الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

المرشحون الديموقراطيون استنزف بعضهم بعضاً ووجهوا ضربات محدودة لترامب

المصدر: "النهار"
هشام ملحم
هشام ملحم
المرشحون الديموقراطيون استنزف بعضهم بعضاً ووجهوا ضربات محدودة لترامب
المرشحون الديموقراطيون استنزف بعضهم بعضاً ووجهوا ضربات محدودة لترامب
A+ A-

وجد نائب الرئيس السابق جوزف بايدن نفسه معرضاً للانتقادات والهجمات من زملائه المرشحين الديموقراطيين في الليلة الثانية من المناظرة الثانية، الذين انتقدوا سجله الطويل كعضو في مجلس الشيوخ وكنائب للرئيس باراك أوباما، ونبشوا بعض مواقفه المثيرة للجدل أو التي ثبت فشلها. ولكن بعكس المناظرة الأولى في حزيران، دافع بايدن عن نفسه بجدارة أكبر، ولكنه لم يسيطر على المسرح، ولم يوجه أي لكمات قاضية لمنافسيه التسعة. ولم تخيب المناظرة توقعات العديد من المحللين الذين قالوا إنها ستشهد تراشقاً حامياً بين بايدن والسناتور كامالا هاريس مماثلاً للمواجهة الاولى بينهما في حزيران. وبينما أبرزت الليلة الاولى مساء الثلثاء بين 10 مرشحين الاستقطابات الايديولوجية بين "التقدميين" و "المعتدلين"، اتسمت مناظرة الليلة الثانية بالهجمات والهجمات المضادة في معركة استنزاف بين 10 مرشحين يريدون اقتلاع الرئيس دونالد ترامب من البيت الابيض وحرمانه من ولاية ثانية. الخلافات بين بايدن ومنتقديه الكثر تمحورت حول برامج الضمان الصحي، والهجرة، وإصلاح الأنظمة الجنائية والتجارة الدولية والنزاعات العسكرية التي تورطت فيها الولايات المتحدة منذ بداية القرن الحادي والعشرين. وفي أكثر من مناسبة تعاونت السناتور كامالا هاريس، مع السناتور كوري بوكر، والاثنان من اصل افريقي، في "محاكمة" بايدن واستجوابه بشأن مواقفه السابقة التي حفلت بالتناقضات، او التي تخطاها الزمن.


وبعد يومين من النقاش الايديولوجي والسياسي، والانتقادات الشخصية، التي شارك فيها 20 مرشحاً، بدا واضحاً الى اي مدى تقدم الحزب الديموقراطي في مسيرته اليسارية، وكم تغير الحزب بتأثير قاعدته الشابة في السنوات الماضية. وبدا هذا التغيير لافتاً في استعداد بعض المرشحين لإبعاد أنفسهم حتى عن سياسات آخر رئيس ديموقراطي غادر البيت الابيض قبل اقل من ثلاث سنوات. بعض المرشحين أبعدوا أنفسهم بمسافة كبيرة عن سياسات الرئيس اوباما المتعلقة بالضمان الصحي والهجرة والتي اعتبروا انها غير تقدمية او غير عادلة بما فيه الكفاية. كما أبرزت المناظرة مدى عمق الخلافات بين المرشحين المتقدمين في السن، وبين المرشحين الشباب. وجرت المناظرة التي نظمتها وأدارتها شبكة التلفزيون "سي أن أن" في مدينة ديترويت بولاية ميتشغان الهامة، والتي فاز فيها الرئيس ترامب في 2016، والتي يريد الديموقراطيون استردادها في 2020.


جاء بايدن الى المناظرة متحمساً لإطلاق سهامه ضد هاريس حين شن هجوماً استباقياً ضدها مستهدفاً برنامجها الجديد للضمان الصحي الذي قال إنه مكلف للغاية وتنفيذه بشكل كامل سيستغرق 10 سنوات، وسوف يحرم الناخبين من حرية اختيار ضمان صحي خاص. وكانت هاريس قد اتخذت بعض المواقف المتناقضة بهذا الشأن قبل برنامجها الاخير، وهذا ما ركز عليه بايدن، حين قال إن طروحاتها لا معنى لها، مضيفاً "دعوني أكون فظاً ومباشراً للغاية: أنت لا تستطيعين هزيمة الرئيس ترامب باستخدام الكلام الخادع". ووضع بايدن السناتور هاريس في موقع دفاعي وهي تدافع عن خطة مستوحاة من المرشح بيرني ساندرز، واتهمت بايدن بأن برنامجه الصحي سوف يستثني 10 ملايين أميركي على الاقل. السجال الحاد هذا جاء بعد دقائق من مصافحة بايدن لهاريس حين اقترب منها وهمس مبتسماً "ارحميني يا بنت".

اللافت هو أن السناتور هاريس، تعرضت هذه المرة الى انتقاد قوي ومفاجئ من النائبة الشابة تلسي غابارد، التي خدمت كعسكرية في العراق والتي انتقدت بقوة سجل هاريس كمدعي عام ولاية كاليفورنيا لأنها كانت قاسية في أحكامها ضد المتهمين "الذين عانوا تحت سيطرتك، وانت مدينة لهم بالاعتذار".


وبعد جولته مع هاريس، دخل بايدن في ملاكمة جانبية مع السناتور بوكر الذي انتقد بايدن بشدة لمساهمته في صياغة قانون لفرض عقوبات متشددة ضد المجرمين في 1994، وساهم في إلحاق أضرار كبيرة بالسجناء من أصل افريقي، وانعكس سلباً على هذه الاقلية. ورد بايدن بنبش سجل بوكر عندما كان رئيس بلدية مدينة نيوآرك واتهمه بالإخفاق في مكافحة فساد شرطتها. وفي هذا السياق تدخلت كامالا هاريس لمساعدة كوري بوكر ضد بايدن. الجدال حول الضمان الصحي والهجرة كان واسعاً ومليئاً بالتفاصيل التقنية مما دفع بعض المرشحين الى تذكير زملائهم بأن الرئيس ترامب والجمهوريين يريدون حرمان الاميركيين من أي ضمان صحي فعّال.


وحين كان السجال حامياً بين بايدن ومنافسيه هاريس وبوكر حول قوانين وافق عليها بايدن قبل عقود، مثل تلك المتعلقة بدمج التلاميذ البيض والسود، نفد صبر السناتور مايكل بينيت وقال: "نحن نناقش ما فعله بعض الناس قبل خمسين سنة، ولكن مدارسنا اليوم منقسمة كما كانت قبل خمسين سنة". وفي دفاعه عن سجله الاجتماعي والمتعلق بالحقوق المدنية، عاد بايدن الى حجة استخدمها في السابق ليقول إن سجله هو الذي أقنع الرئيس اوباما باختياره نائباً له. وخلال شرحه لقراره في الموافقة على غزو العراق في 2003 حين كان عضوا في مجلس الشيوخ، اعترف بايدن بسرعة أن تصويته كان خطأ، ولكنه استدرك مسرعاً بانه عندما ادرك ان للرئيس جورج بوش الابن اهدافاً اخرى غير البحث عن اسلحة الدمار الشامل، بدأ بمعارضة الحرب بسرعة. ولكن سجل بايدن يظهر انه لم يعارض الحرب في سنواتها الاولى، بل لاحقا.


أداء بايدن في المناظرة الثانية كان افضل من ادائه في المناظرة الاولى، والعكس بالنسبة للسناتور هاريس. أداء السناتور بوكر كان جيداً، وكان للمرشحين الاخرين لحظاتهم الجيدة. ولكن بعد أكثر من ساعتين من النقاش والانتقادات والسجالات الحامية احياناً، بدا ان بعض المرشحين قد دحضوا طروحات بعضهم البعض، وحققوا بعض النقاط لصالحهم، ولكنهم لم يوضحوا للناخبين، كيف سيفوز مرشح الحزب الديموقراطي ضد الرئيس ترامب في 2020. جوزف بايدن جاء الى المناظرة، وهو المتقدم على منافسيه في جميع استطلاعات الرأي. ويعتقد انه غادر قاعة المناظرة محافظاً على مكانته المتقدمة. المناظرة، من هذا المنظور لم تغير بشكل جذري من التوازنات بين المرشحين البارزين بانتظار الجولة الثالثة في الثاني عشر من ايلول المقبل في مدينة هيوستن، بولاية تكساس.


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم