الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

بعد الكلام الأخير لنصرالله... هل من مجال لغير قانون النسبية؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
A+ A-

هل قطع كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله اول من امس عن ضرورة السير بقانون انتخاب على اساس النسبية الطريق امام الخيارات والافكار الاخرى والتي هي قيد التداول؟


هذا السؤال طرح بجدية كبرى في كل الاوساط المعنية بهذا الموضوع على نحو اعاد الى ذاكرة البعض الاجواء التي سادت الفترة التي سبقت انتخاب العماد ميشال عون رئيسا، خصوصا بعد إيصاد الحزب وحلفائه الطرق امام اي مرشح آخر للرئاسة الاولى وحصره الامر بزعيم "التيار البرتقالي" باعتباره مرشحا وحيدا.
بعض المتابعين تعامل مع الاصرار الذي ابداه أول من امس السيد نصرالله على اعتماد النسبية وكأنه بمثابة الكلمة الفصل التي تجبّ ما قبلها ويصير ما بعدها غير ما قبلها. واكثر من ذلك، فان البعض قارب الموضوع من زاوية ان الابواب الاخرى التي يشاع منذ فترة ان "حزب الله" قد فتحها سعيا للوصول الى تسوية حول قانون يرضي الجميع بلا استثناء، لاسيما بعد مشاركة ممثله في اجتماعات "اللجنة الرباعية"، قد اوصدت من الآن فصاعداً.
ومما عمّق هذا الاعتقاد ان السيد نصرالله تحدث باسهاب عن هذا الموضوع الخلافي الذي يطغى على ما عداه، معلنا، ربما للمرة الاولى بهذا المستوى من الحزم والتفصيل، ان النسبية هي وحدها التي تحفظ الجميع بمن فيهم القوة الاكثر توجساً ومعارضة وهي الحزب التقدمي الاشتراكي.
يضاف الى ذلك ان دعاة اعتماد النسبية اساساً لقانون الانتخاب الجديد، صاروا القوة الاكبر قياسا بالمعارضين، فهم، الى "حزب الله"، "التيار الوطني الحر" وحركة "امل" وحزبا البعث والسوري القومي الاجتماعي وقوى اخرى غير ممثلة في المجلس النيابي ولكن لها قاعدة شعبية مثل الحزب الشيوعي و"حركة الشعب" ومجموعات يسارية وعلمانية.
وفي رأى رئيس مركز بيروت للاحصاء والدراسات عبده سعد، ان النسبية "صارت تستحوذ على اكثرية مريحة في مجلس النواب، وهي تحظى الان بتأييد ما لا يقل عن 73 نائبا".
واذا كان قانون الانتخاب القائم على اساس النسبية يحظى بهذا التأييد الواسع الذي يسمح بامراره في المجلس اذا عرض عليه، فان السؤال المطروح هو: هل بامكان رئيس المجلس نبيه بري وهو احد المتحمسين التاريخيين لاعتماد النسبية ان يمضي في اتجاه الدعوة في وقت غير بعيد الى جلسة عامة للمجلس تخصص لعرض مشروع القانون على التصويت لاقراره وامراره وهو لا يحظى بدعم مكونين وطنيين اساسيين هما الحزب التقدمي الاشتراكي و"تيار المستقبل"، خصوصا ان من شأن ذلك فتح باب التشكيك في ميثاقية اقرار المشروع الجديد؟
الامر ما زال حتى الساعة، وربما الى اجل غير منظور، مدار نقاش وسجال في بعض الاوساط. ففي حين ان ثمة شريحة سياسية تقيم على اعتقاد ان هناك صعوبة تمنع البعض من "المغامرة" في اتجاه شرعنة مثل هذه التجربة واعتمادها اساس اللعبة الديموقراطية في لبنان على نحو قد يفتح افق تطوير هذا النظام وتطويره وإبعاد بعض رموزه التاريخيين، فان ثمة شريحة اخرى تتعامل مع الامر على اساس ان الفرصة متاحة اكثر من اي وقت لاقرار قانون انتخاب يعتمد اسسا وقواعد مختلفة عن كل التجارب والاستحقاقات الديموقراطية السابقة نظرا لبروز اعتبارات ووقائع جديدة كل الجدة، وهي تضافرت وتقاطعت لتصير قوة ضغط لا يستهان بها لمصلحة الدعاة الى التطوير واقرار قانون النسبية، وهي بالتالي تحفزهم على عدم التراجع امام موجة الضغوط المضادة التي يمكن ان تتشكل حاضرا ومستقبلا.
ومع ذلك فان للسيد سعد وجهة مغايرة، فهو من انصار نظرية فحواها انه لم يعد بامكان دعاة قانون النسبية التراجع عما انطلقوا به من جهة، وان رافعي لواء الاعتراض على هذا القانون لم يعد امامهم سوى الصراخ ورفع الصوت عاليا وليس بحوزتهم اوراق قوة تمكنهم من تغيير وجهة سير الامور.
ويرى سعد ان اوراق قوة مؤيدي النسبية متنوعة، ابرزها:
- الموقف الحاسم الاخير للسيد نصرالله الذي اوصد ابواب التكهنات والتأويلات.
- وقبله هناك ورقة قوة وازنة اخرى تتمثل في اصرار رئيس الجمهورية العماد عون المتكرر على ضرورة اقرار النسبية واعلانه الجلي انه لن يسير في انتخابات لا تعتمد قانونا جديدا. وهذا يعني ان دعاة النسبية يمتلكون ورقة قوة دستورية وقانونية من شأنها ان تتغلب على ارادة كل المعارضين بلا استثناء.
- الى ذلك، فان "التيار الوطني الحر" يسير على هدي نهج قوامه تأمين انتخاب اكثر من 52 نائبا مسيحيا بالحد الادنى بأصوات المسيحيين انفسهم، وهذا لن يتحقق الا بقانون على اساس النسبية.
ومع كل هذه الرؤية والمستجدات، فان ثمة مراقبين يدعون الى الانتظار بعض الوقت لان ابواب الاحتمالات المختلفة في هذا الميدان ما زالت مفتوحة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم