حينها من مرضى وعاملين فيها، وإن كانت الحسرة في قلبها على فقدان الممرضة جاكلين جبرين التي كانت المعيلة الوحيدة لوالدتها وقد توفيت في اللحظة نفسها ولم تنجح محاولات كافة الأطباء لإنقاذها. فتسببت قوة الإنفجار برميها نحو الحائط حيث ارتطم رأسها وتوفيت، بعد أن كانت تنظر من النافذة إلى المشهد خارجاً.أضرار شاملة لم توفّر طابقاً

في مساء 4 آب الذي يصعب أن يمحا من ذاكرة كل من عانى من هول ما حصل، دمّر مستشفى الوردية بالكامل بكافة الطوابق والأقسام دماراً شاملاً، كما توضح الأخت العقيقي ما أدى إلى توقف العمل فيه. "على الرغم من هول ما حصل، أنقذت العناية الإلهية وسيدة الوردية كل فرد من الهلاك. فكأن الرب كان ينتشل كل فرد من الطاقم الطبي والممرضين والمرضى والزوار وكافة الموجودين في المستشفى من أي مكان يمكن التضرر فيه. كانت الاضرار الجسدية بسيطة لا تذكر لبعض الممرضات والراهبات، باستثناء وفاة الممرضة جبرين رحمها الله. مستشفى الوردية سيقوم من تحت الركام ويعود إلى العمل من قلب المنطقة من أجل رسالة إنسانية وستستمر سيدة الوردية في حماية الجميع".

من يرى الدمار الشامل في المستشفى لا يتصور أن الإصابات بين الموجودين فيه يمكن أن تكون بسيطة رغم أن المستشفى كاملاً دمّر في أقسام الجراحة والطوارئ والعناية والمختبر وطابق معالجة السرطان وغيرها.وصحيح أن المستشفى لم يعد قادراً على الاستمرار في استقبال المرضى بعد الدمار الذي لحق فيه، لكن في الليلة ذاتها اصر القيمون عليه والطاقم الطبي على الاستمرار بالرسالة الإنسانية التي لا يمكن التخلي عنها مهما كانت الكارثة كبيرة والصدمة المرافقة لها. فعلى الرغم من قساوة اللحظات التي مروا بها والإصابات الجسدية التي تعرضوا لها والوقع النفسي للكارثة عليهم، استمر الكل في رعاية المصابين واستقبالهم بأعداد كبيرة لاعتبار أن المستشفى على مقربة من موقع الإنفجار وفي المنطقة الأكثر تضرراً، لمعالجتهم وتضميد جروحاتهم لوقف النزف وتقديم الإسعافات الأولية اللازمة، على ضوء الهواتف وفي برك الدم كما تصف الأخت العقيقي، وبما لا يذكر من إمكانات. فتذكر تلك الليلة المرعبة التي مرّت على الكل وما تتخللها من مشاهد قاسية يصعب نسيانها. كان التعاطف والوعي سائدين وتغلّبا على الاستسلام واليأس اللذين يمكن المرور بهما في مثل هذه الأوقات الصعبة. قدّمت الرعاية والإسعافات للمصابين كافة، فيما تناسى الكل إصاباته. حتى أن الراهبات اضطررن إلى النوم خارجاً في تلك الليلة لعدم قدرتهن على النوم في داخل المستشفى، وهذا بعد أن عملن على تقديم المساعدة اللازمة.أما بالنسبة إلى المرضى الذين كانوا موجودين في المستشفى فلم يكن هناك إلا 25 منهم وكان قد خرج 22 مريضاً في اليوم نفسه. لكن لم يتضرر اياً من الـ25 مريضاً الموجودين فقد هرع أفراد الطاقم التمريضي والطبي لمساعدة كل منهم وانتشالهم من أسرتهم حتى لا يتأذوا. وقد نقلوا كلّهم من خلال درج الطوارئ وأمنت لهم سيارة إسعاف لنقلهم إلى منازلهم أو إلى مستشفيات أخرى.

حتى أن طفلاً كان قد ولد قبل ساعة من الإنفجار لكن لم يتعرض لأي سوء بعد أن سارعت إحدى الممرضات إلى إنقاذه وأخذته إلى صيدلية مجاورة حيث اشترت له الحليب والقنينة لإرضاعه وكانت تنوي اصطحابه إلى منزلها ليستحم أثناء تواصلها مع والده، فيما كانت والدته في المستشفى. إلا أن والده وصل واصطحبه معه بعد ساعات.إعمار على قدر الإمكانات

ابتدءاً من بداية الأسبوع الذي تلا الانفجار بدأت عمليات الترميم في الأقسام القابلة لذلك وذلك بفضل أصحاب الايادي البيضاء الذي تذكرهم الأخت العقيقي بالخير سواء عبر وسائل الإعلام أو من أفراد، فكلّهم وعدوا بتقديم المساعدات للمستشفى. كما تذكر دولة الكويت التي كانت من أولى الدول التي سارعت لتقديم المساعدة فوعدت بالمساهمة في ترميم طبقتين في المستشفى. كما قدمت الحصص الغذائية للعاملين في المستشفى ومساعدات ومنها من خلال الهلال الأحمر وغيره من المتبرعين من الكويت.

وفيما تستمر أعمال الترميم على قدر الإمكانات، أعلنت مستشفى الوردية الواقعة في قلب منطقة الجميزة المتضررة بالكاملة جراء الانفجار، بأنها ستعود لاستقبال مرضى سرطان ليتلقوا العلاج الكيميائي ابتداءً من يوم الاثنين المقبل في 24 آب 2020


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم