الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

حكمٌ غيابيٌّ بحقِّ... حاضِر

سجعان قزي
سجعان قزي
Bookmark
حكمٌ غيابيٌّ بحقِّ... حاضِر
حكمٌ غيابيٌّ بحقِّ... حاضِر
A+ A-
بعدما أنهَت فرنسا إحصاءَ عددِ العملاءِ الفرنسيّين إبّانَ الاحتلالِ الألماني (1940 ـــ 1945)، نَشرَ تفاصيلَها الكاتبُ دومينيك لورمييه Dominique Lormier، المتخصِّصُ في تلك الحقبة. أَحصى لورمييه مئةَ ألفِ عميلٍ سُجنَ منهم 95 ألفًا وأُعدِم 791 عميلًا. ولم تُسمَح لأيٍّ منهم المشاركةُ في الحياةِ السياسةِ بعد تحريرِ فرنسا. للعملاءِ مرحلةٌ وللأحرارِ الزمان. الأمرُ ذاتُه حَصل في ألمانيا وإيطاليا. هكذا تتصرّفُ الشعوبُ الممتلئةُ كرامة. تُكافِئ الأحرارَ وتُعاقِبُ العملاء. وإنْ صَفحَت عن بعضِهم إنسانيًّا، فلا تَضعُهم في الصدارة. لا يَعودون نوّابا ولا وزراءَ ولا رؤساءَ ولا إلخ... يعيشون في إقامةِ تأنيبِ الضمير.سعيدةٌ تلك الشعوبُ أنْ تُميّزَ بين حلفائِها وأعدائِها ووطنيِّيها وعملائِها. في لبنانَ تَختلِطُ العلاقات: عدوُّ مكوِّنٍ حليفُ مكوِّنٍ آخَر. وتَختلِط المعاييرُ: العميلُ لدى مكوِّنٍ وطنيٌّ لدى مكوِّنٍ آخَر. ولا شعورَ بالذَنب. عَرَف لبنانُ المتعامِلَ مع الاحتلالِ، والمتعاوِنَ، ومُجنِّدَ العملاءِ، "والعميلَ الاختياريَّ"، "والعميلَ المسيَّر". وإذ يجدُ البعضُ أسبابًا تخفيفيّةً للّذين يَسقُطون في العمالةِ أثناءَ الاحتلال، فلا تَفهُّمَ للّذين يَختارون العمالةَ بعدَ انسحابِ الـمُحتَلّ. العَطبُ ليس في الأعداءِ وهُم كُثرٌ، ولا في الحلفاءِ وهُم قليلون، بل في ذاتِنا: بُنيةُ لبنان تَجعلنا أعداءَ بغضِنا بعضًا بالانتماءِ، وعملاءَ الأجنبيِّ بالولاء. ومَن عادى نفسَه عاداه الجميع وفَقدَ الاحترام.بعد انتهاءِ الحربِ وانسحابِ الاحتلالِ وانبثاقِ الأنظمةِ الجديدة، بَنت أوروبا دولهَا ووَجَّهتْها نحو المستقبل. لم يَتّهم أيُّ نظامٍ أوروبيٍّ جديدٍ النظامَ السابقَ والمسؤولين السابقين والسنواتِ السابقة بعرقلةِ...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم