الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

الإعلام و"سكوب" الفتنة: صبُّ الزيت على النار!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
الإعلام و"سكوب" الفتنة: صبُّ الزيت على النار!
الإعلام و"سكوب" الفتنة: صبُّ الزيت على النار!
A+ A-

 عن أيّ سبق صحافي تبحث؟ أيّ زيتٍ تصبّه على أيّ نار؟ المحطة بكامل زخمها في طاريا. الجوّ متشنّج فتزيد من تشنّجه. لأيّ جمهور تتوجّه؟ لأي غاضبين وأيّ مغضوب عليهم؟ تستميت للفوز بتصريح معروف حمية بعد هزّة اليوم وإراقة الدم. إنّه السكوب فعلاً. لا يكفي الحصول عليه باتصال في نشرة الظهيرة. لا بدّ من البثّ المباشر. تُرسل راشيل كرم لتباشر بطرح الأسئلة. "ماذا تشعر وماذا ترتدي وأين الدولة؟". حمية على "الجديد" بطل. ستفاخر المحطة بأنّه توعّد بالثأر على منبرها. وبأنه باح لمراسلتها ببعض الاطمئنان الذي دخل قلبه. كأنّ لا جريمة ارتُكبت ولا روح فارقت الحياة. صوّرت "الجديد" المسألة حدثاً عابراً فيما يتوجّب تحمّل المسؤولية. بدا الأمر أشبه بتغطية الانتخابات مثلاً أو أيّ نشاط آخر. وراشيل كرم على الإيقاع عينه، تسأل وتنتظر الأجوبة. لا دهشة. لا استغراب. لا إحساس بأنّ مقتل حسين محمد الحجيري بطلقات نارية متوحّشة ثأر مخيف. ورمي جثته على قبر الشهيد محمد حمية مخيف أكثر. بدت المحطة كمن يقفز فوق جراحات ملتهبة وأوجاع والد أعادوا إليه ابنه جثة. المهم اصطياد "السكوب" والتباهي به. لا شيء أسهل من فتح الهواء مهما قسا الظرف واشتدّت المحنة. ثم ماذا توقّعت المحطة من حمية؟ ماذا أرادت أن تسمع؟ أو أن تُسمع جمهورها؟ ألا تشترط المسؤولية التروّي والعَدّ للعشرة بينما البقاع يتقلّب على بركان والجميع يخشى الحمم؟ "السكوب" أولاً، ويا له من "سكوب" استصراح أب مفجوع يرى الكون أمامه دماء ابنه النازفة وجسده الممزّق وشبابه الضائع من دون ذنب.


كذلك حسين الحجيري لا ذنب له، ولا الجسد الذي تمزّق ولا العمر الذي ضاع. تعالَ وأخبر هذا الاعلام انه يتسرع في اللعب على الأحداث المشتعلة. تعالَ وأخبره بأن يهدّئ من روعه، فما هكذا يكون إعلام الوطن. في لحظات التشنّج والخوف من الغدّ والاستعداد للكفر بمجرّد الوجود في هذا البلد، أتت راشيل كرم تسأل أباً ضاق به الكون فلم يجد أمامه سوى القتل عن قميصه، وكيف صدف أنّه يرتديه نفسه بعدما ارتداه يوم استشهاد محمد، وتسأله عن أحلامه ولياليه الطويلة وعما إذا زاره الشهيد في المنام وطالبه بالثأر(!)، وما هو أساسيٌّ جداً: "هل ارتاح قلبك؟".
كلّ ما نشاهده اليوم امتدادٌ لحرب مستمرة. السؤال مجدداً عن تعاطي الإعلام مع الأزمة. كيف يتلقّفها وهل يتبنّاها؟ لم يعد ثمة أعصاب تتحمّل. صَبّ الزيت على النار ينبغي أن يتوقف. ومن كلّ الجهات. الآن وفوراً.



[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم