الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

اختي و.. أنا في عهد كورونا

المصدر: النهار
ابراهيم سمو -المانيا
اختي و.. أنا في عهد كورونا
اختي و.. أنا في عهد كورونا
A+ A-

أخواتي فرضن الحجر عليّ..أنا يُحجَر عليّ!..ألست أكبرهن؟.

كبر رفض في أعماقي: ربييييييي..إلهي!. شهقت بعمق، ثم نفخت بعد ثوانٍ رئتي من الهواء كله، كررت العملية غير مرة، لكن ثائرتي لم تبترد.

2

هنالك من يتجسس عليّ؛ على تحركاتي و..سكناتي كلها، ينبغي ألا أسكت!.

3

تلفتّت أمام الـ"سوبر ماركت"، مثل لص ذات اليمين والشمال، كدت أدخل، لكن التلفون وقْوَقَ من هلعه في جيبي، تناولتُ الهويتف الصغير مضطرباً، دون أن أدقق في هوية المتصل... تمتمتُ أتحشرج: ألو!.

ـ أين أنت الآن؟

ـ أنا!. تأتأتُ مثل أبكم: أنا.. أنا. غير أن المتصل أسكتني: عد إلى البيت..عد حالاً..إيّاك أن تدخل المحل!. ارتعدتُ مغمغماً: هل لديكم أبراج مراقبة.. يا الله على هذا الفيروس الداعشي وشقندحياته!. درتُ إلى الوراء مهزوماً... طفقتُّ أكفر، بملائكة هذا الطاعون الأهبل ورب دينه.

ثم.. وبعد خطوات من انكساري ليس إلا، تراقص التليفون، يجعجع مرة أخرى بين يدي، تفحصت اسم المتصل هذه المرة: أنتِ ثانية!. سخطتُ على الجهاز الشقي: ورب هذا الطاعون الطائش لن أردّ... والله لن (...).

ـ وتُقسِم أيضاً... أيها الفرّار!. باغتني وأنا أزفر الصوت النسوي ذاته من الخلف، فاختل من الجذبة عقلي: بسم الله الرحمن الرحيم.. هل خرجتِ من قمقم "الخليوي" كمارد!.

ـ بلى.. أنا مارد.. وأُلاحقكَ هذه الأيام أينما تذهب.

الصوت ـ تعرفته من نبرته ـ صوت أختي.

هبتْ وأنا استدير إلى حيث هي، تشعل غضبي، بيد أني لم أستجب و.. هادنتُ: يا بنت الحلال؟.

ـ لأتجاوز الخطوط الحمر.. التسوق و.. الـ "سوبر ماركت"، حتى انقضاء أزمة كورونا من صميم اختصاصي أنا!.

ضبطتُ قهقهتها الساخرة و.. أساريرها تتفتح، فانفلقتُ؛ لم أملك إلا أن أهيج ملء حنجرتي: هذا احتكار... احتكارررر!.

ثرت في وجه "عنتريات" تفرضها أختي، لكن قلبي من الداخل ـ أقول الحق ـ خفق؛ بمعنى رق يجلل عظمة تضحياتها.

ـ أليستْ تغامر بروحها، تتحدى الفيروس "المُحيوَّن" وتخرج من أجلنا؛ أنا وأخوتي وأولادي وأبواي!. امتلكني هذا الهاجس، فابتسمتُ... هي كذلك تبسّمتْ.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم