زيارة سنوية لأميركا تختلف عن الزيارات السابقة

رحلتي السنوية الى الولايات المتحدة التي بدأت قبل نحو عقدين ونصف عقد وربما أكثر اختلفت هذه المرة كثيراً عن سابقاتها، بسبب انتشار "فيروس الكورونا" فيها انطلاقاً من ولاية واشنطن وامتداداً الى ولايات عدّة، كما بسبب اختلاف الظروف في داخلها. وهذا ما سأشرحه بواقعية وموضوعية ترافقهما تفاصيل توحي ربما بتغيير ما داخلها يتحدث عنه متعاطو الشؤون العامة في الإدارة ومراكز الأبحاث ووسائل الاعلام، ويسهب في شرحه موظفون سابقون كبار كانت لهم صولات وجولات دولية في أثناء خدمتهم، ولا يزالون يتابعون أوضاع بلادهم ودورها في العالم وطريقة تعاطيها مع مشكلاته الخطيرة والكثيرة في آن واحد. ويستوي في ذلك المنتمون الى الحزبين الأكبر في البلاد الجمهوري والديموقراطي والمستقلون على أنواعهم. فـ" الكورونا" منعني خلال هذه المرحلة القيام بالزيارة الدورية لنيويورك "عاصمة العالم" كما يسميها كثيرون التي كانت مقررة يوم الأحد الماضي. وهي لم تكن ستختلف عن سابقاتها في الأعوام الماضية من حيث الأهمية. إذ كانت ستفسح لي مجال التواصل المباشر مع ديبلوماسيين يمثلون دولهم المهمة اقليمية ودولياً في الأمم المتحدة، والتداول كما التحاور في شؤون المنطقة والعالم. كما أنها كانت ستمكنّني من الاطلاع من المسؤول الأول لأكبر تجمع للمنظمات اليهودية الأميركية في العالم على رؤيتها للصراع العربي – الاسرائيلي في ضوء التطور الأخير المستجد وهو "صفقة القرن"، التي أعلنها رئيس أميركا دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قبل بدء رحلتي الأميركية بمدة غير طويلة. لكن انتشار "الكورونا" وجدّية "الادارات الولاياتية" اذا جاز التعبير في مواجهته التي سبقت جدية الادارة الفيديرالية، وشعور الناس بالخطر والمسؤولية و"اعتيادهم" تنفيذ القوانين والقرارات حفاظاً على سلامتهم وإن دعتهم الى العمل من المنازل وتلافي التجمعات واقفال المدارس و... لكن ذلك كله ألغى المواعيد التي كنت حصلت عليها والأخرى التي كانت ستحدّد قبل ساعات من ذهابي...