الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - موقع الطائفية في المجتمع اللبناني

المصدر: أرشيف "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - موقع الطائفية في المجتمع اللبناني
أرشيف "النهار" - موقع الطائفية في المجتمع اللبناني
A+ A-
نستعيد في #نهار_من_الأرشيف مقالاً كتبه محمد السماك في "النهار" بتاريخ 2 تشرين الثاني 1995، حمل عنوان "موقع الطائفية في المجتمع اللبناني".ثمة امور قد تبدو عادية في بنية المجتمع اللبناني. غير ان دراسة هذه الامور عن كثب، تطرح علامات استفهام كبيرة حول اذا كانت صيغة العيش المشترك التي تشكل العمود الفقري للوجود اللبناني ولرسالته الى العالم، في مأمن من النتائج التي لا بد ان تترتب مستقبلا اذا استمرت هذه الامور على ما هي عليه الآن. فالخلاف حول توحيد الجامعة اللبنانية ليس سوى مظهر واحد من قضية بالغة التعقيد والدقة. ذلك ان كل فرع من فروع الجامعة يحمل طابع المنطقة التي أُنشئ فيها، طائفيا ومذهبيا واجتماعيا وحتى ثقافيا. وسواء اعتمد شعار "التوحيد من دون تجميع" او شعار "المركزية في حرم واحد (الشويفات)"، فان التباينات الواسعة بين هذه الفروع تعكس في جوهرها التمايزات التي قامت عليها الجامعات العديدة في لبنان، من جامعة الكسليك - المارونية، مرورا بجامعة البلمند - الارثوذكسية - وانتهاءً بجامعة بيروت الاسلامية التي اعلن عن انشائها سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى. البنية التحتية لهذه الجامعات وهي المدارس الثانوية والابتدائية (وحتى دور الحضانة) تقوم اساسا وفي الدرجة الاولى على قاعدة التباينات الطائفية والمذهبية في المناطق اللبنانية المختلفة: - من مدارس المقاصد الاسلامية الى المدارس الكاثوليكية، والانجيلية، والارثوذكسية الى آخره. فالمدارس الاسلامية تكاد لا تعرف طالبا مسيحيا واحدا. اما المدارس المسيحية فان نسبة الطلاب المسلمين فيها تكاد لا تذكر (الا استثناء). يزيد الامر تعقيدا ثلاثة امور جوهرية: الامر الاول: انكفاء المدارس الرسمية وتعثر عملية تطويرها وتأهيلها، حتى تتمكن من منافسة المدارس الاخرى في استقطاب اكبر عدد من الطلاب اللبنانيين. الامر الثاني: عجز الدولة حتى الآن عن ابتداع صيغة توفّق بين حرية التعليم التي نص عليها الدستور وتوحيد البرامج التعليمية في المدارس المختلفة. الامر الثالث: عدم توافر الجرأة السياسية الكافية لتطبيق ما ورد في اتفاق الطائف لجهة وضع كتاب معتمد حول التربية الوطنية وتوحيد كتاب التاريخ. فلا يزال البطل هنا يُصوَّر مجرما هناك، الامر الذي يحول دون ردم الهوة الثقافية الوطنية بين ابناء جيل ما بعد الحرب في لبنان. لا شك في ان ثمة امورا عدة اخرى تزيد هذه الهوة اتساعا. فالمؤسسات الشبابية من جمعيات كشفية واندية رياضية تقوم ايضا على قاعدة طائفية. فهناك الكشاف المسلم والكشاف المسيحي، كما ان هناك الكشاف الدرزي، والكشاف الارثوذكسي الخ... ولا تعرف سوى محاولات محدودة جدا وخجولة لاقامة مخيمات مشتركة تجمع ابناء الجيل الواحد الذين باعدت بينهم الحواجز الامنية - والنفسية - التي استمرت اكثر من عقد ونصف العقد من الزمن!... يتمثّل الوجه الآخر لهذا الواقع المؤلم في الطابع الطائفي ايضا للعديد - بل لمعظم - الاندية الرياضية بمختلف اختصاصاتها. ويكفي ان يُذكر اسم ناد ما حتى تتحدد في الذهن الطائفة التي يمثلها سواء كان ذلك في ميدان كرة القدم، او كرة السلة، او المصارعة، او السباحة او غيرها من النشاطات الرياضية الاخرى. والتنافس الرياضي سرعان ما يتحول تنافسا طائفيا، يعكسه سلوك الجمهور المتفرج في الملاعب. ذلك ان انتصار فريق ما او هزيمته، يصوَّر كأنه انتصار لطائفة الفريق او هزيمة لها. وهو امر يعمّق من الهوة في المجتمع الاهلي التي لا بد من ردمها من اجل اقامة صرح وطني مشترك. وتكاد مؤسسات الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي (درك- شرطة - امن عام) تكون المؤسسات الوحيدة التي يتم فيها الاختلاط...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم